التربية على المواطنة لا تأتي من فراغ، إنما هي كل ما اكتسبه الشاب، على امتداد مسار حياته من أهله أو معلميه، باعتبارهم أول من يحتك به ويتعامل معه. وتعتبر مرحلة الطفولة، أساسية في التتلمذ على التمسك بالهوية الوطنية والثوابت الدينية والإحساس بالانتماء للوطن، وإدراك الواجبات والحقوق، والاقتناع بأهمية التشبع بروح المبادرة والاعتماد على الذات، من أجل المساهمة الفعالة في ترسيخ مغرب المواطنة، الذي دونه من الصعب خوض غمار تحديات كبرى في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والرياضية. عندما يتربى الوليد البشري، منذ نعومة أظافره، وهو في كنف أسرته، على كيفية حب خصوصيات بلده ورموزها وطبيعتها وكل متعلقاتها، يترعرع وهو مسكون بحب وطنه ومرتبط به. كذلك عندما يغرس المدرس في نفس تلميذه مبادئ الاحترام والتسامح والتوادد وحب الخير والعفو عند المقدرة، يكون هذا التلميذ اليافع متسلحا بالقيم النبيلة، التي تجعل وطنيته صادقة، نابعة من أحاسيس قلبية لها عمقها، وبالتالي فهذا الشاب سيكون محصنا، ضد التطرف والانسلاخ عن الذات والارتماء في أحضان ويلات اجتماعية خطيرة، بل إن هذه الأنزيمات المضادة من شأنها أن تحميه، طوال حياته، بمختلف مراحلها، من الخذلان والانكسار أمام أصغر الهزات والزلات. إن إعادة الاعتبار لدور مؤسستي الأسرة والمدرسة، بمفهومه الدلالي سيجعلهما، امتدادا طبيعيا في العلاقات والفضاءات الإنسانية للمواطن، سواء داخل أسرته أو في مؤسسته التعليمية أوفي محيطه العام، إذ يتعين أن تشكل هذه المؤسسات مجتمعة، الجسر المؤدي إلى سلوكيات متشبعة بالوطنية الصادقة والمواطنة الإيجابية داخل المجتمع.