أطلق مسلمون في إيطاليا مبادرة فريدة من نوعها للتعريف بالدين الإسلامي، وتعزيز اندماج الأقلية المسلمة في المجتمع الإيطالي، وذلك من خلال توزيع منتجات اللحوم "الحلال" على نطاق واسع في الأسواق والمتاجر الكبرى في هذا البلد. المبادرة التي شاركت فيها شخصيات وَجِهات إسلامية عديدة بينها اتحاد "المآذن" في إيطاليا، و"عز الدين الزير"، إِمام مدينة فلورنس الإيطالية، لاقت معارضة من قِبل منظمات حماية الحيوان، التي تدعي أن الذبح وفق الشريعة الإسلامية "عملية قاسية وغير قانونية". وحول هذه المبادرة نقلت صحيفة "الموندو" الأسبانية تصريحات ل"الزير" أوضح خلالها أن أهمية مبادرة توزيع منتجات اللحوم "الحلال" تكمن "في إشعار المسلمين بأنهم جزء من المجتمع الإيطالي وغير منعزلين عنه"، معتبراً أن اللحوم "الحلال" ومنتجاتها يمكن أن تصبح بذلك "وسيلة للاندماج"، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى التعايش السلمي بين أتباع الديانات المختلفة. و"عز الدين الزير" هو المسئول عن منح علامة "حلال" لعشرات المنتجات التي يتم توزيعها منذ بضعة أيام بجانب المنتجات الغذائية التقليدية في أحد مراكز التسوق الكبرى في العاصمة الإيطالية روما. "صحي وأكثر طراوة" من جانبه، عدَّد "طارق الناخي" -أحد ممثلي الاتحاد الإسلامي "مآذن"- فوائد ذبح الحيوانات على الطريقة الإسلامية، مؤكداً أن اللحم الحلال صحي وأكثر طراوة، وأكد "الناخي" في تصريحات لوكالة "إفي" الأسبانية، أن كل منتجات اللحوم "الحلال" الموزعة في مركز "كوب" للتسوق في روما تطابق المواصفات الإيطالية للمواد الغذائية. ويقدم مركز "كوب" مختلف أنواع لحوم البقر والدجاج والضأن والسجق التي تحمل علامة "حلال". وتقف لدى الجزء المخصص لبيع المنتجات "الحلال" فتاتان ترتديان الحجاب تقومان بشرح طريقة إعداد هذه المنتجات بالعربية والإيطالية، فضلاً عن وصفات أخرى مثل "الكسكسي" التي تشتهر بها دول المغرب العربي. ويجذب ذلك انتباه الزبائن غير المسلمين؛ حيث يطرحون أسئلة عن طريقة التصنيع وأسعار اللحوم والمنتجات الحلال. واعترف "فينتشنزو تريسي، مدير مركز "كوب" للتسوق بأن اللحوم الحلال أغلى بعض الشيء من اللحوم الأخرى، لكنه قال: إنها تلبي "الاحتياجات الاستهلاكية للأقلية المسلمة". وأشار في تصريحات لوكالة "إفي" إلى أن اللحوم الحلال ومنتجاتها لاقت إقبالاً كبيراً خلال الأيام الأخيرة الماضية. "قاسية وغير قانونية" مبادرة توزيع منتجات اللحوم "الحلال" رغم أهميتها في تحقيق اندماج الأقلية المسلمة في المجتمع الإيطالي، لاقت معارضة شديدة من قِبل منظمات حماية الحيوان، التي ترى أن على المسلمين البحث عن سبل أخرى لتحقيق الاندماج. وفي هذا الصدد وصفت رئيسة الشبكة الوطنية الإيطالية لحماية الحيوان الذبح الإسلامي بأنه عملية "قاسية وغير قانونية" ، على حد ادعائها. وأضافت أن القانون الإيطالي يحظر "إساءة معاملة" الحيوان، وينصُّ على ضرورة "تخديره" قبل بدء عملية الذبح؛ لتجنب تعرضه للتعذيب. يذكر أن المنتجات "الحلال" غَزَتْ معظم الدول الغربية في السنوات الأخيرة، ولم يعد شعار "حلال" مقترن باللحوم فقط، وإنما بات علامة استهلاكية وتجارية مميزة لأغلب الأطعمة والمشروبات، وحتى معجون الأسنان ومستحضرات التجميل. وذكرت دراسة حديثة أجرتها "وكالة سوليس" أن سوق الحلال في فرنسا وصلت استثماراته في (2009) إلى 4 مليار يورو تقريباً (5.90 مليار دولار)، وأن معدل نموه السنوي يقدر بنحو (15%). وفي ألمانيا ذكرت مؤسسة "بيزنس فيسين" البحثية الألمانية أن مبيعات الأغذية الحلال في ألمانيا في عام (2009) حققت نمواً بنسبة (16%) مقارنة بالعام (2008). ويعيش في إيطاليا نحو (1.5) مليون مسلم من إجمالي عدد السكان الذي يتجاوز ال (58) مليون نسمة، ما يجعل الإسلام ثاني أكبر ديانة يعتنقها سكان البلاد بعد المسيحية، وينتشر المسلمون في جميع إرجاء إيطاليا، لكن غالبيتهم يتوزعون بين مدينتي "روما" في الوسط، و"ميلانو" في الشمال، ويتعرض مسلمو إيطاليا -شأنهم شأن أغلب مسلمي أوروبا- لمضايقات تتعلق بممارسة شعائرهم الدينية. أظن أنه آن الأوان للمسلمين في اسبانيا أن يتحركوا ويستفيدوا من تجربة الدول الأخرى و إعادة النظر في كثير من الامكانيات الهائلة اللتي يتمتعون بها.