صدر مؤخرا بتونس ديوان آخر للشاعر التونسي والعربي الكبير أبو القاسم الشابي ظل مغمورا في تلافيف نصوصه الأخرى المبعثرة تحت عنوان «صفحات من كتاب الوجود» جمعها و قدم لها الشاعر سوف عبيد. وهو ديوان يضم خمسة عشر نصا من الشعر الذي لم يلتزم فيه الشابي بالعروض، كتبها على مدى خمس سنوات من سنة 1925 إلى سنة 1930 حيث واكب فيها الطموح التجديدي العارم الذي لاح في تونس. تؤكد قصائد الشابي النثرية، أن شعر الإبداع الحقيقي أكبر من الأشكال وأوسع من القوالب وأن القصيدة البديعة هي التي تؤسس كيانها وتعلن قانونها بما تتوهج به من ألق وإقناع. نقرأ من القصيدة الأولى «بقايا الشفق»: أين أنت؟ أيتها الأحلام العذبة التي كانت تبسم لي من خلال الظلام فتفعم آفاق نفسي بأنوار الرجاء وترفّ بسكون حول قلبي هامسة في مسامعه أنشودة الأمل في أي واد تلاشيت وفي أي لحد ضُمّ صداك ؟ أين أنت؟ أيتها الأجنحة البيضاء المتألقة تحت أشعة الشمس كعرائس الشعر لقد طلبتك بين أنوار الصباح فلم أجدك وفتشت عنك بين أهوال الظلام فما رأيتك فتشت عنك في ابتسامة الأزهار وفي قطوب الأشواك وفي كل أطواء الحياة ومظاهرها فما وجدتك فأين أنت أيتها الأشعة الفاتنة وأين مأواك ؟