في جمع غفير من محبيه من الدعاة والعلماء وقيادات الحركة الإسلامية بالمغرب، وأصحابه ورفاقه وتلاميذه، ووري جثمان الفقيد الحاج علال العمراني رحمه الله التراب بمقبرة الغفران بالدارالبيضاء يوم الخميس الماضي بعد صلاة العصر، وبهذه المناسبة الأليمة تم نعي الأستاذ الحاج علال العمراني بمجموعة من الكلمات، كان من أبرزها كلمة الأستاذ عبد الإله بن كيران، صديقه ورفيق دربه في الدعوة إلى الله. وتجدر الإشارة إلى أن حفل تأبين الفقيد يوم الجمعة الماضي شهد حضور العديد من الدعاة وقيادات الحركة الإسلامية بالدارالبيضاء، والذين أشادوا بمناقب الفقيد وأخلاقه وشيمه، معربين عن حزنهم لفقدان الحاج علال العمراني ليختم الحفل بقراءة الآيات من كتاب الله عز وجل والدعاء الصالح للفقيد.. وفي ما يلي نص كلمة الأستاذ عبد الإله بنكيران ، وكذا بعض التصريحات التي استقتها التجديد بهذه المناسبة الأليمة: الأستاذ عبد الإله ابن كيران:الموت فرج لك إن شاء الله «ها هو المصير أمامنا، أخونا سي علال العمراني أيها الإخوة الكرام لم يكن يشكو من شيء، لقد عاش معافى في جسده، عاش عيشة المؤمنين المتواضعين القانعين بما رزقهم الله، عاش لله، عاش معنا وقبلنا أحوال الدعوة وأمورها، وعانى في سبيل الله واعتقل في سبيل الله وصبر في سبيل الله، وأنا سأقول لكم يا إخواني وأقول لك يا سي علال: إن الدرس الذي أخذته منك هو الصبر، وسنبقى إن شاء الله صابرين. أنت كتب لك الله سبحانه وتعالى أن تموت في هذا اليوم المبارك إن شاء الله، ليلة الجمعة أراحك مما كان يؤلمك، ومما ترى عليه أحوال أمتك مما كنت تقاومه وتشعر أن الزمن يغالبك، وتشعر أن أهل الباطل تكون لهم جولات، ولكن الله عز وجل قدر لك أن ترحل واستبقانا من بعدك، فإن لنا في وفاتك درسا بليغا، أن نصبر ونثبت، ولا نتخلى، ونتشبت حتى يأتي الله بالفرج. الموت فرج لك إن شاء الله يا أخي علال وأنا متأكد، ولا أزكيك على الله، لكن عاشرتك، لقد بكيتك قبل عشرين سنة لأني رأيتك مقيدا بالأغلال، ولم أبك على نفسي، وبكيت عليك لمكانتك في قلبي، ولا تزال تلك المكانة، رغم أننا لم نكن نلتقي كثيرا، وأنا أعلم عنك كثرة الصيام والصلاة، حتى أخبرني أولادك بأنك كنت صائما يوم وقع لك ما وقع في هذا الحر الشديد، وكنت أشعر بقلبي أنك صادق في ما تقول وفي ما تعمل وأنك تلاطف الناس في عشرتك، وأنك تصبر عليهم، وأنك تحاول أن تأخذ من كل إنسان ما تستطيع من الخير وتأخذ بيده إلى الخير، ولم تكن في ذلك جبارا ولا شقيا، أخي سي علال، الدرس الصامت والرجل الرفيق والأستاذ المؤمن والقنوع، أخي علال الرجل التقي المواظب على المساجد المؤمن في خاصته وفي عامته، أخي علال رحمك الله ورحمنا معك». الدكتور عز الدين توفيق:الرجل الذي ساهم في ترسيخ وتثبيت العمل الإسلامي بالدارالبيضاء وبالمغرب «في هذا اليوم نشيع أخانا الكريم الأستاذ علال العمراني، الأستاذ المعروف في مدينة الدارالبيضاء، ونتقدم بالمناسبة بأحر التعازي لأبنائه وبناته وأسرته ولكافة أبناء الحركة الإسلامية