مع انطلاق العد التنازلي لتفعيل مدونة السير الجديدة، ما زال عدد من المواطنين المغاربة يجهلون الشيء الكثير عن بنودها، حيث إن كل ما يروج حول هذا "الكود" الجديد، في المقاهي، بين السائقين، وفي البيوت، بين عامة الناس، هو مجرد "إشاعات"، غالبا ما تكون مغلوطة، أو مُحرفة، وفق رؤية قائلها، وموقفه الخاص من المدونة. حجم الجدل، الذي صاحب مدونة السير الجديدة، منذ طرحها إلى غاية المصادقة عليها في البرلمان، أكبر بكثير من الحملات التحسيسية، التي خُصصت للتعريف ببنودها، وبالتعديلات التي عرفتها، في إطار النقاش الواسع بين الحكومة ونقابات مهنيي قطاع النقل. نعتقد، في ظل غياب برامج عديدة في التلفزيون والإذاعة، أن يظل المواطن عرضة لمثل هذه المغالطات، خاصة أن التلفزة المغربية، بقنواتها الثمانية، لا تقدم سوى برنامج واحد، مدته الزمنية دقيقة واحدة و30 ثانية، عبارة عن لعبة سؤال/جواب، يُقدم فيها مرشحان، بطريقة ترفيهية، معلومات مهمة حول المدونة، إضافة إلى وصلات توعوية يومية على أثير إذاعة ميدي 1، لكن ذلك يبقى غير كاف تماما.. ولا أحد يعرف رجع الصدى بخصوص هذه البرامج والوصلات، لأنها، ببساطة، لا تدخل في حسابات مركز قياس نسب المشاهدة التلفزيونية الوطنية «ماروك ميتري»، الذي يكاد يختص في قياس نسبة مشاهدة المسلسلات والسيتكومات، الرمضانية بالخصوص. لا يمكن أن نُعرف بقانون سير مهم وكبير مثل مدونة السير، عن طريق برامج ووصلات إشهارية معزولة، لا يتعدى سقف زمانها دقيقتين، لأن نتائج تأثير ذلك على عامة المواطنين ستبقى محدودة لا محالة، بل المطلوب والمفترض هو أن تكون هناك برامج قائمة الذات وخاصة بهذا الغرض، تشبه، في قيمتها ومدتها، الوصلات والبرامج، التي تخصصها وسائل الإعلام العمومية لحملات الأحزاب الانتخابية، لأن التعريف بمدونة السير يعتبر، حسب رأينا، أكثر أهمية من التعريف ببرامج الأحزاب خلال الانتخابات، لأن المدونة هي، في الأول والأخير، قضية حياة أو موت بالنسبة للسائقين والراجلين على السواء، في ظل الارتفاع المهول لعدد حوادث السير المميتة ببلدنا.