انطلقت في مدينة مراكش، أول أمس الأربعاء، أشغال الدورة الأولى لمؤتمر الاستثمار العالمي لشمال إفريقيا٬ المنظم بتعاون مع الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات، حول موضوع "جاذبية شمال إفريقيا للاستثمارات الأجنبية المباشرة". (ماب) وقال عبد القادر اعمارة، وزير التجارة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة، إن عقد هذا اللقاء أول مرة خارج فرنسا يعكس مكانة المغرب، باعتباره محورا إقليميا للأعمال، ومنصة للاستثمارات نحو دول إفريقيا جنوب الصحراء وشمال القارة. وأضاف اعمارة، خلال ترؤسه أشغال الجلسة الافتتاحية لهذه التظاهرة، أن اختيار المغرب لمناقشة آفاق وواقع الاستثمار بمنطقة شمال إفريقيا، خاصة في هذه الظرفية، التي تلي الربيع العربي، وبداية أوراش إعادة التوازنات بعدد من دول المنطقة، يجسد وعي الشركاء الدوليين بالنضج الذي يمثله المغرب اقتصاديا وسياسيا. واستعرض الوزير في هذا اللقاء، الذي حضره 130 من رجال الأعمال ومانحي الأوامر وخبراء من 19 دولة، واقع الاقتصاديات العالمية، بعد أربع سنوات على انهيار بنك "ليمان برادرز" بالولايات المتحدة، وعدم جدوى الوصفات التي أقرتها العديد من الدول الغربية، التي قامت جلها بفرض سياسة التقشف، وأدت إلى تقليص المصاريف والاستثمارات الحكومية، وبالتالي اندلاع موجة البطالة، وما واكبها من ركوض اقتصادي، ومن رفض واستنكار في منطقة الأورو، التي بلغت بها نسبة النمو 2 في المائة السنة الماضية، وبلغت ناقص 5 في الهند، و1.5 في البرازيل. وأبرز اعمارة أنه، موازاة مع هذا "الاندحار الاقتصادي، بقيت إفريقيا في منأى عن هذه الدوامة، وبدا أن اقتصادها يسير في طريق النمو ولو تدريجيا"، موضحا أن نسبة النمو في سبع دول منها تجاوزت نسبة نمو الصين. وتوقع اعمارة تسجل إفريقيا نسبة نمو بمعدل 6 في المائة سنة 2013. واعتبر اعمارة أن المغرب استطاع بذل مجهودات كبيرة، مكنت من جعله منصة استثمارية متميزة، وأن الأوراش الكبيرة المنجزة به جعلته صلة وصل بين شمال وجنوب المتوسط، ومحطة لبلوغ مليار مستهلك في مختلف مناطق العالم، بفضل اتفاقيات التبادل الحر، التي وقعها مع العديد من الدول. وقبل ذلك، عقد وزير التجارة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة ندوة صحفية، أفاد خلالها أن البعد الدولي لهذه الندوة، تبرره مكانة المغرب كوجهة استثمارية للمقاولات الدولية، وأضاف أن المغرب، رغم أنه لا يتوفر على طاقة أحفورية، فإن له جاذبية اقتصادية، تعززها دينامية التقارب بين الضفتين الشمالية والجنوبية، في إطار الشراكة المتعددة الأوجه، مشيرا إلى أن حجم الاستثمارات الأجنبية بالمغرب بلغ برسم السنة الماضية 30 مليار درهم. وبخصوص مستوى درجة التصنيع بالمغرب، أوضح اعمارة "لا أقول إننا بلد صناعي، لكننا نسير في اتجاه ذلك، والمغرب يضع تدريجيا أسس هذا التوجه للالتحاق بالدول التي نجحت في هذا المسار"، واعتبر أن هذا المنحى يتطلب جهدا ونفسا كبيرين. وعن النواقص التي تؤثر على تسريع وتيرة جذب الاستثمارات، أفاد أن لجنة مناخ الأعمال، التي يترأسها رئيس الحكومة، تعمل جاهدة من أجل إيجاد حلول نهائية لمشاكل العقار، ورخص البناء، ورخص الاستغلال، وباقي العوائق الإدارية. يتوقع اعمارة