اضطرت مجموعة من الفعاليات المحلية بآيت إسحاق، إقليمخنيفرة، إلى دعوة عموم المواطنات والمواطنين بهذه البلدة للمشاركة المكثفة في الوقفة الاحتجاجية التي نظمت، مساء الخميس 24 شتنبر 2009، أمام مقر الجماعة القروية ومكتب الماء الصالح للشرب، وذلك لأجل إثارة انتباه الجهات المسؤولة إلى درجة المعاناة التي بلغت بالساكنة جراء ندرة الماء الشروب، وأوضاع أخرى مثل ضعف الإنارة العمومية وانتشار الأزبال وافتقار بعض الأحياء لقنوات الصرف الصحي، وقد ردد المتظاهرون جملة من الشعارات التنديدية، بينما سجل الملاحظون مضايقات سلطوية سعت إلى إفشال الوقفة، ولا شك في أن سكان آيت إسحاق قد ضاقوا ذرعا بسبب حياة التهميش والهشاشة والعزلة والإقصاء الاجتماعي الذي تشكو منه البلدة اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا رغم التاريخ العريق لهذه البلدة ومكانتها بين زوايا المملكة. بمجرد ما تتجاوز الطريق الرئيسية في اتجاه آيت إسحاق، إقليمخنيفرة، تعترضك الطريق العابرة للبلدة، والتي لا تحمل من المعابر غير الاسم، بالنظر لحالتها السيئة والمتردية جدا، وفي الوقت الحالي هناك بآيت إسحاق مشكلة تقض مضاجع السكان بعنوان "أزمة الماء الشروب" من البديهي أن يصبح الجميع معنيا بها دون استثناء، ذلك "رغم ما تم تكديسه من خطط وبرامج تتغنى بتطويق المشكل في مجال توفير الماء الصالح للشرب"، حسب تعليق أحد الفاعلين الجمعويين الذي زاد فرأى "أن الحصول على الماء بآيت إسحاق بات أشبه ما يكون بالحصول على البترول" طالما يصعب على أي كائن بهذه البلدة القبول بانتظار "ساعته" أو "يومه" للاستفادة من قطرة ماء. إن هذه المادة الحيوية، التي خلق الله منها كل شيء حي، أضحت بالعاصمة الدلائية، آيت إسحاق، أهم المشكلات الصعبة التي يعاني منها السكان، بالأحرى لو تم عرض معاناة هؤلاء السكان مع الأزمة خلال حرارة الصيف المرتفعة وشهر رمضان المبارك، وهذه الأزمة ليس فقط سببها فقط استخفاف مصالح الماء الشروب، بل هي أيضا من مخلفات الذين تعاقبوا على مقعد الجماعة، وربما من حق السكان أن يعيبوا بمرارة على مختلف الجهات المعنية قصورها المكشوف في مواجهة الأزمة التي يصعب تصورها ببلدة تنتمي لشريط الأطلس المتوسط الذي يعتبر صهريج المغرب بالنظر لموارده المائية، وتطل على "سد دشر الواد" الذي تم إطلاق عليه، خلال زيارة ملكية للمنطقة، اسم سد الشهيد أحمد الحنصالي. وكم يقع المواطن في حيرة من أمره لما يطالع النداءات التي تنصح بضرورة الترشيد في استخدام الماء وفي الوقت ذاته يتساءل هذا المواطن عن أي ماء يتحدثون طالما هذه المادة قليلة ببلدته أصلا؟، ولم يعد من المقبول إطلاقا الوقوف على مشاهد يومية لطوابير طويلة مصطفة ببراميلها و"بِيدُويَاتِها" تحت الشمس ولعنة الانتظار وقساوة الزمن للحصول على "جُغْمَة ماء" في سبيل مواجهة العطش المنظم، وبأحد الطوابير اكتفى مواطن معلقا: أن "نسبة التيمم في الصلوات الخمس بآيت إسحاق ارتفعت بسبب ندرة الماء"، بالأحرى لو تعلق الأمر بالحاجة إلى العوم أو الشرب والتنظيف، وكلما سمع الناس بنقطة ماء إلا وهرعوا إليها، وهو ما جرى مثلا عندما فتح أحد المحسنين قناة مائية فكان طبيعيا أن يتكرر مشهد الازدحام، يضاف إلى ذلك مواطنون تراهم بدوابهم موزعين في كل الاتجاهات من أجل جلب الماء، وليس غريبا أن يختار بعض الميسورين معالجة المشكل باقتناء المياه المعدنية، بينما فضل آخرون الهروب بأبنائهم وأفراد أسرهم نحو الإقامة مؤقتا لدى أقاربهم بمناطق محيطة أو بخنيفرةالمدينة. "الاتحاد الاشتراكي" استفسرت الجماعة القروية للبلدة في شأن الموضوع، فاكتفت مصادر منها بالقول: إنه "بالنظر للقدرات المحدودة لهذه الجماعة في المجال المالي والتقني، وفي مجال تدبير قطاع الماء الصالح للشرب، قامت، خلال دورة استثنائية ليوم 19 نونبر 2004، بتفويت شبكة توزيع الماء الشروب لفائدة المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، باعتباره المؤسسة المعنية في هذا المجال من جهة، والحاجة المتزايدة للماء من طرف سكان المركز الذي يعرف نموا متزايدا على المستوى الديمغرافي والعمراني"، و"أثناء الدورة الاستثنائية ليوم 27 شتنبر من عام 2006 تمت المصادقة على اتفاقية الشراكة بين الطرفين لتمويل مشروع تزويد البلدة بالماء الشروب بغلاف مالي يقدر بحوالي 10 ملايين درهم، منها 7 