تحذيرات من قبل السلطات العمومية، مداهمات، قرار إغلاق محلات شيشا، يقابله رفض وعدم الامتثال للقرار الجماعي رقم 159 من قبل مالكي المقاهي المستهدفة، يعقب الرفض اعتقال أشخاص مخمورون يقامرون، ويعربدون، ليتم إطلاق سراحهم فيما بعد، ليقوموا بعد ذلك بحركات احتجاجية في الشارع العام كما لو كان ذلك واجبا وطنيا، فيما يشبه حبكة درامية كوميدية.هذه هي محاور النقاش المسيطرة على فضاءات فاس ومنتدياتها ومجالسها العائلية وغيرها في الآونة الأخيرة، وكان المجلس الجماعي لفاس قد صادق خلال دورة فبراير الأخيرة على خمسة مشاريع قرارات تتعلق «بإغلاق محلات بيع الخمور وتعاطي الشيشا وممارسة القمار وألعاب الرهان». القرارات أثارت جدلا واسعا فيما يتعلق بشرعية المجلس الجماعي المحلي من عدمها في امتلاك الصلاحيات القانونية التي تخول له تنفيذ هذه القرارات التي تعد من اختصاص السلطات. غير أن عمدة المدينة سرعان ما عاد للتأكيد، في خضم ردود فعل الأوساط السياحية والسياسية، على أن المقصود بالإغلاق هي «المحلات غير القانونية أو تلك التي لا تستجيب لشروط حفظ الصحة». وإن القرار لن يشمل كل المدينة، بل يقتصر على المثلث الذهبي « أي مسجد القرويين، وضريح سيدي أحمد التيجاني وضريح المولاي إدريس»، مما خلق التباسات كبيرة لدى الرأي العام. لكن بمجرد مرور 24 ساعة على سريان قرار الإغلاق الانتقائي، تقوم بعض المقاهي التي شملها قانون الإغلاق بإدخال الزبائن واحدا واحدا ثم تغلق الباب في محاولة للالتفاف حول قرار اعتبره أرباب مقاهي الشيشا مجحفا؛ وذلك بعد الامتثال إلى قرار الإغلاق لمدة لم تتجاوز 24 ساعة. وفي حركة احتجاجية ملفتة، تظاهر العشرات من الأشخاص المحسوبين على قطاع المقاهي الشيشا معتبرين أن قرار الإغلاق لا يستند إلى قانون، موضحين أن قانون إغلاق مقاهيهم شملهم لوحدهم دون باقي مناطق البلاد. هذا، ولم تسجل وقفات احتجاجية مشابهة باستثناء وقفة حي الدكارات وسط المدينة. ويتداول الرأي العام إغلاق 6 مقاه تقدم الشيشا لزبنائها. إلا أن واقع الحال يكذب ذلك، حيث لوحظ أن مقهى متواجدة بشارع متفرع عن الحسن الثاني تفتح أبوابها وتستقطب الزبناء كالمعتاد، لكنها تضطر إلى إغلاق الباب بعد إدخال كل زبون. ومع بداية الحملة ضد مقاه الشيشة، ارتفع عدد المقاهي التي تم تشميعها إلى 16 مقهى حسب مصدر رسمي، فيما تم توجيه إشعارات بالتخلي عن الشيشا فورا لقرابة 40 مقهى حسب ذات المصادر. وحسب مصادر حقوقية متطابقة، فإن عدد المقاهي التي تروج للشيشا بمختلف مناطق فاس يقدر بنحو 130 مقهى. أفراد السلطة المحلية مصحوبون بالقوات العمومية يلقون مواجهات مستميتة من قبل بعض أرباب المقاهي الذين يرفضون الامتثال لقرار الإغلاق. وذلك من غير أن يتسبب ذلك في إصابات كما لو تعليمات ولائية صدرت تدعو لتفادي الدخول في مواجهة مع الرافضين.ويقول مستخدم مقهى شيشاوي «قرار السلطات تعسفي والاستمرار في فرضه قد يؤثر على نحو سلبي على المستوى الاجتماعي والاقتصادي لفئة من المستخدمين المنتمين لهذا القطاع»...وهو ما نعته العمدة في وقت سابق ب «قطع أرزاق عباد الله». وفيما يؤكد البعض أن حملة السلطة المحلية تقتصر على إغلاق مقاهي الشيشا فقط، يؤكد مصدر من قلب الدار أن الحملة تطال أيضا إغلاق محلات بيع الخمور وممارسة ألعاب القمار والرهان غير الخاضعة لتراخيص قانونية» . وتواصل السلطات المحلية من خلال رؤساء المقاطعات الحضرية، وبالموازاة مع ذلك، توجيه إنذارات كتابية بالإفراغ في حق أصحاب المقاهي التي يتم بها تعاطي الشيشا وجرى خلال ثلاثة أسابيع الأخيرة مداهمة أكثر من 30 محلا لبيع الخمور وممارسة القمار ودور الدعارة بأحياء مختلفة في المدينة، حيث جرى إغلاق بعض هذه المحلات وتحرير مخالفات في حق أصحابها. كما أشار إلى أن الظاهرة تقترن في الغالب بتصرفات ماسة بالأخلاق العامة، وأن شكايات السكان تنامت في الآونة الأخيرة من هذه الظاهرة التي مست القاصرات بمختلف المؤسسات التعليمية بالمدينة العلمية . و شهدت مدينة فاس خلال للسنوات الثلاث الفارطة إقبالا كبيرا على تدخين الشيشة الأمر الذي شجع الكثير من المستثمرين الشباب و غيرهم على احداث العديد من المواقع المكشوفة وغيرها تحولت فيما بعد الى مقاهي للشيشا باتت روائحها مع النسيم عبر شوارع فاس وأحيائها وحاراتها . لكن عرض هذه الخدمة لا يقتصر على الشيشا فقط وإنما ترافقها خدمات أخرى هي بمثابة «موني» لدى الزبون، فمع نكهة المعسل تحلو حاجات، وتنمو رغبات، وتستباح أعراض أخرى، لكن شباب المرحلة لا يكتفي بوصفات تقليدية، بل يدفع في اتجاه تطوير وصفات بمعايير مستحدثة يتم اعتماد مقاييس و نكهات مبتكرة توصف من طرف المتعاطين ب»غير العادية» . في ذات السياق ، أظهرت دراسة جامعية بمدينة فاس أن 63.8% من تلامذة فاس والذين تتراوح أعمارهم ما بين 13 و19 عاما يدخنون الشيشة، وان 20% منهم يتعاطون الشيشا داخل بيوتهم. و أوضحت ذات الدراسة أن 56% من هؤلاء الممارسين ذكورا ، والجدير بالذكر أن كمية القطران التي تفرزها كل جلسة شيشا توازي ما تحتويه 30 سيجارة . مما يؤكد أن الإصابة بالسرطان هي أخطر مما يعتقد الكثيرون.