تواصلت عملية هدم بيوت الحي الصفيحي "باشكو" وسط الدارالبيضاء، وحددت السلطات العمومية يوم 4 يناير كآخر أجل لترحيل من تبقى من سكان هذا الحي، الذي تعود نشأته إلى ما يقارب 100 سنة خلت. "المغربية" حضرت بداية عملية الترحيل ليوم 25 دجنبر الجاري، وأنجزت الربورطاج التالي. حاصر عدد من العناصر الأمنية، صباح الثلاثاء المنصرم، الحي الصفيحي، باشكو بالدارالبيضاء، لترحيل سكان يعيشون بالمنطقة منذ الخمسينيات من القرن الماضي، وسط بكاء الصغار والكبار. وأقدمت ثلاث جرافات على الهدم في وقت باكر من صباح اليوم نفسه، وسط دموع أبناء الأسر المهددة بالتشرد، واحتقان المسنين الذين يطالبون باستفادة الأبناء الذين كانوا يعيشون معهم تحت سقف واحد من سكن بديل. وأوضحت التهميمي زهرة، إحدى المتضررات من قرار الهدم ل"المغربية"، أن بعض أعوان السلطات العمومية "ظلموا" سكان الحي الصفيحي، وأن لديها ابنة ولدت نشأت وتزوجت في الحي نفسه، وحرمت من إعادة إيوائها في سكن لائق، في وقت استفاد أفراد أسر بعيدة عن الحي لم يشملها إحصاء السكان. بدورها، أكدت عدون بشرى ل"المغربية" أن أخواتها من بين الحالات التي مسها الحيف بكاريان "باشكو"، وأنها كانت تعيش وأخوتها الثماني تحت سقف واحد، بعد وفاة والديهن، غير أن من بينهن من حرمن من الاستفادة من إعادة إيوائهن في سكن بديل. من جانبه، ذكر فلاح الغنيمي عبد الحميد، أحد المتضررين من عمليات إعادة الإيواء في السكن اللائق ل"المغربية" أن له شريط فيديو يثبت الخروقات التي شابت ترحيل السكان، وحمل مسؤولين بالمقاطعة 2، أخطار تعرضهن للعيش بالشارع. وكان الحديث بين مجموعة من السكان في "باشكو" عن استفادة 20 أسرة فقط من أصل حوالي 90 أسرة متبقية، وأن هناك من وعد بالتضامن مع المهددين بالعيش في الشارع، خاصة الأسر التي تضم أطفالا يتابعون دراستهم بالمؤسسات التعليمية المجاورة للحي. وورد في روايات السكان أن هناك من حصل على بطاقة تعريف وطنية تحمل عنوان حي باشكو، مقابل مبلغ 6 ملايين سنتيم، كما أن هناك من حصل على وثائق أخرى من قبيل شهادة السكان مقابل 3 آلاف و4 آلاف درهم. وأكدت فاطمة الفرتوتي ل"المغربية" أن الغاية من تسريع وتيرة هدم المنازل القصديرية بكاريان باشكو هو طمس معالم "خروقات" شابت عمليات ترحيل السكان، وإثبات مدينة دون براريك على أرض الواقع. وتحدثت الفرتوتي عن دور التواصل بين السلطة التشريعية والتنفيذية وعمليات إخبار السكان، وقالت إن هناك أسرا لم تستعد أنفاسها للرحيل عن المكان، وأن هناك من لا يملك ثمن واجب الكراء، كما أن هناك من له أبناء يتابعون الدراسة بمؤسسات تعليمية مجاورة. وأعربت الفرتوتي عن استعداد الأسر غير المعنية بالهدم الحالي لاستقبال الأسر التي ستعرض للشارع، منذ الليلة المقبلة، وقالت إنه من غير المعقول أن يبيت رضع ومسنون تحت سماء ممطرة. وحاصرت عناصر الأمن، منذ صباح الثلاثاء الماضي، الأزقة المحيطة بكاريان سانطرال والمؤدية إلى الشوارع الرئيسية، في الوقت الذي خرج أفراد العديد من الأسر للاحتجاج ضد ما اعتبروه "حيفا في حقهم". وطالب سكان الكاريان في وقفة قرب باشكو بتدخل المسؤولين لفتح تحقيق حول ما وصفوه ب"الخروقات" في عمليات الترحيل. وعاينت "المغربية" هدم منازل مبنية بالإسمنت والقصدير من قبل حوالي 3 جرافات وسط احتقان الأسر وبكاء الأطفال عن فقدان السقف الذي كان يأويهم من حر الشمس وبرد الشتاء. واعتمدت السلطات المحلية في ترحيل السكان على الهدم التدريجي، إذ أكد بعض السكان أن عمليات إنزال الجرافات انطلقت، منذ نهاية الأسبوع الماضي، فيما تحدثت بعض الروايات عن انطلاق الهدم، منذ الجمعة الماضي. وقال عبد الرحيم السفياني، نائب رئيس مقاطعة المعاريف ل"المغربية"، إن أغلبية السكان رحلوا عن الكاريان، وأن 85 في المائة استفادوا من عمليات إعادة الإيواء بالسكن اللائق، فيما بقيت حالات لعائلات تتشبث بضرورة استفادة الأبناء من سكن بديل.