أن يبلغ معدل النمو، هذه السنة، ما بين 4.5 و5 في المائة، مؤكدا أن هذا المعدل مرتبط بمدى نجاح الموسم الفلاحي. أما بخصوص المهن العالمية للمغرب، فأبرز الوزير أنها لم تبق منحصرة في الست مهن، التي أقرها ميثاق "إقلاع" الموقع سنة 2009، مضيفا أن المناظرة الأخيرة للصناعة، المنعقدة بطنجة، أكدت على إضافة ثلاث مهن أخرى، ويتعلق الأمر بقطاع الكيمياء وشبه الكيمياء، مفيدا أن المغرب سينتقل من مستخرج للفوسفاط، إلى الصناعات التحويلية المرتبطة به، وهناك قطاع الصيدلة، إذ يرتقب، حسب عقد البرنامج الموقع في هذا الإطار، أن ترتفع صادرات المغرب في هذا المجال من 360 مليون درهم إلى 9 ملايير درهم، وقطاع الصناعات الحديدية، الذي سيلتحق بركب المهن العالمية للمغرب. واعتبر اعمارة أن هذه المهن تعد تتويجا للمجهودات المشار إليها، وللخطى الحثيثة، التي يسير عليها المغرب، وقال إن المغرب بصدد التفاوض مع شركتين في مجال الطيران للاستثمار بالمغرب، مع تركيزه على المكانة التي أصبح يحظى بها قطاع صناعة السيارات. من جهته، قال الرئيس المدير العام للمؤتمر العالمي للاستثمار٬ جان بيرنار غيري٬ إن اختيار المغرب لتنظيم هذا المؤتمر يرجع إلى الجهود التي بذلها لكسب ثقة المستثمرين الأجانب، بفضل مناخ الاستقرار والأوراش الكبرى والإصلاحات التي انخرط فيها، من أجل تحسين مناخ الأعمال وجلب المزيد من المستثمرين. أما مدير الاستثمار بالوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات٬ أحمد الفاسي الفهري، فأبرز أن هذا المؤتمر يعتبر فضاء للحوار والتفاعل الإيجابي، الذي يعد عاملا أساسيا في جلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية٬ كما يشكل محطة لتقييم فرص الاستثمار الهائلة في المنطقة. ويشارك في هذا المؤتمر٬ ذي الطابع الاقتصادي٬ أزيد من 350 شخصا، يمثلون القطاعات الاقتصادية والسياسية، ورجال الأعمال ومستثمرين دوليين ومحليين٬ من أجل تقاسم ومشاركة فرص الاستثمار في شمال إفريقيا والشرق الأوسط. ويهدف المؤتمر إلى جمع المستثمرين الأجانب الباحثين عن فرص الاستثمار في شمال إفريقيا٬ وإبراز إمكانيات هذه المنطقة، كي تصبح وجهة محورية لهم٬ والتعريف بالمشاريع الجديدة للاستثمار بالقارة٬ علاوة على دعم مكانة المغرب باعتباره بوابة للولوج إلى الأسواق الإفريقية. كما تشكل هذه التظاهرة مناسبة لتبادل الآراء حول أفضل الممارسات٬ والالتقاء بالزبناء والشركاء المفترضين٬ والاطلاع على آخر الفرص التي يقدمها عالم الأعمال والاستثمار في المجالات المرتبطة بالنمو. وحسب منظمي التظاهرة٬ فإن اختيار المغرب لاستضافة أول مؤتمر للاستثمار العالمي لشمال إفريقيا٬ لم يكن وليد الصدفة٬ بل يأتي لأن المملكة تبنت ورشا مهما للإصلاحات من أجل تحسين مناخ الأعمال، وتحديث الأسواق المالية، وتحسين جاذبيتها وملاءمة البنيات التحتية للمعايير الدولية٬ بالإضافة إلى تمتع المغرب بمزايا مهمة، ليصبح محورا إقليميا للأعمال٬ بفضل موقعه الجغرافي الاستراتيجي واتفاقات التجارة الحرة التي وقعها. ويتضمن برنامج هذا المؤتمر مناقشة مواضيع معينة خلال ورشات عمل، كصناعة السيارات والطيران والطاقة والبيئة، بالإضافة إلى الخدمات والتكنولوجيات الجديدة وتطوير المهارات وريادة الأعمال.