أكد محمد لوليشكي، السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة، يوم الأحد المنصرم، بجدة، أن المملكة المغربية "تمكنت من ترجمة التجربة التي راكمتها من خلال إسهامها المبكر في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب وذلك إلى استراتيجية شمولية ومتعددة الأبعاد٬ تزاوج بين الآليات القانونية الزجرية والمبادرات التي تهدف إلى معالجة العوامل الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية التي من شأنها تغذية الإديولوجيات المتطرفة والعنيفة". وقال لوليشكي، في كلمة له خلال الاجتماع الثاني للمجلس الاستشاري لمركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب، الذي افتتحه، أول أمس الأحد، بجدة وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، وشارك فيه المغرب بوصفه عضوا في المجلس٬ أن المملكة المغربية عملت أيضا، "على تقوية مناعة المجتمع من خلال تعميق مبادئ الإسلام السمحة٬ وترسيخ ثقافة الحوار وحقوق الإنسان٬ وتشجيع مجالات المشاركة الديمقراطية وتحفيز مساهمة المجتمع المدني". واعتبر أن مكافحة الإرهاب على الصعيد الوطني "لا يمكن أن تكون حصرا على المجهودات الحكومية وحدها٬ بل هي كذلك شأن المجتمع المدني الذي دون انخراطه الفعلي، وكذا المواطنين، لا يمكن لسياسة أي دولة أن يكتب لها النجاح في هذا المجال أو غيره". وأكد أن المجهودات مهما كانت أبعادها وفعاليتها "تبقى غير كافية لمواجهة التطور الحاصل في الأنشطة الإرهابية على الصعيد العالمي، خاصة في ظل ظرفية إقليمية ودون إقليمية محفوفة بتهديدات إرهابية متنوعة الأبعاد٬ تزيد من حدتها الأنشطة المكثفة لمجموعات الجريمة المنظمة". وأبرز لوليشكي الأهمية القصوى للتنسيق الجهوي والتعاون المستمر بين الدول المجاورة والمنتمية للمنطقة نفسها لمجابهة هذه التهديدات "دون تمييز أو انتقائية". ومن هذا المنطلق، يضيف لوليشكي " نتطلع إلى أن يتمكن المركز في الأفق المنظور من المساهمة وفق منهجية جديدة موجهة نحو النتائج٬ تروم إلى تعزيز المبادرات التي من شأنها تمثين التعاون الدولي والإقليمى ودون الإقليمي٬ بشكل يمكن من تحقيق الإنسجام والتكامل بين الاستراتيجيات المتعددة المستويات ومن تدبير تشاركي للمخاطر والتهديدات". وأشار إلى أن المركز مؤهل للمساهمة في بناء القدرات الوطنية باعتباره عنصرا محوريا في دفع عجلة تنفيذ الاستراتيجية٬ ومعالجة أوجه القصور وتدارك النقص في القدرات الوطنية للدول التي تعبر عن الرغبة في ذلك. وقال لوليشكي إنه "من المهم أن تراعى في مساعي المركز لتحقيق هذا الهدف معايير التدبير الجيد المتعارف عليها كتفادي تداخل الأنشطة و تكرارها٬(... ) والتفكير في تطوير مفهوم بناء القدرات لكي لا يقتصر فقط على المساعدة التقنية٬ بل يتعداها إلى ترسيخ مقاربة تستند في شموليتها إلى مبادئ التضامن٬ و المسؤولية المشتركة لكل الأطراف٬ والشراكة المثمرة مع الهيئات والمنظمات الدولية التي تعنى بتطوير القدرات الوطنية في مجال مكافحة الإرهاب". وأكد التزام المملكة المغربية بمواكبة مجهودات المملكة العربية السعودية وباقي أعضاء المجلس الستشاري٬ من أجل المضي في تنفيذ أهداف المركز٬ وفق الأولويات والبرامج المعتمدة٬ حتى يصبح هذا المركز مرجعا أساسيا ونموذجيا للتنفيذ الأمثل لإستراتيجية الأممالمتحدة لمحاربة الإرهاب. وأشار إلى أهمية دور المركز في مجال مكافحة الإرهاب، مبرزا أن الأممالمتحدة تمثل بالنسبة إلى الدول الأعضاء الإطار العالمي المشروع والمناسب لإعداد وتعزيز رد جماعي دولي ولتطوير ترسانة تشريعية متعددة لمكافحة الإرهاب. وأبرز لوليشكي في هذا الإطار أن استراتيجية الأممالمتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2006، تشكل إحدى الإشارات القوية لمدى تصميم المجتمع الدولي على اجتثاث هذه الآفة، وامتدادا للسياسات الوطنية والإقليمية ودون الإقليمية. وقال انه "إذا كانت الدول الأعضاء مسؤولة في المقام الأول عن تنفيذ الاستراتيجية٬ فإن الأممالمتحدة٬ من خلال فرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب٬ تضطلع بدور مهم في تيسير وتعزيز التنسيق والإنسجام والتضامن في التنفيذ على الصعيد الوطني٬ والإقليمي٬ والدولي وفي تقديم المساعدة المطلوبة إلى الدول الأعضاء.