بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. 'مهبولة' اشتوكة بركة المغرب الحلقة 51 صدر عدد من مجلة "فوار"(voir) السويسرية للفنون ماي 1988 يتضمن ملفا عن الثقافة المعاصرة بالمغرب. الملف كما جاء في تقديم رئيس تحرير المجلة يعطي أكثر من صورة عن المغرب، ويكشف أن كل ما كنا نعتقد معرفته عن هذا البلد يمكن أن يوضع موضع تساؤل، ولا شك أن هذا الملف سيمكن المهتمين والمختصين على حد سواء من التعرف، ليس فقط على كتاب وفنانين تشكيليين، بل ايضا سيمكنهم من التعرف على المسرح والسينما في طور التكوين. وشمل الملف مجموعة من الحوارات التي أجريت مع فنانين تشكيليين ورجال الأدب والفلسفة والمسرح والسينما. وهكذا نقرأ ضمن هذا الملف حوارا مع الفنانة التشكيلية الشعيبية، التي تناولت في معرض إجاباتها عن مختلف الأسئلة التي طرحت عليها تجربتها الفنية والمراحل التي قطعتها، مؤكدة أن تجربتها لا تتسم بالتلقائية، ولا علاقة لها البتة بالفن الساذج، كما يزعم البعض، وخلصت إلى أنها تعشق الفن لأنه يحبل بالحياة. بهذا الأفق الجمالي تكشف المجلة في حديثها، أيضا، مع الفنانة العصامية ذات اللوحات المثيرة، أن المبدعة الشعيبية صاغت عالمها بنفسها من دون معرفة مسبقة بالحركات التشكيلية الحديثة، ومن هنا موقعها المتفرد في الحركة الفنية المغربية، وكما تفاجئنا أعمال الشعيبية، يقول صاحب الحوار، يفاجئنا حضورها الشخصي، فهي تجهل القراءة والكتابة وتتمتع بمظهر خارجي جذاب. لا تعتمد لوحات الشعيبية على التجريد أو الاستيحاء من الخط العربي، كما نرى عند الكثيرين من فناني المغرب العربي، فهي تصويرية تؤكد على حضور الوجه والجسد البشري، غير أن تصويرية الشعيبية ليست كلاسيكية، وإنما حديثة تلجأ إلى التبسيط وإلغاء الأبعاد المتوازنة. في سياق آخر، قالت عنها الناقدة الفرنسية سيريس فرانكو إن"الشعيبية حالة نادرة في الرسم، تتمتع بقدرة فائقة على الإبداع والخلق، إنها مثل هؤلاء الموسيقيين الذين يعزفون بطريقة مدهشة من دون أن يكونوا قد تعلموا السولفيج في المعاهد الموسيقية". وقالت عنها ناقدة برازيلية معروفة:"إنها الأخت الصغيرة لبيكاسو وماتيس. إنها من أبرز الرسامين في المغرب على الإطلاق. إن فنها عفوي خام مع ذلك تقف أمام فن لوحاتها فإذا بك تهيم في لجة الألوان وتشابك الأشكال واندماجها في المساحات وانبثاق الوجوه من زوايا عميقة ذات جذور ثابتة"، مضيفة "أن اغتراف الفنانة من الينابيع الطبيعية في بيئتها جعلها تتمتع بالصدق الفني والبساطة في التركيب إلى جانب صفاء النظرة".