لازال آلاف الأطفال المغاربة يمارسون أعمالاً شاقة وخطيرة ويتعرضون للاضطهاد وللاستغلال بما فيه الاستغلال الجنسي والهجرة والتشريد في البلدان الأوربية خاصة إسبانيا، السويد وفرنسا بسبب الفقر والعوز والتفكك العائلي وارتفاع ظاهرة الطلاق والهدر المدرسي وحرمانهم من طفولتهم وتعليمهم الإلزامي. يخلد العالم مع منظمة العمل الدولية اليوم العالمي لمكافحة تشغيل الأطفال لتركيز الاهتمام على مدى انتشار ظاهرة عمل الأطفال في العالم، والعمل على بذل الجهود اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة باعتماد ومراقبة معايير عمل تجسد مفهوم الحد الأدنى لسن العمل أو الاستخدام، كما أدى اعتماد منظمة العمل الدولي للاتفاقية رقم 182 إلى تعزيز توافق الآراء العالمي بشأن ضرورة القضاء على عمل الأطفال وخاصة القضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال المطلقة التي عرفت دوليا بالاستعباد والاتجار بالبشر والعمل مقابل سداد الدين وسائر أشكال العمل الجبري وتوظيف الأطفال جبرا لاستخدامهم في النزاعات المسلحة وأعمال الدعارة والأعمال الإباحية والأنشطة غير المشروعة. وكل ما من شأنه إعاقة تعليم الطفل ونموه التام. واختارت منظمة العمل الدولية كشعار لسنة 2017″حماية الأطفال من العمل حتى أوقات الصراعات والكوارث " لما لها من آثار كارثية على حياة الناس، فمنهم من يُقتل، ومنهم من يشوه أو يُجرح أو يجبر على الفرار، وهي من العوامل التي تؤدي إلى وقوع الناس في براثين الفقر والجوع وغالبا ما تُقعدهم في حالات لا تحترم فيها حتى أبسط حقوقهم الإنسانية. والأطفال غالبا هم أول الضحايا نظرا لتدمير المدارس وغياب الخدمات الأساسية. وهناك كثير من الأطفال بين المشردين واللاجئين في بلدان كثيرة، وهم من أضعف الفئات المعرضة للاتجار بهم أو استغلالهم في الأعمال الارهابية المسلحة. وفي هذا الإطار تشير الغاية السابعة من الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة إلى "اتخاذ تدابير فورية وفعالة للقضاء على السخرة وإنهاء الرق المعاصر والاتجار بالبشر لضمان حظر واستئصال أسوأ أشكال عمل الأطفال،...وإنهاء عمل الأطفال بجميع أشكاله بحلول عام 2030". وهي مناسبة تقوم فيها المنظمة الديمقراطية للشغل على تسليط الضوء على محنة الأطفال في أماكن العمل بالمغرب فرغم مصادقة المغرب على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 189 بشأن العمل اللائق للعمال المنزليين وصادق على ثلاث اتفاقيات تتعلق بتجريم عمل الاطفال وهي الاتفاقيات 138 و182 للمنظمة الدولية للشغل والمادة 32-1 من اتفاقية الاممالمتحدة لحقوق الطفل وصدور قانون الرقم 19.12، المحدد لشروط التشغيل والشغل المتعلقة بالعمال المنزليين بالمغرب؛ لازالت أعداد كبيرة من الأطفال يتم استغلالها ولاسيما في القطاع الزراعي وفي مجال العمل المنزلي وفي العمل غير اللائق بأجر أو بدون أجر وأحيانا في منازل أصحاب العمل. ويتواجد الأطفال بكثرة في شوارع المدن الكبرى يمتهنون التسول وينامون في الشوارع وغالبا ما يصبح هؤلاء الأطفال عرضة للاستغلال الجنسي كما تتم إساءة معاملتهم في اوراش العمل أو خلال أدائهم مهام العمل المنزلي. وخلال الخمس سنوات الاخيرة تزايدت الانتهاكات التي طالت الاطفال بالمغرب حيث يشغلون في عديد الانشطة المشبوهة والخطيرة كبيع السجائر بل حتى المخدرات واستغلالهم لبيع السلع المهربة ويشتغلون في الاقتصاد الموازي كما تشتغل البنات الصغيرات على مدار الاسبوع ولساعات متأخرة من الليل وينمن في ظروف قاسية وعادة ما تخصص العائلات المشغلة المطبخ لإيوائهن ولا يتمعن بالحد الأدنى للأجر والتغطية الاجتماعية والصحية. خلفت الحكومة السابقة مآسي اجتماعية وضحاياها الأطفال ونحن أمام أرقام صادمة بخصوص ظاهرة تشغيل القاصرين دون سن 15 سنة في المغرب. تؤكد الإحصائيات الرسمية أن الأعمال الخطيرة تطال 193 ألف طفل من بين الفئة المتراوحة أعمارها ما بين 7 و17 سنة خلال سنة 2015، وهو ما يمثل 59 في المائة من الأطفال العاملين و2,9 في المائة من مجموع أطفال هذه الفئة العمرية وضمنهم 90 في المائة يشتغلون بالبادية. وجود 84% من إجمالي الأطفال العاملين في المغرب وعددهم 600 ألف طفل في القرى، كما تشير الإحصائيات أن نحو 1.3 مليون طفل من الفئة العمرية بين 7 و14 سنة لا يذهبون إلى المدرسة،و50 % من 3500 طفل يتعرضون لمخاطر عالية أو عالية جدا و3% فقط لا يواجهون أي خطر. ومن ضمن المخاطر تعرض هؤلاء الأطفال للمبيدات الحشرية والفطرية وحمل أعباء ثقيلة والعزلة والتعرض للشمس خلال قيامهم بالعمل ومصاعب أخرى.