بالبلد، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته، فقد عرفناه عن قرب منذ سنين عديدة، ولم نعرف فيه إلا الرجل الكريم الذي لا تفارق الابتسامة وجهه، والرجل الذي ساهم في ترسيخ وتثبيت العمل الإسلامي بالدارالبيضاء وبالمغرب، وأيضا هو أستاذ الجيل، درس عليه عدد كبير من أبناء الدارالبيضاء، ومن تلامذة وطلبة الحي المحمدي على الخصوص، وكان رحمه الله متعاونا مع العاملين للإسلام في مختلف المجالات، وكان حريصا على الحضور والمشاركة في أنشطة جمعية فقه النوازل، وأيضا كان رحمه الله يفتح بيته لكثير من اللقاءات التي كانت تجمع وجوه العمل الإسلامي في قضايا مختلفة. وفي هذا اليوم نجدد دعاءنا لأخينا أن يرحمه الله تعالى وأن يلحقنا به مسلمين.» المهندس إدريس شاهين (رفيق درب الفقيد وجاره في السكن):كنا لا نمل من مجالسته عندما أكملت دراستي بروسيا وحصلت على دبلوم الهندسة شغلتنا بعض الماديات، لم يكن لنا اهتمام بدين ولا بدعوة ولا بشيء من هذا القبيل، فقدر الله سبحانه وتعالى في بداية السبعينات أن كان أحد المعلمين يسكن بالطابق السفلي، فصعد إلى الطابق الذي أسكن فيه وقال إنا نجمع بعض المال نريد أن نصلح مرآبا تابعا للعمارة، ونريد أن نجعل منه مسجدا للصلاة، فهل بالإمكان مساعدتنا، وفي هذه الفترة بدأت الذهاب إلى المساجد، وبمجرد أن فتح هذا المسجد أول ما دخلته، وجدت الأخ علال ماسكا بيده كتابا يلقي درسا في مبادئ الإسلام وشرح كلمة لا إله إلا الله، وسألته أن يعيرني هذا الكتاب، وبكل أريحية أعارني إياه وقرأته في ليلة واحدة، وبدأت المسير معه، وكان رحمه الله أستاذي، ألجأ إليه في كل ما تعذر علي فهمه، وصبر علي والفضل بعد الله عز وجل يرجع إليه... هو رجل كان صواما وقواما وكان يصلح ذات البين، هو الرجل الذي كان كلما تعذر على كثير من الإخوة حل بعض المشاكل يلجؤون إليه، كان ودودا وبشوشا لا تمل من مجالسته. الأستاذ إدريس هلال (مسؤول حركة التوحيد والاصلاح بالدارالبيضاء وواحد من تلامذة الفقيد):فقدنا فيه الأستاذ والموجه والقدوة والداعية «عرفته أستاذا مربيا وشيخا وقورا وداعيا مخلصا، تميز بالصدق والإخلاص والتجرد، كنا نرى فيه الموجه والقدوة ورمز الدعوة، وكنا دائما ملتصقين بأستادنا الكريم بفضائل خلقه وصبره وسماحته وحلمه على الشباب، رغم ما كان يبدر منهم أحيانا من أفعال وأعمال، لكنه كان دائما يقابل كل شيء بالحلم والتوجيه الهادئ، رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته. الأستاذ لحسن أسنغور (خطيب الجمعة بمسجد اسمارة):مَلَك الناس بسمته ودماثة أخلاقه وحرقته نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته ونسأله جل علاه أن يتقبل من الفقيد خطواته في الدعوة إلى الله، وحرصه الشديد على أن تكون بخير وأن يكون الإسلام بخير، وأنا شاهد على ذلك، وقد رافقته أخيرا وباستمرار، كان حريصا على الدعوة وعلى هموم المسلمين، ومن بين ما أثار انتباهه في العالم الإسلامي ما يعانيه المسلمون من عنت ومن أحوال يرثى لها، فكانت حركته وجولاته وكلماته