تشهد "السياحة الحلال" توسعا حقيقيا في المملكة المتحدة, إحدى الدول الكبرى المصدرة للسياح, وذلك لصالح الجالية المسلمة الهامة التي يحتضنها هذا البلد. "شمس, وبحر وحلال" هو إحدى الشعارات الأكثر جاذبية التي اختارتها وكالات الأسفار التي تتخصص أكثر فأكثر في هذا المجال, مستفيدة من الطلب المتزايد لدى جالية يرتفع عدد أفرادها إلى5 ر2 مليون شخص. وإلى وقت قريب, كانت وكلات السفار التي تقدم خدمات "السياحة الحلال" تعد على رؤس الأصابع, حسب تشارلز جونسون وكيل الأسفار في لندن. وكان هذا النوع من السياحة يقتصر في الماضي على الرحلات إلى المملكة العربية السعودية لأداء العمرة أو الحج, أو حتى التنقلات في اتجاه باكستان والهند, البلدين اللذين تنحدر منهما غالبية المسلمين المقيمين في بريطانيا. إلا أن الأوضاع تغيرت الآن, حيث إن الأجيال الجديدة من المسلمين, التي لا تعتبر نفسها ملزمة بقضاء عطلتها في بلدها الأصلي, تسعى لقضاء العطلة في بلدان أخرى مع التمسك بالتعاليم الدينية. وأوضح جونسون أن المواطن المسلم, كما هو الحال بالنسبة لأي بريطاني متوسط, يسافر مرة واحدة على الأقل إلى الخارج سنويا. واغتنمت الوكالات هذا التطور لتتخصص حصريا في هذه السياحة التي تحترم القيم الإسلامية, من بينها "كريسنت تاورز" و"إسلاميك ترافلز". وتبدأ الخدمة, الموجهة عموما للعائلات, برحلة في طائرة لا تقدم المشروبات الكحولية والمأكولات التي تتضمن دهون الخنزير, بل حتى إنها تعلن الآذان للصلاة وترشد إلى اتجاه القبلة. كما أن العديد من الفنادق, التي دخلت غمار المنافسة للحصول على حصص من هذا السوق المتوسع باستمرار, تقدم مأكولات تتماشى مع الشريعة وخدمات أخرى عصرية. ويؤكد ياسر محمد, المسؤول ب"كريسنت تاورز", أن هذا القطاع يتجه نحو فرض نفسه في بريطانيا وأن عددا متزايدا من الأشخاص يكتشفون هذه الخدمة المقدمة. وأبرز أن "كريسنت تاورز", التي لا تبرمج حاليا سوى رحلات في تركيا, تعتزم توسيع مجال نشاطها نحو وجهات أخرى مثل دبي ومصر. وكانت دراسة أصدرها سنة2007 المعرض العالمي للسياحة في لندن قد أظهرت أن "السياحة الحلال" ستشهد تطورا هاما في السنوات المقبلة, مشيرة إلى أن منطقة الشرق الأوسط, الوجهة المفضلة للسياح المسلمين, ستعرف ارتفاعا في عائدات رحلاتها بنسبة 108 في المئة سنة2011 لتصل إلى51 مليار دولار. وأكدت الدراسة أن "هذا التطور يتيح فرصا ضخمة للسياحة الحلال", مبرزة أن هذه الفرص ستتعزز بالطلب المتزايد لدى المسلمين القادمين من العالم بأسره, خاصة أوروبا والولايات المتحدة. من جهة أخرى, يبقى البعد الثقافي مكونا أساسيا للمنتوج الذي تقدمه الوكالات المتخصصة في هذا القطاع. وتؤكد هذه الوكالات, ومنها ""إسلاميك ترافلز", أن من بين أهدافها الأساسية النهوض بالسياحة في اتجاه البلدان الإسلامية كأداة لاكتشاف التاريخ والإرث الحضاري للإسلام. كما تعتبر أن النهوض بالتبادلات الثقافية وفرص الأعمال في المجال السياحي "يحدث حسا تضامنيا" في صفوف المسلمين.