لا يكاد يختلف اثنان حول كون مشروع مدونة السير يبقى أحد أهم المشاريع التي ما تزال عالقة في البرلمان، والتي من المرتقب أن تشهد نقاشات ساخنة مع الدخول النيابي بين مختلف المكونات السياسية والنقابية. وتعيش الأطراف المرتبطة بالملف حالة من الهدوء والترقب، حيث ينتظر كل طرف التزام الباقين بما تم الاتفاق عليه خلال شهر يوليوز الأخير، وهو الاتفاق الذي أنهى أسبوعين من إضراب شل حركة التنقل في البلاد، وأصاب النشاط الاقتصادي والاجتماعي في مقتل. وأكد مصطفى الكيحل، الكاتب العام للفدرالية الوطنية للنقل الطرقي بالمغرب، أن النقابات التي شنت الإضراب التزمت من جانبها بتقديم مقترحاتها بشأن المدونة إلى وزير النقل ورئيس مجلس المستشارين قبل 30 يوليوز الأخير. وركزت تلك المقترحات على تعديل ما جاء في بعض البنود، وخاصة منها المتعلقة بالغرامات التي بلغت مستويات عليا لا تتناسب والمستوى المعيشي للمواطنين المغاربة. وأضاف الكيحل في اتصال مع «المساء» بأن النقابات تنتظر أن تفي الحكومة ومجلس المستشارين بالتزاماتهما وتعقد لقاءات مع النقابات المضربة للوصول إلى صيغة توافقية وإخراج المدونة «بما يرضي جميع الأطراف ويحقق السلامة والأمن الطرقي للمهنيين وللمواطنين العاديين على حد سواء». وعبر الكيحل عن «تفاؤل النقابات بمستقبل مدونة السير» وقال إن «الكرة الآن في ملعب الحكومة ومجلس المستشارين لإعادة النظر في المدونة وتعديل بنودها المثيرة للجدل بضم المقترحات التي تقدمت بها النقابات المضربة». وحول تعامل التيارات الحزبية مع المدونة تحدث الكيحل قائلا: «نحن نرفض أي مزايدة سياسية على مشروع القانون الذي يهم مختلف شرائح المواطنين، ونطالب الأحزاب بالتعامل بإيجابية وموضوعية معه وعدم استغلاله في إطار الصراعات السياسية التي تميز علاقات الأحزاب». من جهته، سبق لوزير النقل كريم غلاب أن أوضح بأن الحكومة ملتزمة بدراسة مقترحات المكونات النقابية وحرص على التأكيد بأن وزارته تهدف من خلال المدونة الجديدة إلى الحد من حرب الطرق عبر تشديد العقوبات على المخالفين للقانون. ويبلغ عدد ضحايا حوادث السير سنويا في المغرب حسب الإحصائيات الرسمية، 3700 قتيل، بمعدل 10 قتلى و120 جريحا في اليوم، وتقدر التكلفة الاجتماعية والاقتصادية بنسبة 2 في المائة من الناتج الداخلي الخام وهو ما يعادل أزيد من 11 مليار درهم. وتقول وزارة غلاب إن مشروع مدونة السير وضع “وفق نظرة شمولية مبنية على التنسيق المندمج، مستهدفة كل ما من شأنه أن يتسبب بطريقة أو بأخرى في حوادث السير بواسطة مخططات ترمي إلى تحسين البنيات التحتية الطرقية وتعزيز المراقبة بالآليات العصرية الرقمية، وإجراءات زجرية وتحسيسية أخرى. كما أكدت أن هدفها في نهاية المطاف هو «توضيح حقوق وواجبات مستعملي الطريق والمحافظة على حياتهم وممتلكاتهم.»