الله أكبر، الله أكبر، ولا إله إلا الله، أخانا العزيز يا مَن رحلتَ عنَّا جميعاً، وبقلوب دامية، ومآقي دامعة، وحسرةِ مُتَّقدة، نودّعك وأنت الذي ما كنتَ تُودِّعُ أصدقاءك ومعارفَك إلا على أمل اللّقاء من جديد. أخانا الحبيب محمد سعيد عفيفي، الفنَّان المميَّزَ الكبير، الفنَّانَ الموهوب وقد خَلَقك مبدعُك ومبدعُنا كافة ذا مواهبَ جليلة ظلت بهيجة ومتفتحة طيلة وجودِك في هذا الوجود الفاني، ها هي روحُك الطاهرةُ ترفرف بأجنحةً الحنان على أفراد جمهورك العريض وعلى إخوانك الفنانين مُحبّيك الذين أفجعهم نبأ هجرانِك هذه الحياة إلى الأبد، ولكننا مطمئنّون كل الاطمئنان أنك بحوله وإرادته تعالى في جنان الخلد والرضوان. فاللهمَّ ارحم أخانا محمد سعيد عفيفي برحمتك الواسعة واجعله يا مولانا مشمولاً بعفوك ورضاك. ونَمْ يا أخانا في طمأنينةٍ مُثْلَى ونفسُك راضيةٌ مرضيةٌ بما قدّمته يداك وصَنَعَتْهُ عبقريتُك لفن وطنك المتباهي قديماً وحديثاً وفي كل آن بك وبنشاطك الذي لم يعرف لا كللا ولا مللا، وكنتَ نجماً ساطعاً يتلألأ في سمائه. وها هم رفقاؤك وأصدقاؤك وأفراد جمهورك يذكرون العميم من مزاياك العظيمة التي تُخلّدك وتخلّد ذكراك في حوليّات المغرب مسرحاً وسينما وإذاعة وتلفزيوناً وما من نعمةٍ إلا من الله. وأخوك المتحدث بين إخوته وإخوتك إلى روحك يَذْكُرُ بالفخر والتقدير جليلَ سيرورتك منذ أن حَبَوْتَ نحو فن المسرح فتى موهوباً في زمرة طلائع الفرقة الرائعة فرقة المنار مطلع الخمسينات، ولن أنسى كذلك صورة شخصك وأنت المميز بين تلامذتي في مركز التمثيل العربي هنا بالدار البيضاء في تلك الفترة الطلائعية للمصير المسرحي في بلادنا. نعم، لقد كنتَ يا أخانا محمد سعيد عفيفي ممثلاً بهيج المقام أثار إعجاب المغاربة وغير المغاربة، ولن أنسى يوم أول لقيايَ بالكاتب الفرنسي أداموف، فإنه ما أن عرف أني مغربي حتى صاح بي: أين هو عفيفي. وأنا لن أنساك يا عفيفي مخرجاً مسرحياً رفيع الابتكار والابداع عندما تولّيتَ بكل نبوغ جَلِيّ إخراج مسرحيتي »الواقعة« مطلع الستينات وإلى اليوم، يذكرك ذاكروك في هذا العمل بالإجلال. وقد تلت تلك التجربة الناجحة تجربة أخرى بجانبي مخرجاً تلفزيونياً بين الحين والحين في استوديو التلفزة المغربية بالرباط في نفس الظرفية التاريخية. وسيتحدث عنك إخوتك يا عزيزي عفيفي رائداً من رواد فرقة المعمورة، وأستاذاً مرشداً لفن التمثيل لأجيال الشباب، وأنت كنتَ وستبقى صورك، نجماً سينمائياً مرموقاً... فاللهم ارحم أخانا الأستاذ محمد سعيد عفيفي الذي واريناه التراب، وأفئدَتُنا ثَكلى لفقدانه... وإننا جميعاً بركابه ملتحقون... إنا لله وإنا إليه راجعون. والله أكبر، الله أكبر.