عاشت المطربة ليلى البراق مغامرات مثيرة وطريفة عندما شاركت، لأول مرة في حياتها، في لحاق نسوي لسباق السيارات، عبر مسالك ومنعرجات خطيرة في شمال المغرب، بعد سنة واحدة فقط من حصولها على رخصة السياقة. البراق تلهب حماس الجمهور بأداء أغنية وطنية عند خط النهاية بالقنيطرة (خاص) وظلت خريجة "استوديو دوزيم" محافظة على هدوئها وابتسامتها الرقيقة منذ انطلاق الرالي من أمام ساحة مرجان، بعين السبع، بالدارالبيضاء، إلى حدود مدخل تيفلت، حيث بدأ القلق وشيء من الخوف ينتابها بعد أن تراءت أمامها منعرجات خطيرة، ستكون مضطرة لقطعها، رفقة حوالي 100 مشاركة أخرى، في اتجاه مدينة وزان، نقطة نهاية المرحلة الأولى من السباق. "دنا دنا" ورجال الدرك ازداد ارتباك صاحبة أغنية "أحلم بيك" عندما جرى توقيفها من طرف رجال الدرك الملكي، عند مدخل عين عتيق، إذ اعتقدت في بادئ الأمر أنها ارتكبت مخالفة تعاقب عليها مدونة السير الجديدة، لكن سرعان ما انشرحت أسارير وجهها الطفولي، عندما تعرف عليها أحد الدركيين، وقال لها إنه يريد فقط معرفة عدد المتسابقات في الرالي، ناصحا إياها بالتريث في قطع المسالك غير المعبدة. الدركي نفسه كشف للصحافيين المرافقين للرالي أنه معجب بصوت البراق، وخصوصا أدائها الرائع لأغنية "دانا دانا" مع الشاب فوضيل. الكسكروط الضائع الحرارة مرتفعة جدا في الثالثة عصرا من يوم الخميس (7 أبريل)، والجوع بدأ يطرق بطون المشاركات، قافلة اللحاق تصل إلى مدخل تيفلت، حيث وزع المنظمون ساندويتشات ومشروبات وبعض الفواكه على السائقات ومساعداتهن. وبينما كانت البراق تتناول بنهم شديد "كسكروطها" الشهي، وهي تسوق ببطء، هاجمتها مجموعة من الكلاب الضالة، فبدأت تصرخ، ولم تشعر إلا وهي تضغط بقوة على محرك السيارة، تاركة السندويتش يسقط من يديها للتحكم في المقود... حادثة سير مخيفة وفي الطريق نحو الرماني، صُدمت الفنانة الرقيقة بفظاعة حادثة سير، في إحدى المنعرجات الخطيرة، المطلة على سد عكراش. الصورة قاتمة.. سائق سيارة خفيفة مرمي أمام حافلة للركاب، أمتعة المسافرين مرمية في كل مكان، وصوت سيارة الإسعاف يتردد صداه عبر جبال زعير، كان المنظر مخيفا حقا، سيما بالنسبة لمتسابقة، مثل البراق، تخوض أول سباق للسيارات في حياتها، وتنتظرها منعرجات أكثر خطورة في اتجاه وزان، إلا أن الأمر لم يكن إلا مشهدا من تصوير سينمائي مغربي يجري تصويره بالمنطقة. تشجيعات المشاركات المغربيات والأجنبيات لليلى البراق لم تتوقف طيلة الأيام الثلاثة، التي استغرقها الرالي، ليس لشهرتها كمطربة أو لاندماجها السريع مع أجواء السباق، بل، خصوصا، لأنها المتسابقة الوحيدة، التي غامرت بالمشاركة في لحاق من هذا القدر من الصعوبات رغم أنها لم تحصل على رخصة السياقة إلا منذ 12 شهرا فقط. وهو الأمر الذي نوهت به أكثر من مرة، سعيدة إبراهيمي، مديرة السباق، التي قالت، بعد نهاية السباق، إن البراق لم تكن تقود سيارتها إلا في المحاور الطرقية السهلة، وبالضبط بين الرباط ومراكش على الطريق السيار، واليوم قطعت 1500 كيلومتر، كلها منعرجات جبلية ومنحدرات غير معبدة، لا يقدر على سلكها إلا المحترفون في عالم السياقة. لا علم للوالدة بالرالي كشفت البراق أنها لم تُخبر والدتها بنوعية النشاط الرياضي الذي ستشارك فيه، طيلة ثلاث أيام، لأن "أمي كانت سترفض بكل تأكيد" أن أغامر بالمشاركة في لحاق نسوي من هذا الحجم. مقابل صعوبات الطريق، كانت البراق تجد متعة لا مثيل لها بعد نهاية كل مرحلة من السباق، إذ بعد وجبة العشاء، تندمج المشاركات في جو من المرح والغناء والرقص، ينسيهن معاناة الطريق وصرامة لجنة التحكيم المشرفة على اللحاق. المتعة نفسها تقاسمتها ليلى مع المتسابقات، وهي تشارك في الأعمال الخيرية، التي أشرفت عليها الجمعية المغاربية لسباق السيارات، في مرحلتي وزانوالقنيطرة، حيث جرى توزيع أجهزة حاسوب وآلات طباعة، وأغطية لتلميذات دار الطالبة بوزان، وغرس أزيد من 1500 شجرة بمختلف حدائق القنيطرة. "المهم هو المشاركة"، كانت آخر عبارة رددتها البراق، وهي تذرف دموع الوداع، عند خط النهاية، حيث ذهبت كل متسابقة إلى حال سبيلها، بعد مغامرة استمرت ثلاث أيام، تخللتها لحظات من الخوف والقلق وأخرى كثيرة من المتعة والفرح.