ركز الاستاذ عبد العزيز يعكوبي، مستشار بالمجلس الأعلى، من خلال دراسة تحليلية مقارنة بين التشريع المغربي وتشريعات غربية وبعض الحلول والاجتهادات التي واكبت بعض النوازل في المرحلة الإسلامية الأولى أو في ما بعد، على موقع الخبرة الطبية ضمن التشريعات الوضعية المنظمة للنسب وموقف الفقه الإسلامي ومدونة الأسرة من اعتماد هذه الخبرة في المنازعات المتعلقة بالنسب. وتطرق يعكوبي، خلال ندوة نظمتها اللجنة الثقافية لمحكمة الاستئناف بالرباط، لموضوع إثبات النسب بين قواعد الشريعة الإسلامية والنظريات العلمية يوم الجمعة 24 شتنبر الجاري، إلى عرض الوسائل العلمية المعتمدة في إثبات النسب أو نفيه، وبعدها الفقهي، كتحليل فصائل الدم أو أقيسة الجسم البشري أو نسبة الخصوبة أو البصمات الجينية مع استحضار الأصل الفقهي الذي يؤكد أن «النسب يثبت بالفراش ولا ينتفي إلا بطعن الزوج بناء على دلائل قوية»، فيما تكون الخبرة الطبية المتاحة للتدقيق في هذه المسألة خاضعة لطلب القضاء، المرتهنة أصلا بالقرائن. وأوضح الأستاذ الحسين الملكي، محام بهيئة الرباط أن البنوة غير الشرعية، وفقا لمدونة الأسرة، لا تترتب عنها بالنسبة للأب أي من الآثار الشرعية، فيما تستوي هذه الآثار بالنسبة للأم في الحالتين الشرعية وغير الشرعية، مقترحا في هذا الإطار أن يتم بالمقابل إقرار قاعدة تلزم الأب المفترض تحمل مسؤولية هذا الوليد بدل أن تلحق المسؤولية بكاملها على كاهل الأم فقط أو المجتمع في حالة الأطفال المتخلى عنهم. وأشار خالد برجاوي، الأستاذ بكلية الحقوق السويسي، إلى أن القانون المغربي قبل 2004 كان يستبعد الخبرة الطبية في تحديد النسب، وأن اعتمادها من قبل المدونة الجديدة للأسرة كوسيلة إثبات يعتبر «ثورة في مجال التشريع، ووسيلة للحد من المنازعات المحتدمة حول هذا الموضوع». وأكد الدكتور الطيب أباطة (طبيب متخصص)، بخصوص الجوانب التقنية والعلمية والعملية للخبرة الطبية كوسيلة لإثبات النسب، أن المختبرين المتخصصيين في هذا المجال بكل من الرباط والدارالبيضاء «لا يتوفران على بنية تحتية مختبراتية» تؤهلهما لإجراء الخبرة باعتماد الهندسة الجينية أو ما يسمى بتحليل الحمض النووي، وأنهما لا يعتمدان إلا الاختبارات الروتينية التقليدية المستعملة في هذا المجال. وأوضح أن اعتماد خبرة تحليل الحمض النووي تتطلب توفير ما يشبه بنكا للمعطيات المتعلقة بمعلومات وافية عن الهندسة الجينية لعينة تضم ما بين 500 وألف من المواطنين من مختلف مناطق المغرب، فضلا عن أن إجراء هذه الخبرة ينبغي أن يوكل إلى مختبرات محلفة تبت في شأنها الأسرة القضائية وتقوم بعملها أيضا تحت إشراف قضائي، فيما يشرف ويعمل بها متخصصون مشهود لهم بالخبرة في هذا المجال. و م ع