ملايين درهم مساهمة من المكتب الوطني للماء الصالح للشرب وما تبقى تساهم به الجماعة القروية لآيت إسحاق"، مشيرة ذات المصادر إلى الأشغال التي جرت في هذا الصدد وكيف "أن عملية الربط والإيصال عرفت وتعرف تعثرا كبيرا وتأخيرا ملحوظا"، ولم يفتها الحديث عن "مقاولة عُهد إليها القيام بهذه الأشغال وليست لها أية خبرة في هذا الميدان، حتى أن الواقع أبان عن فشلها"، بحسب نفس مصادر الجماعة القروية التي زادت فكشفت عن مراسلات قالت بأنها وُجِهت، مابين أكتوبر 2008 وغشت 2009، لعامل الإقليم والمدير الإقليمي للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، وطالبت من خلالها بالتدخل لأجل تسريع وتيرة الأشغال. وفي ذات الموضوع حملت "الاتحاد الاشتراكي" أسئلتها للإدارة الإقليمية للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، ولم تنكر مصادر مسؤولة بهذه المصلحة وضعية الأزمة المائية التي تمر منها بلدة آيت إسحاق وأحيائها العالية، مقابل تأكيدها على سهرها الجدي من أجل احتواء الأزمة بتزويد البلدة بما يكفي من الماء الشروب، إلا أن العائق الكبير، تضيف ذات المصادر، يتجلى في مشكل الخصاص الذي تشكو منه آيت إسحاق على مستوى الموارد المائية، وفي ما له علاقة مباشرة بما وصفته بحقوق الماء للسكان المجاورين، مذكرة ذمصادرنا- بمعاهدة كانت قد تمت بين مكتب الماء والجماعة القروية، وتم بموجبها تخصيص مياه ثلاث عيون (بومعماع، تومليلين، وتنمورس) لتزويد البلدة بالماء الشروب، غير أن سلسلة من الاكراهات ساهمت في تعطيل هذا الطموح بعد الوقوف مثلا على تسربات بقنوات الجر المتقادمة، ثم وبمجرد الانتهاء من أشغال وضع شبكة التوزيع في نفس السنة، ووضع لائحة بأسماء المشتركين ممن تم تفويتهم لمكتب الماء من طرف الجماعة، رفض رئيس الجماعة آنذاك المصادقة على العملية، الأمر الذي زاد من إعاقة وتيرة انجاز الإيصالات، ومن بين المعيقات الأخرى، تضيف مصادر المكتب الوطني للماء، إصابة إحدى العيون (بومعماع) بخسارة إثر تعرضها لموجات أوحال، فيما أعربت نفس المصادر أن "مجانية الماء" المعمول بها حاليا بآيت إسحاق تتسبب بجلاء في تفريغ الخزان المائي من حين لآخر وبشكل يؤدي في كل مرة إلى وضعية الأزمة التي لا يمكن التعامل معها الا بنظام التناوب في التزويد بين الأحياء. ومن جهة أخرى جددت ذات المصادر تفكيرها في تزويد آيت إسحاق مستقبلا من وادي أم الربيع، هي ومناطق أخرى بالإقليم (أجلموس، حد بوحسوسن، مولاي بوعزة، سبت آيت رحو، كهف النسور، سيدي عمرو، سيدي احساين، سيدي بوعباد، البرج، لهري، تيغسالين، القباب..)، ذلك في إطار السعي لتلبية حاجيات السكان من الماء، والدراسة حول ذلك هي في طور الانجاز، حسب نفس المصادر، وكلفة المشروع تقدر ب 270 مليون درهم، ويرتقب أن يتم تفعيل الاستغلال في يونيو 2011 حيث ستكون المراهنة على البلوغ بعدد المستفيدين إلى 245000 نسمة. مصادرنا بالإدارة الإقليمية للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب لم تنكر وجود تعثر فعلي على مستوى أشغال الربط والإيصال بالشبكة المائية لآيت إسحاق، أما بخصوص الانتقادات الموجهة للمقاول المكلف بهذه الأشغال فاكتفت ذات المصادر بالقول إن صفقة المشروع تمت عن طريق طلب عروض مفتوح، وأن المقاول استفاد من الصفقة لتوفره على ما يتطلبه قانون المنافسة من مراجع منصوص عليها في مسطرة الصفقات والقانون الداخلي للمكتب الوطني للماء، ولم تفت مصادرنا الإشارة إلى أن التفويت النهائي للمنشآت المائية للمكتب الوطني سيتم خلال متم شهر شتنبر الجاري، على أساس أن يشرع المكتب الوطني للماء، ابتداء من شهر أكتوبر 2009، في نظام فوترة الاستهلاك بهدف تزويد مركز آيت إسحاق في ظروف طبيعية، رغم التخوف القائم من إصابة العيون بالجفاف. وخلال لقائنا بالإدارة الإقليمية للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب عبرت مصادر مسؤولة من هذه المصلحة عن استنكارها الشديد إزاء اعتداء قالت بأن مسؤولا بالجماعة القروية لآيت إسحاق قام به في حق مدير المدير الإقليمي، عن طريق "تهديده وإهانته لهذه الأخير أمام مرأى من المواطنين والسلطات المحلية"، كما رمى المدير الجهوي لذات القطاع ببعض "الاتهامات المجانبة للصواب"، وفي كل الأحوال لن يعني ذلك غير وجود توتر شديد سببه أزمة الماء الشروب وضغوط السكان المشروعة.