يعرف مرض التهاب السحايا لدى الاختصاصيين بتسمية "المينانجيت"، بينما يصطلح عليه بين عموم الناس بمرض "المكلفة"، وهو مرض يصيب جميع الفئات العمرية إلا أن صغار السن يعتبرون الأكثر تعرضا لهذا الداء، إذ أن 15 في المائة من حالات الوفاة نتيجة التهاب السحايا تكون في صفوف الأطفال بين سن الثالثة والخامسة، بينما تسجل 50 في المائة من هذه الحالات في صفوف الأطفال أقل من سنة. وأوضحت البروفيسور أمال مالقي، طبيبة أطفال، في تصريح ل"المغربية"، أن شريحة عريضة من المواطنين المغاربة يجهلون خطورة الداء ويتهاونون في الكشف المبكر عنه، علما أنه مرض يصيب المخ بعدوى فيروسية أو بكتيرية، يهدد خلالها حياة المصاب. وأكدت البروفيسور، التي كانت تشغل منصب رئيسة سابقة لقسم الأمراض التعفنية لدى الأطفال في مستشفى الأطفال في الرباط، أن مرض "المينانجيت" يصيب بطانة الدماغ، يمكن أن تنتج عنه الوفاة، أو تبعات صحية وخيمة، تتمثل في فقدان الطفل قدراته في السمع، أو القدرة على التعلم. وعللت أمال المالقي خطورة المرض بكونه يصيب ما بين 5 إلى 30 في المائة من المواليد الجدد، وما بين 3 إلى 10 في المائة من الرضع، في حين يصاب ما بين 15 إلى 20 في المائة من الناجين من "المينانجيت"، بإعاقات في الإدراك أو في السمع أو البصر. وأشارت الاختصاصية إلى أنه بإمكان تفادي الإصابة ب"المينانجيت" بواسطة التطعيم ضد الداء، إذ يتوفر المغرب حاليا على اللقاح "13 فالونت"، الذي أدرج نهاية 2010 ضمن لائحة البرنامج الوطني للتلقيح، إذ يمكن الاستفادة منه مجانا في جميع المراكز الصحية بالمغرب، ابتداء من الشهر الثاني من عمر الوليد، مع تذكير في الشهر الرابع، وآخر، بعد مرور سنة. وتحدثت الاختصاصية نفسها عن أن أكثر أنواع "المينانجيت" المنتشرة في المغرب هي نوع "باء"، بنسبة 80 في المائة، إلا أنه، إلى حدود الآن، لا يتوفر لقاح واق منها، مقابل توفر لقاح مضاد للنوع "أ" و"س". يظل الكشف المبكر على الإصابة ب"المينانجيت"، من خلال التعرف على أعراضه، السبيل الوحيد لإنقاذ حياة المصاب، إذ أوضحت أمال مالقي، أن أبرز أعراض المرض تتجلى في ارتفاع درجة حرارة المصاب، وإصابته بتقيؤ شديد، وظهور شحوب على الوجه، وتحول لونه إلى الرمادي، مع رفض المصاب البقاء في غرفة مضيئة، وجنوحه إلى النوم بطريقة غير معتادة. ومن السبل الوقائية، أيضا، تطعيم محيط المريض، ووضعه تحت علاج وقائي بواسطة المضادات الحيوية، كما هو الأمر بالنسبة إلى المدارس وروض الأطفال، إلى جانب تطعيم الأشخاص داخل الأماكن المغلقة، مثل السجون والمؤسسات الاجتماعية والقادمين أو المتوجهين إلى دول معينة. جدير بالذكر أن المعطيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، تشير إلى أن نحو 450 مليون نسمة ممن يواجهون مخاطر الإصابة بداء "المينانجيت" من النوع "أ"، يودي بحياة الآلاف من الناس كل عام عبر العالم، في غضون 24 إلى 48 ساعة، بعد ظهور الأعراض عليهم، أكثر ضحاياهم من الأطفال. ولم يفت الاختصاصية أمال مالقي التذكير بتاريخ المرض في المغرب، إذ شكل انتقال العدوى بداء "المينانجيت" في المغرب، ما بين السنوات الممتدة من 1967 إلى 1968، وبين سنوات 1988 إلى 1989، مشكل صحة عمومية، إذ شكلت هذه السنوات، فترتين وبائيتين كبيرتين، خلفت الكثير من الإصابات والوفيات. بعد هذه الفترة، بدأ المرض في التراجع نوعا ما إلى حدود سنة 2004، إذ عاود ظهور المرض من جديد، وارتفع عدد حالات الاصابة بالمرض من جديد، ليشهد المغرب، مرة أخرى، تراجع حالات الاصابة بالداء ما بين سنة 2009 و2000، بعد إدخال اللقاح المضاد للهيموفيليس من نوع "باء" ضمن البرنامج الوطني للقاحات. يشار إلى أن المجتمع الطبي، خلد في 24 من أبريل الجاري، اليوم العالمي لداء "المينانجيت"، نظمت خلاله مختبرات "فايزر" مؤتمرا صحفيا، في مدينة الدارالبيضاء، حول موضوع "التحسيس والوقاية من التهاب السحايا"، شارك فيه أطباء اختصاصيون في طب الأطفال وفي علاج داء "المينانجيت"، إذ سلطوا الضوء على أهمية التطعيم ضد الداء، وعلى مساهمة اعتماد اللقاح في استقرار الوضعية وتسجيل تراجع في عدد حالات انتقال العدوى، كما هو الأمر بالنسبة إلى حالات التهاب السحايا "هيموفيليا انفلونزا"، إذ عرف المغرب انخفاضا ملحوظا بين سنتي 2008 و2009، ما يترجم الآثار الإيجابية للتلقيح ضد الهيموفيليا من صنف باء.