[email protected] قال بوب بيل "إننا بالغريزة نحب ذلك الشخص الذي يعرف ما يريده، ويتصرف كما لو كان يتوقع الحصول عليه ؛ فالناس لا تحب المترددين و الفاشلين". لم يكن شهيد المحراب, محباً فقط لشعبه, بل كان واثقاً بأنهم الشعبٌ, الأَبيٌ والصابر, الذي يستحق التضحية, لذا فقد كانت خطواته راسخة بعمق, فدخل العراق غير مبالٍ, بما قد يحصل من مفاجآت, تلك الثقة التي لم يتملكها, كل قادة المعارضة العراقية, تلك الثقة لم تعجب الحاقدين, تلك الثقة المتبادلة, بينه وبين المواطن العراقي. قام السيد محمد باقر الحكيم, منذ أول هجرته عام 1980, بتقييم للوضع العراقي, والقيام بتأسيس العمل الجهادي, وتحمل المسؤولية لمواجهة نظام صدام, وكان من الجرأة, حيث قام بالتصدي بالاسم الصريح, ولم يتخذ اسماً حركياً, وهذا مالم يكن متعارفاً عليه, في الحركات السياسية, المعارضة للأنظمة الدكتاتورية, لينبثق عام 1982 تأسيس, المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق؛ حيث اُنتخِبَ شهيد المحراب, الناطق الرسمي للمجلس. الجهاد المسلح ومواجهة النظام الصدامي المجرم, ضرورة من ضرورات المعارضة, وقد تَبنى ذلك السيد الشهيد, فوضع البذرة الأولى, بتأسيس فوج بدر, ما لبث ذلك الفوج يكبر, ليصبح فيلقاً عسكرياً, وغطت أصداء عملياته, مدن العراق وأهوار الجنوب, لتصل إلى بغداد, بعمليات استشهادية, أرعبت النظام الصدامي, عند وصل قذائف الكاتيوشا, إلى القصر الجمهوري. لم يهمل السيد الشهيد بيان المآسي, التي يتعرض لها شعب العراق, على إيدي جلاوزة النظام الصدامي, فكان يبرق الرسائل لملوك, ورؤساء الدول العربية والإسلامية, في كل مناسبة وبيان حجم المعاناة, إضافة لإرسال المذكرات, الى الأممالمتحدة وأمينها, وقد تحرك شهيد المحراب لمقابلة, "خافيير بيريز ديكويلار" شخصيا عام 1992. بعد 23 عاماً من الجهاد, عاد السيد محمد باقر الحكيم, إلى أرض الوطن, حاملاً الرؤية الواضحة, لبناء العراق الجديد, ليستقر في النجف الأشرف, وكان استقباله حافلاً, لم يسبق أن شوهد مثله, فقد استقبله مئات الآلاف, من أبناء العراق الصابر, المتلهف لإطلالته بعد سنين من منفاه. كان شهيد المحراب حقاَ, يعرف ما يريد, غَيرَ مترددٍ في طرحه, لرؤيته الوطنية, دون التفريق بين طائفة وأخرى, أو مذهب من المذاهب, كما أنه كان ومن الوهلة الأولى, يؤكد على إتباعه للمرجعية العليا. إنَّ اغتيال شهيد المحراب, بتلك الخِسَّةِ والإيغال في الإجرام, تمثل قمة العداء, لإقامة دولة العراق الجديد, وطعن للإرادة الشعبية والوطنية العراقية.