ارتياح عام تجاه المغرب وانشغال جدي بتنظيم «القاعدة» في التراب الجزائري رغم أن التقرير السنوي الذي تصدره وزارة الخارجية الأمريكية حول الإرهاب في العالم، أكد على أن مجهودات السلطة المغربية في مكافحة الأنشطة الإرهابية حالت دون نجاح تنظيم «القاعدة في بلدان المغرب الإسلامي» في القيام بأي عمل إرهابي في المغرب.. إلا أنه لم يلق بالا لمشكل التنسيق بين المغرب والجزائر بشأن هذا الموضوع، سيما أن التقرير ركز في الصفحات المخصصة عن الجارة الشرقية، على هذا التنظيم الإرهابي وحده كمسألة تشغل بال الحكومة الجزائرية، رغم أنه لمح إلى أن «تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي قد يوسع نشاطه في المنطقة الإقليمية». وفي وقت أشاد فيه التقرير الذي صدر أول أمس بواشنطن، وحصلت بيان اليوم على نسخة منه، بما سماه «الجهود المبذولة من طرف الجزائر على الصعيد الإقليمي من خلال التنسيق العسكري بينها وبين مالي وليبيا وموريتانيا والنيجر لتشكيل إستراتجية إقليمية لمكافحة الإرهاب وتأسيس مركز قيادة في الجزائر» لمباشرة تفعيل خلاصات الاجتماعات التي عقدتها في إطار ما يسمى بدول الساحل، فإن التقرير لم يلتفت بتاتا إلى «إقصاء المغرب» من هذا التنسيق وما قد يشكله من مشاكل عملية في مكافحة الإرهاب والقاعدة في بلدان المغرب الإسلامي»، رغم التنبيهات المتكررة للمغرب في هذا الشأن. وفي هذا السياق، قال التقرير إن الأوضاع الأمنية في الجزائر تميزت بانخفاض في عدد الهجمات الإرهابية البارزة في جميع أنحاء البلد، على الرغم من أن الأنشطة الإرهابية مستمرة في المناطق غير الحضرية. ومع ذلك، قال المصدر ذاته، إن المصالح الحكومية الجزائرية باتت الهدف الأساسي لعمليات القاعدة في المغرب الإسلامي، ومن ثم بات هم الجزائر أيضا هو هذا التنظيم الإرهابي. ويستشف من تقرير الخارجية الأمريكية تنويه مزدوج بجهود كل من الحكومة الجزائرية والحكومة المغربية في مكافحة الإرهاب، رغم أن الحديث عن المغرب كان محصورا في الخلايا الإرهابية الداخلية ممن لن تثبت لها علاقة وطيدة بما يسمى «القاعدة في بلدان المغرب الإسلامي». وقال التقرير إن نقص فعالية هذا التنظيم الإرهابي في العامين الأخيرين، يرجع إلى قدرة الأجهزة الأمنية الجزائرية في مكافحة الإرهاب إلى جانب الرفض العام للإرهاب من طرف الجزائريين فضلا عن تعزيز القدرات الأمنية مثل التوظيفات الكبيرة في جهازي الشرطة والدرك الوطني، وتعزيز مراقبة الحدود، وزيادة الأمن في المطارات، وتقوية الوجود الأمني العام في المدن الكبرى. ورغم ذلك، فقد أشار التقرير إلى أن هذه المجهودات تبقى ناقصة الفعالية جزئيا، خصوصا بسبب ارتفاع معدلات البطالة في أوساط الشباب الجزائري، ما تنجح معه «القاعدة في المغرب الإسلامي» في تجديد أعدادها بعد اعتقال أو مقتل عناصرها. أما بالنسبة إلى المغرب، فقد ظهر من خلال التقرير، أن وضعه مختلف بالمقارنة مع جاره الشرقي، فقد نوه التقرير بالإستراتيجية الشاملة لمكافحة الإرهاب التي اعتمدتها الحكومة المغربية، مشيرا إلى أن هذه الإستراتيجية «مكنت من التقليص بشكل فعال من التهديد الإرهابي». وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية، أن «المغرب اعتمد مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب تقوم على إجراءات اليقظة والأمن، وخاصة من خلال التعاون الدولي ووضع سياسات مجددة ضد التطرف». وحسب التقرير، الذي يهم الفترة الممتدة من فاتح يناير إلى 31 دجنبر 2009، فإن إستراتيجية الحكومة المغربية، والتي تقوم أيضا على الرفض الشعبي للإرهاب «قد ركزت على تحييد الخلايا الإرهابية الموجودة، بالخصوص، من خلال تبني تدابير وقائية أمنية». وأشارت وزارة الخارجية الأمريكية، من جهة أخرى، إلى أن المغرب نجح في تفكيك العديد من المجموعات والخلايا الإرهابية عبر تعزيز «تجميع المعلومة وعمل المصالح الأمنية بالإضافة إلى التعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين». ونوه التقرير، من جهة أخرى، ب»الجهود الهامة» التي ما فتئ يبذلها صاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل «مكافحة التطرف والراديكالية»، مسجلا أن المغرب واصل تفعيل إصلاحات داخلية ترمي إلى تحسين الوضعية السوسيو-اقتصادية. وأكد التقرير، من جانب آخر، أنه في إطار إستراتيجيته لمحاربة الإرهاب، شدد المغرب على احترام حقوق الإنسان وعزز الشفافية في تطبيق القانون. ومن جهة أخرى، أبرزت وزارة الخارجية الأمريكية القوانين التي تبناها المغرب بغية محاربة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، موضحة أن هذا التشريع الجديد «يوفر قاعدة قانونية كفيلة بمراقبة وفتح تحقيقات ومتابعة الأنشطة المالية غير المشروعة». وأوضح التقرير أن «المغرب في إطار مقاربته الشاملة لمحاربة الإرهاب، عكف على التصدي لتمويل الإرهاب»، مشيرا في هذا الصدد إلى سلسلة من التدابير تهم، على الخصوص، المصادقة على قانون حول تمويل الإرهاب في ماي 2003، وقانون شامل يروم مكافحة تبييض الأموال، يوجد قيد التنفيذ منذ أبريل 2007، وكذا إحداث خلية خاصة بالمعلومات المالية في أبريل 2009. ويرى التقرير أن أحد عوامل نجاح استراتيجية المغرب في مجال محاربة الإرهاب، يكمن في الأهمية التي توليها المملكة للتعاون الدولي في هذا المجال. وأشار في هذا الصدد، إلى علاقات التعاون «المتينة» التي ربطها المغرب مع العديد من الشركاء، لاسيما الولاياتالمتحدة، فضلا عن دول أوروبية وإفريقية أخرى. وأوضح التقرير في هذا السياق، أن «من أبرز مظاهر مجهودات المغرب في مجال محاربة الإرهاب، إيلاؤه اهتماما خاصا للتعاون الدولي»، ملاحظا أن السلطات المغربية «واصلت المساهمة في إفشال محاولات الاعتداء على أهداف مغربية وأمريكية أو غربية، كما عملت على فتح تحقيقات صارمة بشأن العديد من الأفراد المرتبطين بمجموعات إرهابية أجنبية، والتي غالبا ما تتعاون مع أطراف دولية». وأبرز التقرير أن المغرب والولاياتالمتحدة عملا بكيفية مشتركة وبشكل مكثف، في ما يخص المجهودات الرامية إلى محاربة الإرهاب، مضيفا أن المملكة ربطت فضلا عن ذلك، علاقات تعاون متينة مع شركاء أوروبيين وأفارقة، تهم تبادل المعلومات وتنظيم عمليات مشتركة. وحرص التقرير على التذكير بأن المغرب يعتبر «شريكا للحوار» المتوسطي بالنسبة لحلف شمال الأطلسي، كما أنه يربط علاقات تعاون ثنائي مع شركاء إقليميين في مجال محاربة الإرهاب.