توقع السفير الأميركي في العراق، كريس هيل، أن تشهد العملية السياسية في ذلك البلد الكثير من التجاذب بعد الانتخابات النيابية المقررة، الشهر المقبل، قبل تشكيل حكومة جديدة، مشددا على أن ذلك "لن يبدل من خطط البيت الأبيض للانسحاب من العراق" في نهاية غشت المقبل.بالمقابل، اتهم الجنرال راي أوديرنو، قائد القوات الأميركية في العراق، كلا من أحمد الجلبي وعلي اللامي، وهما من كبار المسؤولين في هيئة المساءلة والعدالة التي حظرت أخيرا مشاركة بعض السياسيين في الانتخابات بحجة "انتمائهم لحزب البعث،" بالخضوع للنفوذ الإيراني. وذكر أوديرنو، خلال كلمة ألقاها في "معهد دراسات الحرب" بالعاصمة الأميركية واشنطن، أن لدى بلاده "أدلة استخبارية مباشرة" تثبت علاقات اللامي والجلبي بإيران، وأكد أنهما حضرا اجتماعات رفيعة المستوى مع مسؤولين إيرانيين، بينهم أحد المسجلين على قائمة الإرهاب في الولاياتالمتحدة. يذكر أن الجلبي مسؤول عن تزويد الولاياتالمتحدة بمعلومات عن برامج أسلحة الدمار الشامل العراقية قبيل الغزو الأميركي عام 2003، واتضح لاحقاً أنها مضللة، في حين أن اللامي كان أحد المشتبه بهم في تفجيرات نفذتها مجموعات شيعية، وهو أمر جرى نفيه لاحقاً، وفق صحيفة نيويورك تايمز. وبالعودة إلى مواقف هيل، أشار السفير الأميركي إلى أن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة "قد يستغرق عدة أشهر، وليس عدة أسابيع". وتوقع هيل أن يكون هناك "أيام عصيبة" بانتظار العراق على مستوى العمليات الإرهابية قبل حلول يوم الانتخابات، مضيفاً أن "الاختبار الحقيقي" للاستقرار في العراق لن يكون في معرفة رد فعل الفائزين بالانتخابات، بل "الموقف الذي ستتخذه التيارات الخاسرة". ووجه هيل انتقادات قاسية إلى إيران، قائلاً إنها "أظهرت وجهاً خبيثاً" في العراق، مشدداً على أن الولاياتالمتحدة بحاجة للتعامل بشكل جيد مع "التورط الإيراني الخبيث في العراق"، مع الأخذ بعين الاعتبار ما وصفه ب"التاريخ المشترك" بين البلدين. وتأتي مواقف المسؤولين الأميركيين بعد أيام من توجيه "أبو عمر البغدادي" أمير ما يعرف ب"دولة العراق الإسلامية"، التي تضم مجموعة من التنظيمات المتشددة التي تعمل تحت قيادة تنظيم القاعدة، تهديدات شديدة للعملية الانتخابية المقبلة، معتبراً أنها تهدف إلى "إذلال السنة إلى الأبد، وجعل أنوفهم في الطين،" ومتهماً الحكومة، التي تقودها قوى شيعية، بالتخطيط لذلك. وقال البغدادي، الذي سبق أن أعلنت بغداد اعتقاله وعرضت اعترافات له دون أن يؤكد ذلك الجيش الأميركي، إن تنظيمه "قرر منع الانتخابات بكل السبل،" منتقداً القيادات السنيّة التي تعتزم الترشح، ومتابعة السير بالعملية السياسية. يشار إلى أن "هيئة المساءلة والعدالة" العراقية كانت أثارت الكثير من الجدل أخيراً، بمنعها مشاركة شخصيات سنية بارزة في الانتخابات، وعلى رأسها صالح المطلك وظافر العاني، لما وصفته ب "وجود صلات لهما مع حزب البعث" الذي سقط عام 2003. ويتجه العراق -على ما يبدو- نحو الانتخابات العامة المقررة دون مقاطعة بعدما أعلن رئيس الوزراء الأسبق رئيس القائمة العراقية، إياد علاوي، أن قائمته ستشارك في الانتخابات المقبلة رغم ما سماها محاولات الإقصاء والتهميش. ودعا علاوي –الذي شمل الإبعاد عددا من المرشحين عن قائمته- في تصريح للجزيرة إلى أن تكون الأجواء مناسبة لإجراء الانتخابات. وكان زعيم جبهة الحوار الوطني، صالح المطلك، المنضوي تحت القائمة العراقية قال في وقت سابق إن القائمة ستشارك في الانتخابات حتى وإن استمر إبعاده. يأتي هذا التطور في وقت شكك فيه رئيس مجلس النواب إياد السامرائي في شرعية قرار اللجنة التمييزية لهيئة المساءلة والعدالة التي قضت بحرمان المئات من المرشحين من خوض انتخابات مارس المقبل.