يشكل اليوم العالمي لمكافحة تشغيل الأطفال، الذي يحتفل به المغرب اليوم الأربعاء، على غرار باقي دول المعمور، مناسبة لتسليط الضوء على الجهود المبذولة وما تحقق من تقدم في مجال مكافحة هذه الظاهرة، وذلك في إطار تنزيل مقتضيات دستور المملكة لسنة 2011 ووفاء لالتزاماتها الدولية ذات الصلة بهذا المجال. وقد اتخذ المغرب عدة إجراءات لحماية حقوق الطفل وصون كرامته مع مراعاة خصوصية تكوينه، والمتمثلة بالخصوص في المصادقة على البروتوكول الاختياري الثالث للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل الخاص بإجراء تقديم البلاغات، فضلا عن إحداث آليات ومؤسسات عهد إليها بتنزيل حقوق الطفل كما ينص على ذلك دستور 2011 . ويبرز انخراط المغرب في مجال مكافحة تشغيل الأطفال أيضا من خلال سن القانون رقم 19.12 المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعمال المنزليين والذي دخل حيز التنفيذ في 02 أكتوبر 2018. وينص هذا القانون على أن السن الأدنى للقبول في العمل محدد في 18 سنة، ويمنع تشغيل الطفلات والأطفال المتراوحة أعمارهم ما بين 16 و 18 سنة في الأشغال المنزلية الخطرة التي تحدد لائحتها بنص تنظيمي، كما يسعى إلى تنظيم وضبط العلاقة الشغلية التي تربط العاملات والعمال المنزليين بمشغليهم، من خلال توثيق هذه العلاقة في إطار عقد شغل مكتوب يوقع عليه الطرفان، ويودع لدى مفتشية الشغل التي تتأكد من مدى مطابقته لأحكام القانون. من جهة أخرى، وفي إطار الجهود المبذولة على مستوى وزارة الشغل والإدماج المهني لمحاربة ظاهرة تشغيل الأطفال، وانسجاما مع التشريعات الوطنية واتفاقيات العمل الدولية رقم 138 حول السن الأدنى للعمل و182 حول أسوء أشكال تشغيل الأطفال، وكذا مع باقي الاتفاقيات الأممية الأخرى المتعلقة بحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب، وقعت الوزارة في 24 أكتوبر 2017 اتفاقيات للشراكة مع إحدى عشر جمعية، ثمانية منها تعمل في مجال محاربة تشغيل الأطفال، تهدف، على الخصوص، إلى انتشال الأطفال دون سن 15 سنة من أماكن العمل، وتحسين ظروف عمل الأطفال بين 15 و18 سنة، ومنع تشغيلهم في الأشغال الخطيرة و القيام بحملات للتحسيس بخطورة ظاهرة تشغيل الأطفال. والأمم المتحدة (منظمة العمل الدولية)، وهي تحتفي هذه السنة (12 ماي من كل سنة) باليوم العالمي لمكافحة تشغيل الأطفال، تحت شعار « يجب ألا ينشغل الأطفال بالعمل في الحقول، ولكن بتحقيق أحلامهم »، تتطلع إلى تحقيق المقصد 8.7 (الغاية السابعة من الهدف الثامن) من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة الذي ينص على « اتخاذ تدابير فورية وفعالة للقضاء على السخرة وإنهاء الرق المعاصر والاتجار بالبشر لضمان حظر واستئصال أسوأ أشكال عمل الأطفال، بما في ذلك تجنيدهم واستخدامهم كجنود، وإنهاء عمل الأطفال بجميع أشكاله بحلول عام 2025 ». يشار إلى أن المعطيات التي نشرتها هذه السنة منظمة العمل الدولية، حول عمالة الأطفال، تؤكد أن 218 مليون طفل، الذين يشتغلون عبر العالم، تتراوح أعمارهم ما بين 5 و 17 سنة، من بينهم 152 مليون طفل من ضحايا عمالة، و73 مليون، أي أكثر من نصفهم، يعملون في أعمال خطرة. وأضاف المصدر ذاته أن نصف عمالة الأطفال (72.1 مليون) موجودة في إفريقيا، و62.1 مليون في آسيا والمحيط الهادئ، و 10.7 مليون في القارتين الأمريكيتين، و1.2 مليون في الدول العربية و5.5 مليون في أوروبا وآسيا الوسطى. ويتركز عمل الأطفال بالدرجة الأولى في الزراعة بنسبة 71 في المائة، والتي تشمل صيد الأسماك، والغابات، وتربية المواشي والأحياء المائية، وتضم كلا من زراعة المحاصيل والزراعة التجارية، وبنسبة 17 في المائة في المحاصيل و 12 في المائة في القطاع الصناعي، بما في ذلك التعدين.