الديمقراطية الداخلية في الحزب الاشتراكي لم يعد ينظر إليها كعامل إضافي، بل كتنافس على السلطة فقط. مؤتمراتنا أصبحت طقوسا للانقسامات بوصفات تنظيم ضبابية جان كريستوف كامباديليس قيادي اشتراكي فرنسي، مثير للجدل بآرائه التي يعتنقها كثير من اليساريين الفرنسيين. هنا رسالة اطروحة الى المناضلين حول القضايا التي تشغلهم. صديقي، صديقتي العزيز (ة) رفيقي، رفيقي العزيز (ة) أتصور غضبك، حسرتك، حزنك، قلقك بخصوص الدخول المقبل، أفهمك، فالحزب الاشتراكي لم يخسر فقط الانتخابات الأوربية، هذه الهزيمة الجديدة لا تمنح فقط لنيكولا ساركوزي وسائل الرد، ولكن أيضا الصحافة تصور حزبا اشتراكيا ممزقا في الوقت الذي ينقسم حلفاؤه. هذه الحملة تؤشر على سنة عصيبة وانتخابات جهوية كارثية، أنت تتساءل ألا يعيش الحزب الاشتراكي سوى تكرارا رهيبا؟ لذلك أريد مخاطبتك ومحاولة إعادة الثقة إليك. كيف وصلنا إلى هذا الوضع؟ هل هي نهاية الحزب الاشتراكي؟ نهاية الاشتراكية؟ لماذا لا يسمع خطابنا إلى هذا الحد؟ كيف الجواب عن التساؤلات العمومية؟ الجميع يتكلم، ولكن لا أحد يجيب. يبدو لي ضروريا ليس التنديد ولا الرفض ولا حتى التحكم ولكن فقط محاولة الطمأنة. وتقديم جواب سياسي من شأنه أن يكون عنصر تنظيم وتقدم. صديقي، رفيقي، لماذا وصلنا الى هذا الوضع؟ عندما دخلنا حملة الانتخابات الأوربية، لم أكن أعتقد أنه بإمكاننا أن نهزم الاتحاد من أجل الحركة الشعبية (UMP). لم أكن أعتقد كذلك أننا سنكون بهذا الوضع، ولو أن ذلك لا يفاجئني فالهزيمة كانت تظهر من بعيد، تتساءل مثل كثيرين حول الأسباب التي تجعل الحركة الاشتراكية الديمقراطية الأوربية لا تستفيد من الأزمة الشاملة للرأسمالية. سبب ذلك بسيط، إنه مفتاح كل شيء. لقد أصبح ينظر إلينا كعنصر من النظام. وحسب التعبير الدقيق لإدغار موران «تحول الاشتراكية إلى مسير، نسف أسس الأمل». والتصويت الإيجابي الناتج عن إحباطات 2002 فقد من فعاليته لدى مواطنينا. كحزب حكومي. جئنا إلى السلطة بعد سنوات تاتشر / ريغان لكي نحمي. وفي خطابنا نسمي ذلك «عملا دفاعيا». وعندما نفكر في مقولة ليونيل جوسبان «نحن مع اقتصاد السوق ولكننا أيضا ضد مجتمع السوق»، نحن إنها كانت تلخص عملنا، وكان الأمر يتعلق بالحد من النزيف وحماية الأهم. ومنذ سنوات الثمانينات، حاولت مختلف حكومات اليسار في فرنسا وأيضا في أوربا التأقلم أو الحد من انعكاسات الموجة الليبرالية. لقد مارست ما نسميه توترا نقديا مع الليبرالية، وحتى عندما فرضت هذه الحكومات قطائع ضد هذه الدورة. مثل تشغيل الشباب و35 ساعة في الأسبوع، لم تستفد من ذلك لكون الموجة الليبرالية عصفت بكل شيء ونسفت كل المكاسب... هذا هو السبب الأساسي لمنطق «الجميع متشابه». والحزب الاشتراكي اعتبر في استطلاعات الرأي غير قادر على عمل أفضل من اليمين. وفي الوقت الذي توفرت لنا شروط الهجوم بعد انهيار دجنبر 2008، لم يكن لدينا ما يكفي من الديناميكية. والنموذج الاشتراكي الديمقراطي الذي أصبح اشتراكيا