تشهد مدينة فاس خلال ليالي رمضان لهذه السنة و التي يحلو فيها السهر اقبالا كبيرا على تدخين النارجيلة »الشيشة«،الشيء الذي حدا بالعديد من المستثمرين الشباب و غيرهم الى احداث العديد من مقاهي الشيشا التي طالت رائحتها و عائداتها الجميع، فانتشرت كالفطر بجميع احياء فاس الراقية منها و الشعبية بعد ان راح الكل يتفنن في هندستها و تكييفها مع احتياجات الزبون. فقد أصبح السؤال البديهي الذي يطرحه الزبون الفاسي عندما يقصد مقهى أو مطعما، هو: »هل تقدمون الشيشة؟«، وإذا جاء الجواب ايجابيا دخل المكان فرحاً بشوشاً ومتوقعاً بأن يحظى ب »نفس و نشوة تبعده عن اكراهات واقعه اليومي«..أما إذا كان الرد سلبياً فيعتذر بلباقة ليعاود رحلة البحث عمن يلبي رغباته »النيكوتينية« إذ سرعان ما يجد نفسه أمام محلات تعلن تخصصها المهني في عرض الشيشة و الخدمات الأخرى المرافقة لها بعين..بحيث يحلو للفاسيين، شانهم في ذلك شان بقية المغاربة ومن مختلف الأعمار و الأجناس خاصة الشباب منهم، التحليق حول الشيشة في جلسة ترفيهية تشغل حواسهم الخمس فيشتمون رائحة المُعَسَّل ويتذوقون طعمه وينفثون دخانه، وهم يمسكون بأنبوب الشيشة، وينظرون إلى الآخرين على صوت الكركرة الذي تُصدره و هي تدغدغ أنفاسهم و رئتيهم في تناغم مع عمليات النفخ و الفش.هذا و قد كشفت مصادرنا عن كون تدخين الشيشة لا يقتصر على نوعين فقط هما المعسل والعجمي بل إن بعض المقاهي الشعبية للشيشة بمختلف أحياء فاس تتنافس على جذب هواة تدخينها من خلال اعتماد مقاييس و نكهات مبتكرة تقدَّم في شيشات وصفت بغير العادية، بعد أن راحت مقاهي الشيشة تتفنن في استحداث طرق جديدة في "توليفة" الشيشة، وذلك حسب طلب الزبون. فإذا أرادها بنكهة البرتقال قدّمت إليه في برتقالة مجوّفة، وكذلك الأمر إذا طلبها بنكهة الشمام (البطيخ الأصفر) أو بنكهة "معسل الباشا"..لتشمل جميع أنواع الفاكهة تقريبا، بدءا بالتفاح والفراولة (الفريز)، مرورا بالورد والعنب، وصولا الى النعناع او بنكهة "البانشي" الذي يحتوي على نكهات غريبة مخدرة لايعلمها الا متناولوها. فيما ارتأت مقاه أخرى تقديم الشيشة حسب الحجم الذي يرغب فيه الزبون فتكون Small أو Medium أو Large، تماماً كمقاييس الشباب، بحيث يتم ترجمة ذلك إما بطولها الفارع أو بقصرها الزائد. هذا و قد أظهرت دراسة أنجزها مجموعة من طلبة الجامعات و المعاهد الخاصة خلال الشهور القليلة الماضية بمدينة فاس وافران لهم اهتمامات خاصة بالظاهرة بأن 43.8% من تلامذة فاس والذين تتراوح أعمارهم ما بين 13 و19 عاما يدخنون الشيشة، وان 15% منهم يمارسون هذه العادة داخل بيوتهم. و أشارت الدراسة التي ساهم فيها طلبة باحثون، بأن 51% من هؤلاء المدخنين هم من الذكور، وتبين أن جلسة واحدة للشيشة تنتج عنها كمية من القطران توازي ما تضمه 20 سيجارة أو أكثر، وهي أخطر مسبب لمرض السرطان عكس ما يتوهمه الراغبون في الإقلاع عن تناول السيجارة و معانقة نفحات الشيشة.