إثر حملات تمشيطية واسعة النطاق، شنتها المصالح الأمنية بالمفوضية الجهوية للشرطة بسيدي بنور، تمكنت الخميس الماضي، من إيقاف أحد المعتقلين الثلاثة، الذين كانوا فروا من زنزانة ابتدائية سيدي بنور، الخميس 19 نونبر 2009.ويتعلق الأمر بالمدعو عبد الكريم، الملقب ب "ولد الملالحة"، من مواليد 1977 بدوار بوحمام، الخاضع للنفوذ الترابي لدائرة سيدي بنور، عاطل عن العمل. وعلمت "المغربية" أن فريقا أمنيا تشكل من ستة عناصر أمنية من مصلحة الشرطة القضائية والأمن العمومي بسيدي بنور، تمكن من إيقاف المعتقل الفار، في خلاء مجاور لمدرسة بن بطوطة بسيدي بنور، كما كان في حالة سكر طافح، وكانت بحوزته دراجة نارية من نوع "بوجو 103"، مشكوك في مصدرها، عمد المتدخلون الأمنيون إلى إيداعها المحجز البلدي، وقاموا بتصفيد المعتقل الفار، واقتياده إلى مقر المفوضية، حيث جرى وضعه تحت تدبير الحراسة النظرية. وأبان البحث الذي باشرته الضابطة، أن مصلحة الشرطة القضائية بمفوضية سيدي بنور، كانت أحالت المشتبه به الملقب ب"ولد الملالحة"، من ذوي السوابق العدلية، ظهر الخميس 19 نونبر 2009، على وكيل الملك بابتدائية سيدي بنور، من أجل الحيازة والاتجار في المخدرات، والسكر العلني البين، وحيازة السلاح الأبيض، دون سند قانوني، بموجب مسطرة تلبسية، وكان قضى عقوبات سالبة للحرية، من أجل قضايا مختلفة، أهمها السرقة الموصوفة، والسرقات بالنشل، والاتجار في المخدرات. وعن جنحة فرار المعتقلين الثلاثة، أظهرت التحريات أن المدعو عبد الكريم استغل مثوله أمام وكيل الملك بمحكمة الدرجة الأولى بسيدي بنور، الذي استجوبه علاقة بالجنح، التي تورط في ارتكابها، وأحاله ممثل النيابة العامة على الزنزانة الموجودة بمقر المحكمة، ليلتحق بمجموعة تتكون من 14 معتقلا، جلهم رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي سيدي موسى بالجديدة، جرى استقدامهم، اليوم ذاته، لحضور أطوار محاكمتهم، في إطار مساطر قضائية جنحية تلبسية. وكان ضمن المجموعة، معتقلان ملقبان ب "ولد الخميني"، و"جبيلو"، وكان المعتقل عبد الكريم يعرفهما حق المعرفة، على اعتبارهما من مروجي المخدرات بمركز خميس الزمامرة، الذي كان يتردد عليه بين الفينة والأخرى. وكانت دركية الزمامرة أحالتهما، الأحد 15 نونبر الماضي، بموجب إجراء مسطري، على وكيل الملك بسيدي بنور، من أجل الاتجار في السموم. وأثناء تجاذب الحديث بين الرفقاء الثلاثة داخل زنزانة المحكمة، لاحظ المعتقل عبد الكريم، أن زميليه الملقبين ب"ولد الخميني" و"جبيلو"، مشبعان بفكرة الفرار التي خططا لها، سواء من داخل قاعة الجلسات، أو من داخل زنزانة المحكمة، وبحكم علاقة الزمالة عرض عليه الأخيران الفكرة التي تحمس لها، وأبدى موافقته على الانخراط في تفعيلها، سيما أنه سبق أن نفذ بنجاح عملية فرار من داخل المحكمة. وبعد طرح الخطة وتدارسها من جميع الجوانب، انتقلوا إلى المرحلة الحاسمة، وهي تفعيلها، فبمجرد عودتهم من قاعة الجلسات، حيث حضروا أطوار محاكمتهم، التي أجلتها الهيئة القضائية، إلى تاريخ لاحق، حصلوا على قضيب حديدي، ضمن الأدوات بزنزانة المحكمة، لاستغلاله في تكسير قفل باب المحبس تحت أرضي، بعد أن تبين لهم أنه غير محروس، إذ أن حراس الأمن كانوا منشغلين في عرض بعض المعتقلين على هيئة الحكم. وكان ثلاثة عناصر من شرطة الزي بمفوضية سيدي بنور، اثنان منهم تجري الاستعانة بهم كل اثنين وخميس، (كانوا) مكلفين بحراسة الزنزانة، كما أن باقي السجناء كانوا منشغلين بمد الإسعافات لزميل لهم، كانت حالته الصحية متدهورة، فلف المعتقلون الثلاثة رأس القضيب الحديدي، بقطعة من القماش، وعمدوا إلى إدخاله ما بين قاعدة القفل، وقمته دائرية الشكل، ومن ثمة، شرعوا في الضغط بكل ما أوتوا من قوة ليتكسر القفل، دون أن يحدث أي صوت، من شأنه أن يثير الانتباه، وفتح في وجههم باب الحرية، وعبر الدرج، صعدوا إلى قاعة الجلسات بالطابق السفلي، التي كانت فارغة، وبابها غير مغلق، ومنها خرجوا مباشرة إلى بهو المحكمة بالطابق نفسه، إذ اختلطوا مع المتقاضين، وهكذا، غادروا في هدوء، الباب الرئيسي للمحكمة، المقابل لمؤسسة تربوية. ومن ثمة، تفرقوا في ثلاثة اتجاهات مختلفة، إذ استقل عبد الكريم سيارة أجرة صغيرة، أقلته إلى دوار القرية، ومنها توجه إلى الحقول المجاورة، إذ التقى ببعض معارفه، وتدبر مبلغا ماليا، اعتمده في رحله وترحاله، وتنقله إلى مركز زاوية سيدي إسماعيل، الذي ظل يتردد عليه، وعلى مسقط رأسه بدوار في ضواحي سيدي بنور. واستبعد مصدر أمني بالجديدة، المسؤولية التقصيرية في هذه النازلة، وتوفر ركن النية السيئة المبيتة، وهذا ما يشفع، إلى جانب ظروفهم الاجتماعية، للشرطيين الثلاثة، حسب المصدر ذاته، سيما أن لا أحد منهم يجرأ على إلقاء نفسه، إلى التهلكة، وعلى تعريض نفسه للطرد، أو التوقيف عن العمل، أو الزج في السجن.