ليبراليا، تبخر. النموذج الجديد كان بدون قوة بدون تقنيات، غير قادر على طمأنة المجتمع وقيادة شعوب أوربا. ويجب، الآن، القيام بقطيعة واضحة مع السنوات الليبرالية للاشتراكية الأوربية. وهذا أمر سهل لاسيما وأن ذلك لم يكن الطرح الرسمي للحزب الاشتراكي الفرنسي، بالمقابل لا يتعلق بالعودة إلى اشتراكية سنوات السبعينيات التي تمت بلورتها في سنوات الستينيات. الأمر يتعلق بفعل شيء آخر وبشكل مختلف. يتعلق الأمر بالتفكير في اليسار الجديد. لا نستطيع بناء الثقة مع الإبقاء على أقدامنا في الاشتراكية الليبرالية القديمة... إنه لا يقود إلا إلى الهزيمة. لقد وجدنا مثلا، بمناسبة الانتخابات الأوربية أنه مازال هناك اشتراكيون في القارة يعتبرون أنه يجب الاحتفاظ بالوجه المثالي لسنوات بوش الليبرالية، السيد باروسو على رأس اللجنة الأوربية، كانوا يدمرون وحدتنا ويشيرون بذلك بشكل استعراضي إلى التقاطعات بين اليمين واليسار، التي كانت منذ مدة الحكم المسبق الشعبي والإعلامي الكثر شيوعا. وهكذا تم نسف المؤشر الرمزي لسياسة أخرى. وبدون خصوصيات محددة، ودون موضوع وبدون قدرة على بلورة تصويت إيجابي، تم رمي الحزب الاشتراكي في خانة الماسكون بالسلطة. وذهب جزء من الناخبين القريبين من الحزب الاشتراكي، لكنهم متأرجحون، يبحث «في مكان آخر». ستلاحظ معي أن «الانفتاح» ساهم في هذا المناخ. وبالنسبة لناخبينا الاشتراكيين، مستعدون لأي شيء للبقاء في هذه السلطة والانقسام تكلف بالباقي. فالديمقراطية الداخلية في الحزب الاشتراكي لم يعد النظر إليها كعامل إضافي. بالأمس، كان ذلك يخلق فرقا إيجابيا في منافسة الحزب الشيوعي أحادي الفكر. اليوم، يُنظر لنقاشاتنا كتنافس على السلطة فقط. مؤتمراتنا أصبحت طقوسا للانقسامات بوصفات تنظيم ضبابية. وخلال الانتخابات الأوربية، أدى انتقاد للوائح، ثم الحملة، بل وإعلان ترشيحات للانتخابات الرئاسية، كل هذا أدى في النهاية إلى إقناع ناخبيننا بأن الحزب الاشتراكي لا يستحق عناء الذهاب إلى صندوق الاقتراع، كم من مرة سمعت هذا القول: «أنتم لا تهتمون إلا بأنفسكم»؟ والنتيجة ماثلة أمامنا، ولا جدوى من البكاء على الحليب الضائع. ولكن علينا ان نفهم أنه على الحزب الاشتراكي أن يستعيد مسافة تجاه السلطة، تجاه «السلطة من أجل السلطة». علينا أن نعيد بناء، ليس التناوب، بل بديلا شجاعا يحظى بالمصداقية لدى الفرنسيين. صديقي، رفيقي العزيز. هل يجب القضاء على الحزب الاشتراكي؟ يا للهول لتعويضه بماذا؟ حزب ديمقراطي مع من؟ حزب لكل اليسار؟ هذا أفضل ولكن أين هم الشركاء؟ وفي الواقع عن ماذا نتكلم؟ الحزب الاشتراكي المنبثق عن مؤتمر إبيناي كان يدعو إلى القطيعة والبرنامج المشترك، والتدبير الذاتي، وأشياء أخرى. نعم هذا الحزب مات. وهكذا فقد الحزب الاشتراكي ما كان يشكل قوة إقلاعه. صحيح، استبدلناه بأوربا والتدبير الجيد. وهما كان ضروريان لحزب في الحكومة. ولكن هل كان ذلك كافيا بالنسبة لليسار؟ ولهذا السبب من الضروري العمل على المشروع الجديد. ومع ذلك يبقى الحزب الاشتراكي حقيقة لا يمكن القفز عليها. ومنذ 1905، لم يسبق أن كان الحزب الاشتراكي متجذرا في البلد بهذه الدرجة. ويتعين إذا تدميرهذا الواقع لإيجاد الوصفة السحرية للتجديد. هل هذا معقول؟ هل فعلا هذا ما يطلبه الفرنسيون؟ أنا مازلت مشدوها بإصرار جزء من الصحافة على الدعوة إلى دمارنا، مثل لعبة أو موضة صالونات. هذا يؤكد إلى أي حد خسرنا معركة الجاذبية. ومع ذلك الانتخابات المحلية الجزئية التي جرت منذ نتائجنا الضعيفة في الانتخابات الأوربية توضح -كل مرة- أن الحزب الاشتراكي يعود إلى متوسط مستواه. وبطبيعة الحال، سيكون من البلادة محو الصعوبات التي نعيشها بجرة قلم باسم هذا الواقع الانتخابي المحلي، ولكن مع ذلك لا نستطيع إنكارها. وسيكون من الخطأ كذلك ركوب تيار تصفوي إذا ما أغلقنا على أنفسنا في الحفاظ على تاريخ كانت له ساعات مجده، ولكنه اليوم أصبح متجاوزا. يتعلق الأمر ببناء يسار جديد ليس لأسباب تتعلق بالجهاز في حد ذاته أو حتى لأسباب تتعلق بالترشيحات للانتخابات الرئاسية ولكن من أجل حل مشاكل فرنسا والصعوبات التي يعيشها الفرنسيون. ومن أجل ذلك، لا فائدة من القفز على كرسي نيابي والصياح «التجديد» يجب إيجاد خيط ناظم لتجاوز ما نشكله وفرض ما نحتاجه، وعلينا ألا نكون ساذجين، فوراء الحملة ضد الحزب الاشتراكي، أستطيع أن أقول أن وراءها يد خفية لأرسطوقراطية في السلطة تريد ولاية ثانية لنيكولا ساركوزي. وبالتأكيد، فنحن نقدم العصا التي نُضرب بها. لنعط مثالا. صديقي، رفيقي العزيز. هل يجب إجراء انتخابات أولية؟ رفقة آرمو مونتبورغ وجان ماري لوغوين وبيير موسكوفسكي، طرحنا هذا الموضوع المثير للجدل على النقاش العمومي. وكان الأمر يتعلق، عندما ظهر أننا نعيش أزمة زعامة، بجعل مرشحنا بعيدا عن الصراعات الاشتراكي، من خلال تدخل شعب اليسار. كان تحليلنا منطقيا. فالحزب الاشتراكي الذي هزته معركة الرئاسة وأزمة الزعامة، كان عليه أن يتجاوز هذه الوضعية من خلال نظام يفرض مرشحا وحيدا لليسار إن أمكن ذلك. وكان هذا في تحليلنا، سيؤدي بعد الفوز في الانتخابات الرئاسية، إلى تشكيل حزب كل اليسار، كان الأمر إذا يتعلق بخلق الانسجام والالتقاء والوحدة، والملتمس الرابع كان هو صاحب هذا الاقتراح. والكاتبة الأولى للحزب كلفت واحدا منا بالتجديد أي بالانتخابات الأولية. ولكن بمجرد ما اشترط أبرز دعاة الانتخابات الأولية ترشيحهم الشخصي، أصبح ما كان يفترض أن يكون ضمانا للوحدة عاملا للفوضى. وفي نفس الوقت، ما كان يفترض أن يكون وسيلة أصبح هدفا، قيل لنا «إنه الشيء الحي الوحيد الذي بقي لكم». ولكن بالنظر إلى الطريقة التي يتم الإعداد بها لهذه الانتخابات الأولية يمكن للإنسان أن يخاف. هل بقي لنا شيء حي؟ الانتخابات الأولية هدفها هو خلق الديناميكية وليس أن تكون الديناميت. وبكل صراحة، أن نجعل من هذا الموضوع عنصر جدل، فإن ذلك يعني تقديم خدمة سيئة لفكرة جميلة. ثم إنك تعتقد مثلي -بكل تأكيد- أن الانتخابات الأولية ليس هدفها هو أن تكون طاولة تجارب، الحمام الرئاسي الصغير. ستكون بالتأكيد متفقا على أنه لكي يكون الشخص مرشحا للرئاسة، لا يكفي فقط أن يقول «لأنني أستحق ذلك». ولكن يجب توضيح ما نقترحه على فرنسا وعلى اليسار. وثانويا، يمكن أيضا أن نتساءل عن قدرة مرشح أو مرشحة على هزم نيكولا ساركوزي. فلا يكفي أن تطل من التلفزة في نشرة أخبار الثامنة، ولكن قيادة بلد وفتح مسلك جديد في ظل الأزمة أمام الفرنسيين. أليس الاستحقاق الرئاسي لقاء بين رجل أو امرأة، وبين مصير في ظل وضعية؟ رجاء، قليلا من التواضع ومن الصبر حتى عندما يتوفر الإنسان على كثير من الكفاءة... من الممكن، في أعقاب أزمة زعامتنا وتفتت اليسار، أن تكون هناك عدة ترشيحات، وبالتالي يمكن لشعب اليسار أن يحسم. ولأجل ذلك لابد أن نقترح على شركائنا انتخابات أولية داخل اليسار بضمانة ثلاثية: ضمانة برنامج مشترك وضمانة فريق في الجمعية الوطنية وضمان تمويل عمومي مستقر. من يريد الغاية يريد الوسائل. لنتخل عن عبارة «انتخابات أولية مفتوحة». أليس جوهر الانتخابات الأولية هو أن تكون مفتوحة على آخرين غيرنا؟ إذا إما إنها انتخابات أولية لكل اليسار، ولكن هذا ليس رهينا بنا، وإما إنها انتخابات أولية للحزب الاشتراكي ولدينا الوقت. لقد تقدمنا كثيرا صحبة أرنو مونتبورغ حول الموضوع. مؤتمر بعد الانتخابات الجهوية سيسمح للمناضلين بتهييء مستقبلنا، وإلا فإن الانتخابات الأولية كمؤشر للفوضى ستشعل الحمى لدى الجميع وتؤدي إلى تشدد قد تكون له نتائج عكسية. وأخيرا، لا أحد يتصور أن الحزب الاشتراكي بدون خط سينجح فقط بفضل الانتخابات الأولية. فالانتخابات الأولية ليست لا وسيلة ولا هدفا وأكثر من ذلك ليست بديلا عن التجديد الحقيقي. وأول هذه الإصلاحات، في تصوري، هو نهاية تراكم المهام. والمثير أن هذا الطموح اختفى فجأة من خطة بعض الرفاق... ورغم ذلك الأمر لا يتعلق بليلة 4 غشت، ولكن فقط بأول مبادرة من أجل الاحترافية السياسية. أعتقد أن هذه القضية أساسية. يتعلق الأمر بفك أقفال الجمهورية. لا يمكن أن يصل الشباب والنساء وأطفال الأحياء، ونحن نلعب بشبابيك مغلقة لمؤسسات بلدنا. أثير انتباهك لكون هذه القضية ستصبح حيوية، وساركوزي يعرف ما يفعل بتنديده ب «ألف ورقة للنواب»، وهذه المعركة لنهاية تعدد المهام، يمكننا أن نتلزم بالتصويت عليه في الولاية المقبلة. وإعادة البناء تمر عبر نهاية تعدد الولايات، لأنه (التعدد) تجسيد لاستعادة المسافة تجاه «السلطة من أجل السلطة». ولكن هناك قضية أخرى على جميع الأفواه. صديقي، رفيقي العزيز. ألا بد من يسار جديد. بالتأكيد لابد من إعادة بناء ما نسميه عرضا سياسيا جديدا. إنه الوسيلة الوحيدة لفك عزلة اليسار والسير بالبلاد نحو التجديد الذي نحتاجه بقوة. يقول لنا صديق في استجواب لصحيفة ليبراسيون «لابد من إعادة بناء اليسار لأن الحدث الأكبر هو انهيار المعسكر السوفياتي». هذا قصير بعض الشيء، مؤرخ، بالنسبة لأحد أقطاب الحداثة. إعادة البناء هي أولا مسألة سياسية. والمشروع