تعتبر الخبرة الجينية اليوم من أدق الوسائل العلمية التي يعتمد عليها القضاء للوصول الى الحقيقة في بعض الملفات المعقدة أو التي يكون أحد أطرافها يتقاضى بسوء نية مستعملا كل الوسائل الشرعية وغيرها لتضليل العدالة. قضايا إثبات النسب التي يريد بعض الآباء التملص منها لعدم أداء النفقة وما يرتبط بها من مستحقات للزوجة / الأم خلال فترة الزواج أو بعد الطلاق، أصبحت سهلة الحل نتيجة للخبرة الجينية. المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء أصدرت في 07/11/15 الحكم رقم 5593 في الملف عدد 05/815 قضى بثبوت نسب الإبن () المزداد بتاريخ ( ) لوالده ( ) ورفض باقي الطلبات وتحميله المصاريف، لكون الأب رفض الخضوع لإجراء الخبرة الجينية أمام المختبر العلمي للأمن الوطني. حيث أن المدعية تؤكد ان الخطوبة تمت خلال سنة 2000 من عمها لوفاة والدها وبحضور عائلتيهما وحدد الصداق في 5000 درهم لم تتسلمها، وبعد سنتين دخل بها وحملت ووضعت الإبن () بتاريخ 2002/10/25 ليرفض الزوج إتمام الزواج مما يتعين الحكم عليه. حيث أجاب المدعى عليه أنه لا تربطه بالمدعية أية علاقة نهائيا، وأنها سبق وأن قدمت ضده شكاية بالاغتصاب ليصدر قرار بتاريخ 2003/6/4 بعدم متابعته من طرف قاضي التحقيق في الملف عدد 03/73. حيث أدلت المدعية بموجب عدلي ( ) بتاريخ 03/10/31 لشهود يؤكدون الزواج والحمل والولادة. حيث ان هؤلاء الشهود لم يبينوا نوعية العلاقة بين الطرفين مما يجعلها ناقصة. حيث ان المدعية لم تقدم الدليل القاطع على وجود علاقة زوجية بينهما ولم تبين الظروف والاسباب القاهرة التي حالت دون توثيق عقد الزواج في حينه. حيث أدلت المدعية بمحضر الشرطة يقر فيه المدعى عليه بأنها خطيبته. حيث رد المدعى عليه أنه صرح بذلك للشرطة لمجرد تبرير تواجده معها ليس إلا. حيث إن واقعة الخطبة ثابتة بالنظر لإقرار المدعى عليه بها. وحيث ان الفصل 156 من مدونة الأسرة ينص على أنه إذا تمت الخطوبة وحصل الإيجاب والقبول وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج وظهر حمل بالمخطوبة فحملت أثناء الخطبة وأقر الخطيبان ان الحمل منهما، وإذا أنكر الخاطب أن يكون ذلك الحمل منه أمكن اللجوء الى جميع الوسائل الشرعية في إثبات النسب. وحيث إن المحكمة أمرت بإجراء خبرة جينية على الطرفين والولد لدى مختبر الشرطة العلمية بالدار البيضاء خضعت لها الأم وابنها وتخلف عن الحضور لإجرائها المدعى عليه رغم توصله بالاستدعاء بالبريد المضمون. وحيث ان عدم حضور المدعى عليه لإنجاز الخبرة المأمور بها وإصراره على ذلك حسب ما هو ثابت من خلال المذكرة التعقيبية المدلى بها من طرف دفاعه بالجلسة ، يعتبر تملصا من تنفيذ قرار إجراء الخبرة الجينية. وحيث ان امتناعه الصريح عن إجراء الخبرة الجينية المأمور بها قضائيا والتي تعد حسب نص القانون من بين وسائل إثبات النسب، يعتبر حجة قاطعة على صحة أقوال المدعية بخصوص نسب الإبن () إليه. وحيث ان ما يعرض هذه الحجة هو واقعة الخطوبة التي ثبت قيامها للمحكمة في هذه النازلة.... .... حكمت المحكمة بثبوت النسب......».