أجرى الحوار عبد الهادي كادي رئيس تحرير 'لوماتان' وشارك فيه نعيمة مسفر وعبد الهادي مزراري عن 'المغربية' وإبراهيم مخلص ومصطفى بنطاق عن 'لوماتان' يرى التهامي الخياري، الكاتب الوطني لجبهة القوى الديمقراطية، أن أحزاب اليسار هي القادرة وحدها على تشكيل تحالف منسجم، وأن هذا التحالف مؤهل للاستجابة لتطلعات الشارع المغربي. وحول الوضع العام، يرى أن المغرب يوجد، اليوم، في سياق سياسي مهم جدا، ويعيش ظروفا خاصة، ومرحلة مهمة، لا تقل أهمية عن المحطات السابقة، مثل معركة الاستقلال، والمسيرة الخضراء، لاسترجاع الأقاليم الصحراوية، في منتصف السبعينيات من القرن الماضي. واعتبر الخياري، الذي استضافه "منتدى 90 دقيقة للإقناع"، المنظم من طرف مجموعة ماروك سوار، أن أكبر تحد يواجه القوى السياسية في المغرب حاليا، هو كيفية تحقيق الإصلاحات العميقة، التي يتطلبها البلد، وكذا التحديات المطروحة في المنطقة المغاربية،، في إطار من الاستقرار والأمن، بما يمكن للمغرب المحافظة على استثنائه وخصوصيته. وحول برنامج جبهة القوى الديمقراطية للانتخابات التشريعية، المقررة في 25 نونبر الجاري، قال الخياري إن حزبه سيختلف عن الآخرين في ما يخص القضية الوطنية، وأنه يطرح هذه الإشكالية ضمن برنامجه الانتخابي، معتبرا أن على الحكومة الجديدة أن تعمل من أجل تسوية قضية الصحراء بشكل نهائي، لأنه ملف طال أمده، داعيا إلى التنسيق بين مختلف الفاعلين، ضمن استراتيجية موحدة. ما هي قراءتكم للمشهد السياسي المغربي، عشية الانتخابات التشريعية؟ - نحن، اليوم، في سياق سياسي مهم جدا، إذ يعيش المغرب ظروفا خاصة، ومرحلة مهمة، تنضاف إلى محطات أخرى أكثر أهمية، هي عهد الاستقلال وعهد المسيرة الخضراء. أعتقد أننا أمام تحد كبير يجب رفعه، وهو كيف يمكننا تحقيق الإصلاحات العميقة، التي يتطلبها البلد، وكذا المنطقة، في إطار من الاستقرار والأمن، وبالتالي، يمكن للمغرب المحافظة على استثنائه وخصوصيته. في هذا الإطار، هناك فاعلون عدة، أولهم الدولة، التي يجب عليها أن تسهر على أن تجري الاستحقاقات المقبلة في أحسن الظروف، وفي إطار من الاحترام والأخلاق. الفاعل الثاني، هو الأحزاب السياسية، التي ينبغي أن ترقى إلى مستوى هذه المرحلة الاستثنائية، والعمل على جعل الحقل السياسي فضاء واضحا، حتى يتمكن المواطن من القيام باختيار واضح وشفاف. ويتمثل الفاعل الثالث في وسائل الإعلام، التي عليها أن تقوم بدور أساسي، في هذه الفترة. لكن مع الأسف، نلاحظ أن الإعلام العمومي لا يكون دائما في مستوى اللحظة. فليس هناك نقاش حقيقي حول مستقبل المغرب. وأخيرا، الفاعل الرابع المواطن. لكن يبقى الفاعلون الثلاثة الأوائل هم من يحسم في ما إذا كان هذا المواطن سيؤمن بالمرحلة المقبلة، لأن نسبة المشاركة هي المؤشر الأساسي. هل تعتقدون أن هؤلاء الفاعلين الأربعة سيتوصلون إلى توافق حول المبادئ الجوهرية، التي يحملها الدستور الجديد؟ آمل ذلك، لأن الحال سيكون خطيرا، في حالة عدم بلوغ هذا الأمر، لأن أغلبية الأحزاب ليست مدركة لرهانات الظرفية الحالية. ويبدو أننا ما زلنا نفتقد الكثير من رجال الدولة في بلدنا، وشاهدنا حوار الصم، الذي دار بين الأحزاب والمواطن، وأعطينا أهمية كبيرة لعناصر تقنية، مثل عتبة المشاركة، واللائحة الوطنية، وغيرهما، على حساب نقاش حقيقي حول القضايا، التي تهم المغاربة. هذا يقلقنا كثيرا، وأعتقد أنه جرى إقحام الإدارة كذلك في هذا النقاش المغلوط. أما في ما يتعلق بما يحدث في الشارع، فأجد أنها حركة محدودة جدا، وإن كانت، في الوقت نفسه، تعبر عن تطلعات عميقة لشريحة عريضة من المغاربة. إذن، إما أن تسفر الانتخابات المقبلة عن مناخ سياسي جديد، أو سنكون أمام وضع جديد من الاحتجاجات الواسعة. لقد وضع المغاربة ثقتهم في جلالة الملك، وفي تعبئة بعض الأحزاب، لكنهم ينتظرون، أيضا، استجابة لحل مشاكلهم اليومية بعد الانتخابات، مع العلم أن هامش التحرك في سياق عالمي للأزمة يبقى محدودا، عكس ما تشير إليه بعض الأطراف. في أي موقع يمكن أن نضع، اليوم، التنسيق بين حزبكم، جبهة القوى الديمقراطية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحزب التقدم والاشتراكية، داخل الساحة السياسية المغربية؟ - أصبح لدينا اليوم، على الأقل، مجموعات سياسية، وفي ما يخصنا، فإننا نفكر بمنطق أحزاب اليسار، أما الآخرون، الذين يعقدون تحالفات كافكاوية (نسبة إلى أعمال الروائي التشيكي فرانو كافكا)، فذلك لا يهمنا كثيرا. ومنذ تأسيس الجبهة، ونحن نتموقع داخل اليسار، مع حزب التقدم والاشتراكية، واستخلصنا العبر من انتخابات 2007، حينها، كان هناك عزوف يلامس حد المقاطعة للانتخابات، فدفعنا باتجاه تجميع أحزاب اليسار، ومع الأسف، لم يؤد الأمر إلى نتيجة لعدة أسباب. ربما كان الحقل السياسي سيكون مختلفا، لو كنا نجحنا في هذه المبادرة، أي لو كان اليسار تجمع في 2007، ربما لم يكن هناك شيء يسمى "البام" (حزب الأصالة والمعاصرة)، وهذه هي قناعتنا التامة. لقد ترك غياب اليسار المجال فارغا أمام أحزاب حملت شعار المعاصرة، وغيرها من المبادئ، التي كان يدافع عنها اليسار. الآن، نعتقد أن الظروف أصبحت أكثر نضجا من أجل إعادة إطلاق هذا اليسار. أكيد، هناك أحزاب من اليسار تدعو إلى المقاطعة، لكننا لا نتفق معها، لأننا نؤمن بأن المقاطعة لم تعمل يوما على تطوير الأمور. أعتقد أن هناك إرادة حقيقية عند أحزاب اليسار الثلاثة، لإنجاح التجربة من جديد، ونحن بصدد دراسة إمكانية تقديم مرشحين مشتركين في بعض الجماعات، ووضع أرضية مشتركة. وأعتقد أنه، في المرحلة الحالية، وحده اليسار قادر على الاستجابة لتطلعات الشارع، لأنه، في الواقع، التحالف الوحيد المنسجم، الذي يرتكز على مرجعية مشتركة ومعرفة بالمشاكل الحقيقية للمجتمع. لكن المواطن يجد نفسه إلى حد ما تائها، لأن جبهة القوى الديمقراطية متحالفة مع أحزاب من داخل الكتلة، وبالأهداف نفسها؟ - بغض النظر عن هذا كله، نأمل أن يكون الحزب الأول، الذي سيقود الأغلبية، من اليسار، لأننا نعتقد أن قيم الحداثة، والمقاربة الاجتماعية لمشاكل المغاربة هي من اختصاص اليسار. أما في ما يتعلق بالاختلاف بين الكتلة وتحالف اليسار، أؤكد لكم أن جبهة القوى الديمقراطية لم تقدم أي طلب للالتحاق بالكتلة، مع أنني شخصيا، وقبل تأسيس الجبهة، ساهمت في إنشاء الكتلة. فهذه الأخيرة جاءت في مرحلة استثنائية من تاريخ البلاد. وللتذكير، فإن الكتلة تصدعت خلال تشكيل حكومة 2002. ألا تعتقدون أن هذا اليسار نفسه تعرض لاختبار السلطة؟ - على كل حال، أكرر أننا ككتلة لليسار، نحن مرتاحون لأننا نعتبر أن تحالفنا طبيعي. بينما أعتبر أن من يتكلم عن الإيديولوجيات، خاطئ، وأنه يوجد في المغرب دوما يمين ويسار. تعلمون أن الأحزاب الأربعة التي التحق بها، في ما بعد، أربع تشكيلات أخرى، لا تخفي أنها من اليمين. أما بالنسبة لليسار، فأعتبر أن لحظته المركزية كانت خلال حكومة عبد الرحمن اليوسفي (1998)، إذ شاركنا في هذه الحكومة، وأعتقد أن المغاربة سيراجعون فكرتهم بخصوص ما قدمته تجربة التوافق للبلاد. إن الأحزاب الأربعة التي شكلت النواة الصلبة لمجموعة الثمانية، شاركت في الحكومة بما فيها حزب الأصالة والمعاصرة، الذي كان في البداية، في الأغلبية، قبل أن ينتقل إلى المعارضة. والمشاكل التي وقعنا فيها انبثقت عن تسييرهم للشأن العمومي مع التناوب. والمغاربة يتذكرون هذا جيدا، بما فيها أسماء من كانوا في السلطة. فحكومة التناوب لم تعمر أكثر من 5 سنوات. لكن، ألا تعتقدون أن الأحزاب لم تطلق الإشارات بعد الاستفتاء حول الدستور الجديد، وبالخصوص في ما يتعلق بالانخراط في إصلاحات داخلية؟ - لنكن واقعيين، الأمر يتطلب الكثير من الوقت. فنحن لا نضغط على أزرار لنغير كل شيء، بل نسير أفرادا وهياكل. ومع ذلك، أؤكد أن المناظرة التي أعلنا فيها عن مجموعة الاتحاد الاشتراكي، حزب التقدم والاشتراكية، جبهة القوى الديمقراطية، خلقت دينامية جديدة وأملا جديدا في الشارع المغربي. لحسن الحظ، جاءت هذه المبادرة، وإلا كان المغاربة سيتيهون وسط كل هذه التكتلات. ففي الشارع، حيث كانت حركة 20 فبراير تتظاهر، لا أحد نادى "اليسار ارحل"، عكس ما ردد بشأن "مجموعة 8". ما هي نظرتكم للخطوة المتبعة، والنقاشات التي انبثقت عن المصادقة على القوانين الانتخابية؟ - إنه نقاش عمر طويلا، بل ساهم في إعطاء فكرة سيئة عن الأحزاب السياسية. فالنقاش لم يتعد موضوع العناصر التقنية المرتبطة بالانتخابات، ما جعل المواطن يجد نفسه مهمشا. بيد أننا نعتبر أن النصوص المصادق عليها جيدة، وتشكل خطوة مهمة مقارنة مع الماضي. هناك ضمانات جديدة في مجال شفافية الانتخابات. لكن المشكل المطروح، الآن، هو كيف ستطبق هذه القوانين. نريد أن يكون البرلمان المقبل ممثلا بحق، لطموحات المغاربة. مثلا، خلال مناقشة الدستور الجديد، كل الجمعيات النسائية طالبت بأن تدمج الحقوق المدنية في هذا النص الأساسي، باستثناء جمعية النساء البرلمانيات التي لم تفعل ذلك. ما يعني أن النساء البرلمانيات لا يمثلن تطلعات ولا انشغالات العنصر النسوي بالمغرب، وهذا ما يقتضي، فعلا، تغييرا على مستوى المؤسسة التشريعية. صرحتم، أخيرا، أن جبهة القوى الديمقراطية ستكون من بين الأحزاب الثلاثة الأولى، في الانتخابات التشريعية، هل ما زلتم متشبثين بهذا الأمل؟ - نعتبر أن الجبهة ستكون من بين القوى الرئيسية في الحقل السياسي المغربي. نحن اليوم نعتمد على انتخابات شفافة. أيضا، نقول إنه حين كانت جميع الأحزاب تطالب بضرورة تغيير هذا الفصل أو ذاك من الدستور، كنا نحن نرى ضرورة وضع دستور جديد، وهذا منذ 2005. كما أننا، أيضا، قدنا معركة تخليق الحياة العامة. وكنا الحزب الوحيد الذي لجأ إلى العدالة بخصوص البرلمانيين المتنقلين. واقترحنا قانونا حول الرشوة. وقاومنا كل محاولات زعزعة الجبهة. وبقينا، منذ 2005، دون تمويل. وخلال الحملة من أجل الدستور الجديد، كنا الحزب الوحيد الذي لم تضطرب اجتماعاته، إذ قمنا بتوزيع مليون نداء من أجل المشاركة في التصويت على الدستور، ثم 500 ألف نداء للانخراط في الجبهة، ولم نسجل أدنى حادث. ولدى مشاركتنا في تسيير الشأن العام، خلفنا انطباعات جيدة، سواء في قطاع الصيد البحري، أو في قطاع الصحة. اتهمكم بعض أعضاء حزبكم باختلاس بقعة أرضية هي في ملكية الحزب؟ - من كان يمنعني من تسجيل هذه البقعة باسمي، كما يفعل آخرون، لو أردت ذلك؟ بالفعل، الأمر يتعلق بقطعة أرضية من أجل إنجاز مشروع، وبما أننا لم نتمكن من إنجازه، كنا سنخسر الأرض. لهذا اتجهنا إلى المحكمة لتفادي ذلك، ثم إن هذا كان يهم الإدارة السابقة، وليست الحالية. كما أن الأمر لا يتعلق بأكثر من مساحة 3000 متر توجد في منطقة صناعية كان يمكن أن تدر بضعة 3 ملايين درهم. في حين يمكن، اليوم، بيع أو شراء أرض بحي صناعي بأكثر من 1000 درهم للمتر. فالعقار بالمناطق الصناعية يباع ب 200 إلى 300 درهم، وفي أفضل الحالات، ب 450 درهما. غير أنني أؤكد أن ما تقرر آنذاك، كان داخل إطار هيئات الحزب. لو كنت أريد المال، لحصلت عليه بطريقة أخرى، فأنتم تعلمون أنني كنت أدير ملف الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي، حين كنت وزيرا، هذا يعني الملايير التي كانت مودعة في الخارج.. والشيء نفسه في قطاع الصحة العمومية، إذ كانت هناك 500 مليون درهم من العروض سنويا. إذن، كان هناك ما يوفر لي الثروة.. لكن والحمد لله، أعيش مرتاح الضمير. فلم أوزع قط تراخيص للصيد .. إنها قناعتي التي اخترتها في هذه الحياة. هناك أحزاب تسخر المال مقابل الأصوات، فهل تعتمدون أنتم على الناخب؟ - أظن أنني الوحيد، الذي يقول إن الفاعل الأساسي هو المواطن، وليس حتى المناضلون، الذين يمكن شراؤهم، فالمناضل يمكن أن يكون معك، ثم تكتشف أنه مع شخص آخر، لهذا، نحن نعمل من أجل أن تكون المشاركة أوسع، حتى يمكن التصدي للعوامل اللاسياسية والمادية، فالمشكل المطروح هو المشاركة واستعمال المال. في سنة 2007، لم يصوت أكثر من الثلثين، رغم استخدام الطعم المالي، لذا نعتبر أنه لو توجه المواطنون بكثافة إلى الاقتراع، لغيروا المعطيات بشكل مطلق. هناك إرادة قوية للتغيير، تنبئ بأن 20 في المائة من المنتخبين فقط سيعودون إلى البرلمان المقبل، في حين، ستغيب 80 في المائة الأخرى، وسنعود للأرقام بعد 25 نوفمبر. هنا، أشير إلى أن عدد الشباب، الذين تقدموا بترشيحاتهم، يقرون أنه ليس لهم المال، لكن لديهم قاعدة من الشباب، تدعمهم، إذن، هي نقلة من عالم إلى آخر، فما يجري حاليا في المغرب، من دستور جديد، إلى مختلف خطابات جلالة الملك، مرورا بخطاب الطبقة السياسية، كلها عوامل تصب في اتجاه واحد، هو التغيير. والأحزاب السياسية، كذلك، مضطرة للأخذ في الاعتبار هذه الرغبة في التغيير، التي يجري التعبير عنها، اليوم في الشارع. هل تعتقدون أن البرلمان، بتركيبته الحالية، لعب دورا في هذا التغيير، خصوصا مع استحضار سلوكات المنتخبين، خلال افتتاح هذه الدورة البرلمانية؟ - تقصدون منتخبي الأمة، الذين استمعوا إلى الخطاب الملكي، خلال افتتاح البرلمان، ثم اختفوا بعد ذلك، لكن، فضلا عن اعتبارات عدة، يجب أخذها بعين بالاعتبار، يجب القول إن هذا البرلمان لا يمثل شيئا، لأن هناك برلمانيين اشتروا الأصوات، لهذا فهم لا يهتمون بما يجري داخل البرلمان، ولا بالدور، الذي يمكن أن تلعبه هذه المؤسسة التشريعية، ولا يهتمون بالقوانين، التي ينبغي المصادقة عليها. إن ما يشغلهم هو الذهاب إلى دوائرهم، في محاولة لإعادة انتخابهم. إن نظرة المغاربة للبرلمان وناس البرلمان تتضمن انطباعا سيئا للغاية. وإن كانت الدولة ترسل إشارات دالة، منذ انطلاق الحملة الانتخابية، فهناك تطبيق القانون، القاضي بالقبض على المرشحين، الذين يستعملون المال، وهذا سيغير المعطى حتما. إذن، إرادة الدولة موجودة، لكن، نتمنى تطبيقها، فالنصوص جيدة ولا ينقصها إلا التطبيق. هناك، أيضا قضية تتعلق بالأخلاقيات السياسية، إذ جرى اقتراح ميثاق أخلاقي، لكن لا ندري ما إذا كانت الأحزاب مع أو ضد هذا الميثاق؟ - في ما يتعلق بميثاق الأخلاق السياسية، المقترح من قبل الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، التي يرأسها عبد السلام أبودرار، لا مانع لدينا من التوقيع عليه. هناك ميثاق آخر، وضعته وزارة الداخلية؟ - بالنسبة للداخلية، لم تكن هناك، يوما، أي نسخة مكتوبة، بل، فقط، مشروع أولي وزع على الأحزاب، لكن وقع سحبه، ولم يكن غير نقاش حول مبادئ أولية، وأظن أن أبودرار حمل المشعل في ما بعد. لم أكن متفقا على التوقيع على ميثاق أبودرار، لو لم يكن من إنجاز هيئته، التي أحترمها كثيرا، لأن مشروع الميثاق يحمل الأحزاب كل شيء. ثم إن الوثائق، التي يوقعها مرشحونا، نعتبرها أهم بكثير، وتذهب إلى أكثر مما تنص عليه وثيقة الهيئة. لكن، دون تجريح أي من الأحزاب، لا نريد أن يستمر نزع المصداقية عن الأحزاب السياسية. إن البرنامج الأولي، الذي أعد لتقديم هذا الميثاق، كان يحتوي على مشاركة الأحزاب السياسية، وعدد من المحاضرين، لشرح كيف يمكن اختيار المرشحين النزهاء، وهنا، كنا قررنا عدم الذهاب، لأننا اعتبرنا طريقة طرح الموضوع غير لائقة، ومع ذلك، نحن مستعدون للتوقيع، لأن موضوع النزاهة محسوم عندنا. وأؤكد أنني لم أقرأه حتى، لكنني سأوقعه. لكن، هل مازلنا نحتاج إلى ميثاق شرف، حتى يمكن احترام بعض المبادئ، والسلوكيات النظيفة؟ - شخصيا، أخضعت مرشحي الحزب للتوقيع على وثيقة التزام بالمبادئ الأخلاقية، لكن، هل سأتابع ما إذا لم يحترموها ؟ هل سأكون مسؤولا عما يقومون به من أفعال؟ مبدئيا، هناك قانون، وهناك نصوص جيدة، فقط، ينبغي تطبيقها، وبالتالي، لا نحتاج إلى التوقيع عن أي وثائق، أو مواثيق. اعتباركم حليفا لحزبي اليسار، الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية. هل اتفقتم على أرضية مشتركة؟ - نعم، هي الآن قيد التحرير، وللأسف، لم يكن لدينا وقت كاف لإعدادها. ثم إن الأرضية لا تطرح أي مشكل بين الأحزاب الثلاثة، ليس هناك اختلافات في العمق، وإن كانت هناك اختلافات في المقاربة، خصوصا بين من خرجوا من الحكومة، وبين من فيها، فبالنسبة لنا، من الطبيعي أنه، خلال الحملة الانتخابية، سنقودها باعتبارنا حزبا في المعارضة، في حين، أنه من الطبيعي أن يكون الآخرون مجبرين على الدفاع عن الحكومة. ما هي، إذن، طبيعة هذه الأرضية؟ - هي أرضية سياسية، وسنعمل معا، في إطار الممكن يوم 25 نوفمبر، لكن بعد هذا التاريخ، قررنا العمل سويا، ثم إن النظام الانتخابي، كما هو موجود، حاليا، لا يسمح بدخول تحالفات تسمح بمواجهة الانتخابات بشكل جماعي، لهذا، قررنا العمل بعد الانتخابات، ونتمنى أن نتمكن، نحن الثلاثة، من تشكيل نواة صلبة للأغلبية المقبلة، وهذا هو هدفنا. وبعدها، سنستعد للانتخابات المحلية، وانتخابات المستشارين، وهكذا، يمكن لهذا اليسار، تدريجيا، أن يذهب أبعد من ذلك. هل ستغطي جبهة القوى الديمقراطية جميع الدوائر؟ - هذا أكيد، وسبق أن غطينا كل الدوائر في 2007، ما عدا دائرتي أوسرد، بالصحراء، وابن امسيك، بالدارالبيضاء، واليوم، سنفعل الشيء نفسه، ما عدا في حالة حدوث طارئ في هذه الدائرة أو تلك، وإلى حدود اليوم (30 أكتوبر) وصلنا إلى 90 في المائة من الدوائر. ما هي معايير اختياركم لمرشحي حزبكم؟ - كل شيء موضح في القوانين الداخلية للحزب، ونقوم بتنصيب لجنة انتخابية تقترح، ومكتب تنفيذي يقرر في شأن الترشيحات، وكاتب عام يوقع التزكيات، وهناك 3 معايير أساسية، هي النزاهة إلى أقصى حد، والكفاءة، وفرصة كبيرة للفوز. وماذا عن برلمانييكم السابقين، هل سيتقدمون مرة أخرى؟ - إنهم 3 نواب، وسيتقدمون مرة أخرى. هل ستعتمد حملتكم الانتخابية على برنامج انتخابي للحزب، أم ستطرح حسب كل مرشح في دائرته؟ - لا أعتقد أن برنامج الحزب هو الذي سيقود الحملة الانتخابية، لأننا لا نعتقد أن الناس سيكون لديهم الوقت لقراءة البرامج الحزبية، فهي كثيرة. في فرنسا، مثلا، يتدارسون، منذ أزيد من سنة، الانتخابات الرئاسية، ويناقشون قضايا الضريبة، والتعليم... أما نحن، فما زلنا نقف عند مناقشة ترهات، لا علاقة لها بالانشغالات اليومية للمواطن. يظهر أنه ليس للأحزاب أي ثقل لفرض تصورها لإصلاح الحقل السياسي وتوجهه؟ - كانت هناك عملية سابقة، ترمي إلى إصلاح الحقل السياسي، أشرف عليها الباحث جمال الدين الناجي، وصرف من أجلها الكثير من المال. لم نشارك في هذه العملية، لكن لدينا تصورنا في هذا الاتجاه، ونرى أن على الدولة أن يكون لها توجه محدد في ما يتعلق بمفهومها للخطوط الحمراء. لأننا نرى أننا نحتاج إلى أشخاص أكفاء لهم حرية العمل. لكن الخطير في الأمر، هو حينما نصل إلى الرقابة الذاتية، وهذا ما يسبب تدهورا للنظام السمعي البصري العمومي. مبدئيا، إذا قدم حزب ما فكرة جديدة، يجب أن يكون هناك، تلقائيا، رد فعل على صعيد وسائل الإعلام، مثلا، حين قلنا إن 80 في المائة من النواب لن يعودوا إلى البرلمان، لو كان هذا التصريح في فرنسا، لشاهدنا، في اليوم نفسه، نقاشا مستفيضا، حول الموضوع، على شاشات التلفزة. إذن، ما هي الخطوط العريضة لبرنامجكم الانتخابي، خاصة ما يتعلق بالنقط الأكثر أهمية، التي يجب أن تشكل أولوية بالنسبة إلى الحكومة الجديدة؟ - أعتقد أننا سنختلف عن الآخرين في ما يخص القضية الوطنية، فلأول مرة سنطرح هذه الإشكالية كما هي ضمن برنامج انتخابي. فنحن نقول إنه ينبغي، فعلا، على الحكومة الجديدة أن تعمل من أجل تسوية قضية الصحراء بشكل نهائي، لأنه ملف طال أمده. ونقول إنه يجب، أولا، التنسيق بين مختلف الفاعلين، وهذا ما نفقده حاليا، أي تنسيق بين الحكومة والأحزاب والنقابات والمجتمع المدني، وآخرين، ضمن استراتيجية موحدة. في ما يتعلق بالتنمية الداخلية للصحراء، يجب أن يكون هناك مخطط منسجم في مجال التنمية، وفي الوقت نفسه، يجب استغلال النخب الجديدة، التي هي ثمرة الجهود، التي بذلها المغرب منذ استرجاعه لأقاليمه الجنوبية. فهناك أطر عدة ساهمنا في تكوينها، لكنها لم تستغل في الدفاع عن وحدتنا الترابية. أيضا، نقول إننا ارتكبنا خطأ وعلينا تداركه، وهذا يتعلق بالتصرف إزاء الجزائر، لأننا نعتبر أن هناك موقف بعض المسؤولين، لكن، أيضا، موقف