علمت "المغربية"، من مصادر طبية في وزارة الصحة، أن البرنامج الوطني للتلقيح في المغرب سيعتمد تلقيحات جديدة، ستقدم مجانا للمواليد الجدد والأطفال أقل من 5 سنوات في المؤسسات العمومية، سيعلن عنها قريبا، بمناسبة الحملة الوطنية للتلقيح. ويتعلق الأمر بتلقيحات ينتظر الأطباء الاختصاصيون أن توفر حماية للأطفال، وتضمن نشأتهم بشكل سليم، وبالتالي، تقلص وفيات الصغار أقل من 5 سنوات، لأهميتها الوقائية من أمراض الطفولة الخطيرة. للمزيد من التفاصيل حول أهمية هذا النوع من التلقيحات، استفسرت "المغربية" أحمد عزيز بوصفيحة، اختصاصي في أمراض المناعة عند الأطفال، بمصلحة طب الأطفال بالمركز الاستشفائي ابن رشد في الدارالبيضاء، الذي أوضح أن من أبرز هذه التلقيحات، لقاح "البنوموكوك"، الذي يقاوم جرثومة خطيرة، تتسبب في وفيات الأطفال أقل من 5 سنوات، تصيب الرئة، وتتسبب في التهاب السحايا، ويعتبرها بعض أطباء الأطفال أخطر من السيدا. وذكر أحمد بوصحفيحة أن اللقاح، المتوفر على شكل حقنة، يشمل 13 نوعا من السلالة الجرثومية، التي تتسبب في إصابة 80 في المائة من الأطفال بارتفاع خطير في درجة الحرارة والتهابات الرئة، وإصابات في الأذن، وتأثير على وظيفة مخ الطفل. وذكر الاختصاصي ذاته أن اللقاح الثاني يتعلق ب"الروطافيروس"، المضاد للإسهال لدى الأطفال، الذي يعد ثاني سبب لوفيات الأطفال في المغرب، أقل من 5 سنوات، وهو لقاح يمنح عبر الفم، ليرفع قدرة الأطفال على مقاومة الاجتفاف الحاد للجسم. أما اللقاح الثالث، فيتعلق بمضاد لسرطان عنق الرحم، ويعتبر الأخصائيون أنه سيحدث "ثورة" في مجال البرنامج الوطني للتلقيح، إذ سيصبح متاحا بالمجان، بعد أن دار حوله نقاش طويل بسبب غلاء سعره، الذي يصل إلى ألفي درهم. موازاة مع أهمية هذه التلقيحات المضادة للأمراض الأكثر تهديدا لحياة الأطفال أقل من 5 سنوات، ينتظر الاختصاصيون من وزارة الصحة برمجة لقاح مضاد للالتهاب الكبدي من النوع "أ"، باعتباره مرضا خطيرا، ينتشر بشكل أكبر وسط الأطفال بالمغرب، الذين ينقلون المرض بالعدوى إلى الأشخاص البالغين. تحدث أحمد عزيز بوصفيحة عن أن المولود الجديد يخضع للقاحات ضد ثلاثة أمراض قاتلة، قبل مرور 10 أيام على خروجه إلى الحياة، وهي تباعا، لقاح ضد داء الشلل، ولقاح ثاني ضد داء السل، وأخيرا لقاح ضد التهاب الكبد الفيروسي من نوع باء الفتاك. وأشار إلى أن الجهات الوصية وضعت إجراءات صارمة بحمل الآباء على تطعيم مواليدهم باللقاحات اللازمة خلال هذه الفترة، خصوصا بالنسبة إلى لقاح ضد داء السل، الذي يعتبر عدم القيام به سببا كافيا لمنع الوالدين من تسجيل وليدهم بدفاتر الحالة المدنية. ولعب هذا الشرط دورا كبيرا في تمتيع الرضع الجدد للوقاية من هذا المرض المعدي. أما في ما يتعلق بالتلقيح ضد داء التهاب الكبد الفيروسي من نوع باء، فإنه لم يوفر العمل به في المؤسسات الاستشفائية التابعة للقطاع العام، إلا خلال السنوات القليلة الماضية، إذ حرمت من خاصياته الوقائية مجموعة من المواليد الجدد على طول السنوات السابقة، ما يعرضهم لا محالة للعدوى به، في حالة عدم تدارك الأمر بالتلقيح ضده ولو في سن متأخرة. ويفضل إخضاع المواليد الجدد للقاح ضد التهاب الكبد من نوع باء، خلال اليوم الأول من وضعه إلى ثلاثة أيام على أبعد تقدير، حماية له من انتقال العدوى إليه من والدته - في حالة إصابتها به، إذ تعتبر هذه الفترة حاسمة في ضمان السلامة الصحية للوليد، وإن صحت فرضية انتقال الفيروس من الأم إليه، فإن اللقاح يمنع من الإصابة بالمرض بصفة كلية. بالنسبة إلى اللقاح المضاد للسل، يجد مجموعة واسعة من الأطباء أنه يفضل تأجيل موعد إجرائه إلى ما بعد الفترات الأولى من الولادة، لأن الرضيع خلالها يتمتع بالمضادات الجسمية لوالدته، التي تلعب دورا حاميا له من الإصابة بالداء، في ما السبب الثاني يكمن في أن اللقاح عبارة عن جرثومة حية جرى إضعافها لكي لا تؤدي من خضع إليها، لكنها في الآن نفسه، يمكن أن تعطي نتائج عكسية على صحة المواليد الجدد، الذين يعانون ضعف المناعة الخلقي ضد مجموعة كبيرة من الأمراض الأخرى. عند بلوغ المولود أسبوعه السادس، من المفروض أن يخضع لخمسة تلقيحات، وهي لقاح ضد داء الخناق والكزاز والعواية، إضافة إلى لقاح "الهيموفيلوس" أو التهاب السحايا". وذكر أحمد عزيز بوصفيحة أن المغرب يضرب به المثل على الصعيد الدولي في ما يتعلق بالبرنامج الموضوع لضمان التلقيح للأطفال ضد الأمراض الخطيرة، خصوصا وأنه حقق نتائج كبيرة تكاد تلامس نقطة المائة في المائة، إذ أن الإحصاءات تفيد أن 95 في المائة من الأطفال المغاربة لقحوا ضد الأمراض الفتاكة. وتحدث عن أنه لم يعد أثر لداء الخناق في المغرب، إذ حاز على شهادة دولية بانتهاء داء الكزاز من بين أطفاله، إذ كان الكزاز يقتل، قبل سنة 1997 ،50 في المائة من عدد المواليد الجدد، وأكثر من ذلك أن 93 في المائة من المواليد الجدد خضعوا للتلقيح ضد داء العواية، إلا أن اللقاح نفسه لا يتمتع بالجودة العلمية الكافية، التي تحد من انتشار المرض، أما بالنسبة إلى الشلل فتؤكد المعطيات الرسمية اندثاره من المغرب.