تتعرض قضايانا الأساسية، وفي مقدمتها قضية استكمال الوحدة الترابية، للكثير من التجني والإساءة، من قبل منظمات غير حكومية، ووسائل إعلام، يبدو أنها ما زالت أسيرة الأحكام العتيقة، الموروثة عن الحرب الباردة، وأسيرة الصورة المغربية، التي صنعتها سنوات الرصاص.وبالإضافة إلى ما تضمنه التقرير الأخير لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" من أحكام متسرعة، مغلوطة ومنحازة، طلعت علينا، أواخر الشهر الماضي، وكالة رويترز للأنباء بتقرير من الرباط، تحدثت فيه عن مشروع الجمهورية الموسعة، زاعمة أنه يهدف إلى "إنهاء أزمة الصحراء الغربية". ولم يقف التقرير المذكور، ومن بدايته إلى نهايته، عند حشد الأحكام السلبية، منسوبة، حينا، إلى من يعتبرهم مغاربة، وأحيانا، إلى من يعتبرهم "نشطاء صحراويين مؤيدين للاستقلال"، بل سلم الميكروفون لأحد هؤلاء الأخيرين، ليتحدث عن مغرب تنتشر فيه الأمية، ويتفاوت فيه توزيع الثروات، وتنقص فيه الديمقراطية.. وعلى أساس ذلك، لا يرى فيه بديلا ذا مصداقية. ولا يبقى أمام صاحبنا هذا غير البديل التعيس، الذي قدمه الاحتلال الاسباني، أو البديل الأتعس، الذي تعرضه مخيمات العار في تندوف. لكن الأخطر في تقرير رويترز، يتعلق، أولا، بالجهل والتجني الفاضحين، عندما يزعم أنه لا توجد أي دولة تؤيد الحق المغربي في صحرائه، وبذلك يقفز هذا التقرير عن الوضعية المعروفة، المتمثلة في اعتراف أقلية من الدول الإفريقية بالجمهورية الصحراوية الوهمية، مقابل تأييد عشرات الدول الأخرى، في إفريقيا، والعالمين العربي والإسلامي، لمغربية الصحراء، ووقوف دول أخرى، منها الدول الكبرى، على الحياد الإيجابي، المثمن للمقترح المغربي حول الحكم الذاتي. وتتعلق خطورة التقرير، ثانيا، بترويجه لكذبة بلقاء، تدعي أن المغرب عرقل الاستفتاء. وما يعرفه الجميع، أن كلا من المغرب وخصومه تمسك بتصور خاص للاستفتاء، يخدم مصالحه. وهكذا، ففي الوقت الذي تمسك المغرب بإشراك كافة أبنائه الصحراويين في الاستفتاء، تمسك خصومه بحصر المشاركة في من شملهم الإحصاء الاستعماري الإسباني. وما يعرفه الجميع، كذلك، أن الحديث عن استحالة تنظيم الاستفتاء ورد، أول مرة، في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، السيد كوفي عنان، في فبراير سنة 2000. وعلى أساس ذلك، دعا الأمين العام المذكور إلى استكشاف طريق آخر للتسوية. وإذا كان خصوم المغرب عجزوا عن تقديم أي بديل، فإنه، من جهته، قدم مبادرة الحكم الذاتي الموسع، التي نوه بها مجلس الأمن الدولي أكثر من مرة. نقول لأصحاب التقرير، و لمن يذهب مذهبهم: لقد تغير العالم من حولكم، وتغيرت صورة المغرب كثيرا عما نقل إليكم، وستسدون خيرا إلى أنفسكم، إذا تخليتم عن بعض استعلائكم، وحاربتم بعض جهلكم!