الشعب الجزائري، الذي لا علاقة له بموقف القادة. فإذا استطعنا أن نخلق نقاشا حول العلاقات المغربية الجزائرية، نريده، أيضا، موضوع نقاش داخل المجتمع الجزائري. النقطة الأخرى، التي نريد التركيز عليها، هي أن الوضعية في المغرب العربي تغيرت. ففي الوقت الذي آمنت الأجيال السابقة بوحدة المغرب العربي، نجد اليوم تراجعا بهذا الإيمان. لهذا، نرى أنه ينبغي التحرك من أجل إعادة إحياء "اتحاد المغرب العربي"، على مستوى شعوب المغرب العربي، ودفع مختلف دول ومسؤولي المغرب العربي إلى الانخراط أكثر. وأرى أننا تعاملنا بالمنطق نفسه مع كل من البوليساريو والجزائر، يعني أننا اعتبرنا أن صفوف البوليساريو متراصة، في حين، أنه يعاني تصدعا كبيرا. فالكثير من أطره، لا يوجدون، اليوم، في تندوف، بل في الخارج، ولم يعودوا يؤمنون بالصحراء، ونحن لم نستغل الأمر لطرح مقاربة تعتمد هذه المعطيات. وماذا عن باقي الملفات؟ - هناك ملف من ثلاثة عناصر، ويتعلق الأمر، أولا، بمشروع القضاء على الأمية في ظرف 5 سنوات، وهو ما ينبغي أن يحصل في إطار الورش الوطني الكبير، الذي أطلقه جلالة الملك، ونتوقع القضاء على الأمية، بتعبئة 100 ألف شاب من المعطلين الحاصلين على شهادة، وهم شباب سيساهمون في الورش انطلاقا من مناطق سكناهم، في دواويرهم، وأحيائهم. هؤلاء الشباب سيستفيدون من تكوين مهني، يمكن كل من وجد عملا من ترك المجال لشاب آخر للتكوين. وهذا سيسمح بتقليص الضغط على سوق الشغل، في إطار تصور جهوي، من جماعة إلى أخرى، ويتطلب الأمر 4 ملايير درهم في السنة، جزء منها سيخصص، بملغ 2000 إلى 2500 درهم كراتب للشباب. ونعتقد أن تمويل هذا المشروع من قبل صناديق الدعم الدولية لن يطرح مشكلة. ونحن متأكدون أن هذا المشروع سيهم الاتحاد الأوروبي، لأنه من 3 عناصر، هي القضاء على الأمية، التكوين المهني، وتشغيل الشباب العاطل. وهذا يهم الأوروبيين والأمريكيين وبعض دول الخليج. وحتى في حالة انعدام الدعم الدولي، يمكن تمويل المشروع من مبادرة صغيرة للتضامن. هل هناك ملف آخر تدافعون عنه؟ - هو ملف الصحة، وهو قطاع خبرته جيدا، بما أنني كنت وزيرا للصحة. هناك التغطية الصحية لعدد آخر من الفئات السوسيومهنية، مثل الصناع التقليديين، والمهن الحرة، والفلاحين، والطلبة... ونتوقع أن تستفيد هذه الفئات من التغطية خلال 5 سنوات. ولدينا، أيضا، أفكار تخص أشكال التمويل والمساهمات. لدينا، أيضا، أفكار حول التعليم، خاصة الموارد البشرية، لأننا نعتبر أنه مهما بلغ حجم الموارد المالية، فدون موارد بشرية لا شيء يتحقق. وفي هذا الإطار، نقترح برنامجا على مدى 10 سنوات، وليس خمس سنوات، وندعو إلى إعادة إنتاج 10 في المائة من الموارد البشرية، في كل سنة. أما بالنسبة لملف الإدارة، فندعو إلى إصلاحه بشكل معمق، مع تطوير الاستحقاق والكفاءة، كمبدأ أساسي للتقدم.