انكبت مصالح وزارة الداخلية، خلال الأيام الأخيرة، على إجراء أبحاث « حول النقابات والجمعيات المهنية بقطاع النقل، وذلك من أجل معرفة الحجم الحقيقي لحضورها في الساحة ومدى تمثيليتها، حتى تكون لديها صورة واضحة عن حجم أية حركات احتجاجية محتملة، خاصة بعدما أعلنت عدة تنظيمات مهنية عزمها خوض سلسلة من الاحتجاجات ضد مدونة السير الجديدة التي ستدخل حيز التنفيذ خلال شهر أكتوبر المقبل. وقد خلق التحرك النقابي المرتقب إحراجا لوزير التجهيز والنقل كريم غلاب، ومصالح وزارة الداخلية، ذلك أن الطرفين معا لم ينسيا بعد تداعيات الإضرابات التي كانت قد واكبت التحضير للمصادقة على مشروع المدونة أمام البرلمان في الولاية التشريعية السابقة، وما ترتب عن ذلك من خسائر اقتصادية ومالية. تلويح النقابات باللجوء إلى إضراب جديد، احتجاجا على مجموعة من بنود المدونة في نسختها الحالية، دفع مصالح وزارة الداخلية إلى اتخاذ هذه الخطوة الاحترازية، التي تهدف كذلك إلى الإلمام بمدى قدرة كل تنظيم نقابي وجمعوي على التعبئة وتغيير موازين القوى في حال خوض الإضراب المذكور، كما تنكب على البحث في طبيعة النشاط النقابي والقطاع الذي يشتغل فيه كل إطار، وقوته التأطيرية، مع التدقيق لمعرفة إن شارك قبل هذا الوقت في وقفات احتجاجية وإضرابات. ويأتي تهديد المهنيين في قطاع النقل بالعودة إلى الأشكال الاحتجاجية، لعدم التزام وزارة التجهيز والنقل بعدد من النقاط التي تم الاتفاق بشأنها، والتي كانت خلافية في وقت سابق، أخذا بعين الاعتبار أن العديد من المواطنين لايزالون يجهلون مضامين المدونة التي يعلقون عليها بكونها أداة للزج بالسائقين في السجون، في حين تجدها الوزارة المعنية ذات طبيعة وقائية تربوية، وتضمن حقوق مستعملي الطريق، وكفيلة بالمحافظة على الأرواح البشرية، وهي بعد كل شيء قابلة للتنفيذ. وأتت مدونة السير الجديدة المرتقبة بمجموعة من التعديلات التي تنظم عملية السير والجولان وتطبيق العقوبات في حق المخالفين، فإذا كان القانون الحالي يعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين وغرامة مالية قيمتها 1200 درهم بالنسبة للمتسببين في الجروح غير العمدية الناتجة عن حادثة سير ترتبت عنها عاهة دائمة، فإن مشروع مدونة السير يرفع هذه العقوبة إلى الحبس لمدة تتراوح ما بين ستة أشهر وأربع سنوات مع أداء غرامة تتراوح قيمتها ما بين 2000 و10.000 درهم، وترفع مدونة السير قيمة الغرامة المؤداة عند ارتكاب مخالفة تتعلق بتجاوز السرعة ب 50 كلم في الساعة عن السرعة القصوى المحددة إلى ما بين 7500 و10.000 درهم، في حين أن القانون الحالي ينص على أداء غرامة تقدر ب 400 درهم، فيما تنص على حبس الشخص لمدة تتراوح ما بين ستة أشهر وسنة واحدة وبأداء غرامة مالية قدرها ما بين 10.000 و20.000 درهم، وتوقيف رخصة السياقة لفترة تتراوح ما بين ستة أشهر وسنة واحدة، في حالة السياقة تحت تأثير الكحول أو مواد مخدرة. وتتراوح أصناف العقوبات المتضمنة في المدونة إلى عقوبات وتدابير إدارية كالتوقيف والسحب الإداري لرخصة السياقة، وخصم النقط من رخصة السياقة، وتوقيف السيارات وإيداعها المحجز، وعقوبات زجرية تهم الجنح المتعلقة برخصة السياقة، والجنح المتعلقة بالسيارة، والجروح غير العمدية الناتجة عن حادثة سير، والقتل غير العمدي الناتج عن حادثة سير، والجنح المتعلقة بسلوك السائق.