عز الدين / أ-ح ث لمريني يشكل الوضع الأمني بمدينة وجدة والجهة الشرقية أهمية كبرى لدى المسؤولين الأمنيين المركزيين، وذلك نتيجة الموقع الاستراتيجي والحساس الذي تحتله المنطقة من خلال محاذاتها لشريط حدودي يزيد عن 600 كلم مع الجزائر وما يترتب عن ذلك من مشاكل من خلال ما يعرفه الشريط الحدودي من روجان للتهريب والأقراص المهلوسة التي تغزو مدينة وجدة، بالإضافة إلى النشاط المكثف لمافيات الهجرة السرية فيما يخص هجرة الأفارقة عن طريق الشريط الحدودي إلى أماكن مختلفة من التراب المغربي وكذا نشاط مافيات الهجرة السرية، ومشكل الإرهاب وعلاقته بأمن الحدود أقراص مهلوسة جزائرية بالرغم من المجهودات التي تقوم بها مصالح الأمن لمحاربة المخدرات بشتى أنواعها، فإنه قد انتشر استعمال الأقراص الطبية المخدرة على نطاق واسع بوجدة وبباقي مناطق الجهة الشرقية، خصوصا في أوساط الشباب الذين أدمن الكثير منهم على الأقراص الطبية المخدرة. وقد أصبح الإقبال عليها في تزايد مستمر من فئات عمرية مختلفة، في حين يحتل الشباب حصة الأسد من نسبة المدمنين على الأقراص المهلوسة والتي ترجع مجموعة من المصادر هذا الأمر إلى ارتفاع نسبة البطالة التي تتعدى 20 في المائة بالجهة الشرقية حسب الإحصائيات الرسمية، والتي يظل الوسط الحضري الأكثر تضررا من وضعية البطالة، هو الوسط الذي تنتعش به تجارة الأقراص المخدرة. ويتم إدخال الأقراص المخدرة إلى مدينة وجدة بواسطة شبكات منظمة بالمغرب والجزائر، يتكلف الجزائريون بالحصول على الأقراص المهلوسة من الصيدليات بطرق ملتوية مما يطرح أكثر من علامة استفهام عن الطريقة التي يتم بها الحصول على أقراص “القرقوبي” من الصيدليات بالجزائر وبكميات كبيرة جدا، خصوصا وان الأمر يستدعي الحصول على وصفة طبية وفي هذا الإطار تشير المحاضر القضائية للموقوفين بحيازتهم الأقراص المخدرة، بأن المحجوز لديهم يتم استقدامه من الجزائر وغالبا بمدينة مغنية الجزائرية وأن متزعمي الشبكات التي تعمل في هذا الميدان ينحدرون من أصل جزائري ويدخلون إلى التراب المغربي بطريقة غير قانونية، وهم محملون بالكميات المطلوبة من طرف المروجين المحليين الذين يعمدون إلى تصديرها إلى مناطق مختلفة من التراب المغربي، حيث أن مجال ترويج الأقراص المهلوسة لا يقتصر على مدينة وجدة بل يتعداها ليصل إلى مناطق مختلفة من الوطن خصوصا الدارالبيضاء وطنجة ومراكش. هجرة الأفارقة ومن خلال التدفق المتزايد للأفارقة السود على الجهة الشرقية، تحولت مدينة وجدة إلى ملجأ آمن للمهاجرين الأفارقة ومعه يجد المغرب نفسه في وضعية حرجة بين الوضع اللاقانوني لهؤلاء وبين وضعيتهم المأساوية وعدم وجود إمكانيات لمساعدتهم، وما يكتفي به هو مطاردتهم بين الفينة والأخرى وإبعادهم نحو الحدود المغربية الجزائرية ليبقوا هناك عرضة للضياع ولقمة سائغة في أيدي مافيات التهجير السري، في ظل غياب دور فاعل وحازم للأمن الجزائري الذي يتسللوا من خلاله إلى التراب المغربي، حيث تتعامل الدولة الجزائرية ببرودة مع قضية المهاجرين الأفارقة الذين يعبرون التراب الجزائري في اتجاه المغرب، مما يجعل تشديد المراقبة على الحدود المغربية الجزائرية أمرا ضروريا من أجل وضع حد لجحافل المهاجرين الأفارقة التي تتدفق باستمرار على الجهة الشرقية. ومن أجل إيجاد حل ناجع للحد من ظاهرة المهاجرين الأفارقة الذين يعبرون التراب الجزائري في اتجاه المغرب الذي تحول مؤخرا إلى منطقة عبور رئيسية نحو الديار الأوربية، يبقى تعاون الجزائر أمرا ملحا على اعتبار أن المشاكل الحدودية لا يمكن حلها بصورة فردية. أما في حالة بقاء الجزائر متشبثة بتصدير هذه الآفة، وعدم الاكتراث وإعمال سياسة الآذان الصماء، فيبقى ضروريا على المغرب وضع وحدات للمراقبة على طول الحدود الجزائرية المغربية لإجهاض أي محاولة لولوج الأفارقة جنوب الصحراء والجزائريين للتراب المغربي، وأن تتمتع هذه الوحدات بالدعم المادي واللوجيستيكي والبشري لتغطية جميع النقط الحدودية من أجل العمل على تفكيك جميع شبكات التهجير السري. تهريب بين ضفتي الحدود ومن بين القضايا التي تؤرق المصالح الأمنية بوجدة ظاهرة التهريب التي تنشط بشكل مكثف على الشريط الحدودي المغربي الجزائري، ومما ساهم في استفحال ظاهرة التهريب بالجهة الشرقية تتداخل عدة عوامل مباشرة وغير مباشرة، تتحدد بقرب المسافة بين النقط الحدودية ومدن الجهة الشرقية وبواديها، وعوامل اقتصادية تتحدد في غياب برامج ومخططات اقتصادية بالجهة، حيث عانت الجهة لما يزيد عن 40 سنة، مما جعلها تفتقر إلى المؤسسات الاقتصادية والمشاريع الإنمائية التي تساهم في امتصاص البطالة كما أن سلوك المستهلك بالجهة الشرقية يميل عادة إلى كل ما هو أجنبي باعتباره جودة، بالإضافة إلى عامل الصرف الذي ساهم في ازدهار التهريب بالجهة نظرا لانخفاض الدينار الجزائري الموازي إلى جانب ارتفاع الرسوم الجمركية على الواردات التي تصل أحيانا إلى 200 في المائة. وقدرت غرفة التجارة والصناعة والخدمات بوجدة قيمة المعاملات السنوية لمجموع الجهة الشرقية من مواد التهريب بنحو 6 ملايير درهم، في حين أن هذا المعدل يقل عن معدل القيمة الذي يبقى ضخما مما يطرح عدة أسئلة: ما هو رقم المعاملات الذي يحسره القطاع المنظم، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار الثمن الوطني الذي يزيد أحيانا عن النصف بالنسبة لأثمنة التهريب ؟