كلها حرارة، والإخوان يعلمون هذا من قبلي، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يثيبه على ذلك، فهؤلاء الذين حضروا اليوم هم ثمرات دعوته وحركته وجهاده، وما حضرو إلا لأنهم يحبونه، فاجتماعهم كان لله وحرصهم على الحضور من كل مكان دليل قاطع على أن للفقيد في قلوبهم محبة ووقعا بسمته ودماثة أخلاقه وحرقته وتحليله، أخذنا منه الكثير وأخدنا منه الصبر، ما كان يهمه شتاء ولا صيف، فكل يوم إثنين وخميس كان على موعد مع الصيام وكنت أتناول معه الفطور غالبا، كما كان رحمه الله صواما وقواما لا يحب السهر، وكان يقول أنا على موعد على الساعة الثانية ليلا مع ربي، ويقول لا يمكن أن أستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير. عزاؤنا فيه واحد». الأستاذ عبد الفتاح فهدي:عظماء المغرب لا يذكرهم الناس إلا حين يموتون لقد صدق الأستاذ العلامة سيدي عبد الله كنون حينما قال إن عظماء المغرب لا يذكرهم الناس إلا حين يموتون، ولا يكرمونهم إلا بعد أن يغادروا دار الفناء إلى دار البقاء ولا يستثنى من هذا حتى الحركة الإسلامية المغربية التي يعد أستاذنا وفقيدنا وأخونا سيدي علال العمراني، أحد جيل روادها نهاية الستينات من القرن الماضي، إلى جانب ثلة من رجالات العلم والدعوة، منهم من قضى نحبه ومنهم من لا يزال يقوم بالواجب، وما ينبغي أن نسجله هنا هو أن أستاذنا سيدي علال العمراني رحمه الله كان مربي جيل من أجيال الدعاة إلى الله، فكم رأيناه ينتقل بين الجلسات والمحاضن والمخيمات، يقوم بواجب توجيه الشباب إلى فضائل القيام بواجب الدعوة والنصح والانخراط في المجتمع، لقد كان مربيا صبورا، كما تميز بذاكرة قوية تعقل الوقائع والأحداث. ماينبغي التأكيد عليه أن التأريخ للحركة الإسلامية للمغرب هو نوع من التكريم لروادها والمنتسبين إليها، وقد كان تشييع أستاذنا وأخينا سيدي علال العمراني مناسبة اجتمع فيها عدد كبير من الدعاة والعلماء الأفاضل من الاجتهادات المختلفة، وهو ما يعكس المكانة الخاصة للفقيد العزيز في قلوب الجميع، وقد كان ممن يجمع ويوفق رحمه الله، كما يعكس إمكانات الاجتماع وتوحيد صف هذه الحركة المباركة كي تكون أكثر إيجابية لوطنها وشعبها وبالله التوفيق.» الأستاذ نور الدين قربال (الكاتب الجهوي لحزب العدالة والتنمية بالدارالبيضاء):رجل سخر كل جهده لخدمة الدعوة في هذا البلد «إنا لله وإنا إليه راجعون، الحاج علال العمراني رجل سخر كل جهده لخدمة الدعوة في هذا البلد، ولخدمة الإصلاح، ومن أهم المميزات التي كانت تميز الراحل هو أنه رجل الحكمة. في ذلك الوقت الذي كانت تشتد فيه الأمور كان أخونا علال العمراني يعالج القضايا بالحكمة، وهو رجل التضحية، بحيث سخر كل وقته لاستقبال الناس والمساهمة في الإصلاح، وهو رجل الثقافة بامتياز، بحيث كان من المشرفين على مجلة الفرقان فترة كبيرة، ولقد لعبت أدوارا مهمة في التدافع الثقافي والفكري في هذا البلد، كما أنه رجل التربية ورجل الموازنات ورجل العفة، نسأل الله أن يتغمده برحمته. إعداد: عادل الكرموسي