نُظمت في الأيام القليلة الماضية بمنطقة أيت إسحاق بإقليم خنيفرة، وقفة احتجاجية أمام مقر الجماعة القروية من طرف فعاليات محلية ومواطنين احتجاجاً على ندرة الماء. وقفة آيت إسحاق ضد العطش، والتي سبقتها وقفات أخرى بذات المنطقة في فترات ماضية، وشكايات سكان القرى والمناطق النائية في جهات مختلفة بين الفينة والأخرى من قلة الماء والشروب أو «نضوبة» تطرح، أو تعيد طرح إشكالية الماء بالمغرب، وخاصة في ظل الإكراهات والحاجيات المتزايدة والمتغيرات المناخية التي باتت مؤشراتها على ما يبدو في المغرب وغيره من بلدان العالم، أمراً واقعاً. على الرغم من نوعية التساقطات التي شهدها المغرب السنة الماضية، والتي تميزت بالكثافة والانتظام في التساقط الى حد ما، قياساً مع عقود خلت، وبالرغم من أن سقوطها مبكراً مع بداية هذا الموسم يولد الانطباع العام الذي مفاده أنه إذا استمرت الحالة المناخية بهذا الشكل «المنتظم»، فإن كثرة تدفق الأمطار ستكون آثارها إيجابية على مختلف مصادر المياه الفرعية من سدود، وفرشات مائية، وآبار بالقرى والمناطق النائية، وهو ما يعني التقليص على الأقل من حدة الندرة المائية في بعض المناطق التي تعاني بشكل شبه دائم من شُح الماء.. (من خنيفرة وسهول مثل سهل دكالة وبخاصة المنطقة البورية منه). لكن معطيات وأرقام وزارة المياه، وكذا الدراسات العلمية الدولية التي أجريت حول المتغيرات المناخية، والتي عُرضت في أحد أهم الملتقيات الدولية المختصة بروما، تشير اعتماداً على العديد من المؤشرات، إلى إمكانية حدوث انقلاب جزئي في الخريطة المناخية العالمية وهو ما ستكون له انعكاسات على المستوى المحلي في السنوات القادمة، إذا استمرت ذات الزيادة المسجلة في درجات الحرارة خلال العقود الأخيرة أي ثلاث درجات. وحسب معطيات وزارة المياه التي تم الكشف عنها بمدينة الدارالبيضاء في أفق التهييء للمناظرة الوطنية للماء، فإن التساقطات تقلصت بالمغرب خلال 30 سنة الماضية ب 30%، وهو ما يفسر الطبيعة الجافة وشبه الجافة لمناخ المغرب، وقال هؤلاء، إن من بين الحلول التي قد تُسهم في حل مشكل الندرة ببعض المناطق والإسهام في خلق دينامية جديدة في قطاع الفلاحة والسياحة، تحلية مياه البحر، مبرزين في هذا الصدد، بأن اعتماد إسبانيا على آلية تحلية مياه البحر (فضلا عن موارد مياه الأمطار) أسهم في ازدهار فلاحتها. »نُدرة المياه« كانت شعاراً للأمم المتحدة في يومها العالمي للماء قبل سنتين، وهو ما يعني الأهمية التي يوليها المنتظم لهذه المعضلة التي أضحت تتفاقم في العديد من بلدان العالم بسبب تداخل عوامل مختلفة، منها ما هو مرتبط بفوضى استغلال الماء، وما هو متصل بالتدبير، وما له علاقة بالتحولات المناخية.