يبدو أن انتخابات 25 نونبر المقبل فتحت شهية الأحزاب السياسية المغربية إلى التحالف، وطي صفحات "الصراعات الضيقة"، والتفرغ لصياغة أجوبة واضحة على أسئلة الشارع. وبغض النظر عن الخلفيات المتحكمة في "تحالفات الخريف"، يرى بعض المراقبين أن حركية المشهد السياسي تسير نحو خلق "تحالفات منطقية"، إما بين أحزاب لها إيديولوجية متقاربة، أو تحالفات مبنية على توافقات وبرامج متقاربة، لكن هذا لا يمنع من التساؤل إن كان الأمر يتعلق بتحالفات ظرفية اضطرارية، أم السير نحو تحالفات استراتيجية تحمل مشاريع كبرى، و والتساؤل أيضا عن طبيعة شروط بناء وإنجاح التحالفات الحزبية، وما إذا كانت التحالفات الراهنة ستخرج المشهد الحزبي من التشرذم، ومدى قدرة الأطراف المتحالفة على تعزيز آليات فعاليتها، بدل أن يزيد ذلك من ضبابية الواقع السياسي. ورغم أن التحالف أو الاندماج أمسى يفرض نفسه على الأحزاب، إلا أنه يبقى من المهم معرفة وتحديد طرق وآليات تدبير هذا التحالف أو الاندماج، فحسب محمد ضريف، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسن الثاني بالمحمدية، فإن بناء تحالف أو أقطاب يجب أن يكون على أساس إيديولوجي ووحدة المرجعية، إذ يرى أن التحالفات بالمغرب كان يجب أن تفرز قطبا ليبراليا، وآخر محافظا، وثالثا اشتراكيا، لتكون هناك وحدة في المرجعية، تساعد على بلورة تصور مشترك وتحديد مفهوم موحد للقيم السياسية. وأضاف ضريف مستدركا "لكن عندما يظهر قطب يضم خليطا من أحزاب، تنتمي إلى تيارات مختلفة، لها مفاهيم وتصورات متباينة، فحتى وإن شجع هذا التحالف أحزابا أخرى على إنشاء تحالف مضاد، فهذا لن يخدم التوجه نحو إضفاء المصداقية على العمل السياسي". مقابل هذا التصور، هناك من يدافع عن أهمية التحالفات، معتبرا أنها تأتي نتيجة وعي مشترك بطبيعة المرحلة، لتواكب التحولات، ولا تعير اهتماما للمعطى الإيديولوجي والمرجعي. ويرى امحمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسن الثاني بالمحمدية، أن "الحديث عن التقارب على أساس إديولوجي أصبح مستبعدا للغاية، لأن وجود أقطاب حزبية كبرى من شأنه عقلنة المشهد السياسي والحزبي، وإعادة الثقة للمواطن، لأنه لا يمكن الذهاب إلى الانتخابات بخمسة وثلاثين حزبا، مع العلم أنها لا تؤطر إلا نسبة 0.3 من المواطنين". ويربط الباحث وجود حكومة قوية بتكوين أقطاب قوية، وقال إن "الأهم هو أن التحالفات الحزبية في الدول الديمقراطية تكون قبلية وليست بعدية، فالتحالف قبل الانتخابات يعد إيجابيا، لأنه يحدد توجهات الأحزاب، كي لا يكون هناك أي غموض"، معتبرا هذا في صالح الأحزاب الكبرى، كي لا تدخل في مساومات سياسية مع الأحزاب الصغرى بعد الانتخابات، التي قد تلجأ إلى المزايدة السياسية، من خلال عدد قليل من المقاعد. من جهة أخرى، يثير توقيت الإعلان عن ميلاد تحالف حزبي ووظائفه تساؤلات وشكوكا حول مدى قدرة هذا التحالف على الصمود أمام التحديات الراهنة والمستقبلية، كما يرى ضريف أن التحالفات، التي تكون "وظيفتها ظرفية، غالبا ما تسعى إلى تمرير بعض الإشارات أو الرسائل السياسية، قد تكون ذات معنى أو بلا معنى، لأنها ستظل رهينة بما ستفرزه صناديق الاقتراع، لذلك فإن استمرار مثل هذه التحالفات رهين بما سيحصل عليه كل حزب من مقاعد".