الاشتراكي لسنوات السبعينات متجاوز بالنظر إلى الحقبة الجديدة. وتزامن هزيمة المحافظين الجدد في أمريكا وانهيار النطام اابيرالي والدعوة الإنسانية المطروحة على نمط النمو الإنتاجي التي تميز المرحلة الحالية تشير إلى تطور عميق بالمقارنة مع سنوات التسعينات. والحياة ردت على المحافظ تشارك كروتامر الذي نظّر لمرحلة أحادية القطب تمجد الولاياتالمتحدة. لقد نسبت للأطروحتين السائدتين سنوات 2000/1990: «نهاية التاريخ» لفرانسيس فوكو ياما، الهيمنة الأمريكية الظافرة ميزت نهاية المعارضة الإيديولوجية بالمعنى الهيكلي للكلمة»، و«صدام الحضارات» لصاحبها صامويل هانتينتون الذي بشر بمواجهة بين الأديان والثقافات. لقد دخلنا في عهد القوى النسبية مع نهاية هيمنة العالم الغربي، حيث القوى المريكية العظمى لم تعد لديها وسائل ذلك. إننا نعيش أزمة العالم الغربي تمرة جشعه المالي والاستهلاكي. ومع انهيار حائط برلين، جاء الرد بانهيار النظام المالي للاقتصاد ولحظة التاريخ هو الأزمة المشتركة: إنها أزمة الرأسمالية المالية وبالتالي الصناعية والطاقية والمناخية والغذائية، إنه نظام بكامله في نهايته، إنها ليست نهاية التاريخ ولكنها أزمة تاريخ، تاريخ الرأسمالية الغربية. والخطة الخضراء الجديد لإدارة أوباما هل ستكون قادرة على تجاوز ذلك؟ على كل حال، فحجم الأزمة الحالية يدعو إلى نموذج حضاري جديد، وسيكون من الوهم الاعتقاد بأننا ينخرج من الأزمة بأسلحة نقد الليبرالية فقط. وسيكون من الوهم الإعتقاد باستعادة الدولة الراعية التي كانت بالأمس. يجب تغيير النموذج. ولا يتعلق الأمر فقط بوضع قليل من الأخضر في مشروع راديكالي. يتعلق الأمر بالأنسنة الإيكولوجية والاجتماعية لاقتصاد السوق في مواجهة المجتمع الليبرالية. يتعلق الأمر بتحضير (من حضارة) المجتمع. وهذا المجتمع المتحضر هو مغزى الاشتراكية الجديدة التي قال عنها إدغار وران (من التافه أن يبحث الاشتراكيون المرضى بضعف البصر، عن تحديث الاشتراكية الديمقراطية، بينما العالم وأوربا وفرنسا تواجه المشاكل الهائلة لنهاية العصور الحديثة (...) إنقاذ الكون المهدد بتطورنا الاقتصادي. تنظيم ومراقبة التطور الإنساني، تحضير فرنسا. هذا هو ما يديم ويحول الطموح الاجتماعي الأصلي». وبين النظام الرأسمالي الذي يستفيد من حياتنا لتحقيق أقصى ما يمكن من الربح، ونحن الذين نريد الاستفادة من الحياة، هنا التوتر. ولذلك لن يكون هناك مجتمع عادل دون تراكم للثروات وشركات تنتج. فالأمر لا يتعلق فقط بالعدالة -وهو الأمر مهم- وكن بتوان عاد من ج العدالة. وهذا التناقض لا يمكن تجاوزه إلا من خلال الأنسنة التي ننادي بها، من خلال نموذج جديد يضع يصلبه الإنساني وليس الربح. وجذور الإنسانية ليست هي المقاولة ولكنه الإنسان. لم تعد داخل النموذج الذي يريد أن يغير المجتمع قاعدته مثل الماركسيين الثوريين، ولا داخل النموذج الذي يريد فقط الملاءمة من أجل أفضل الإنجازات الاقتصادية مثلما يأمل الاشتراكيون الليبراليون. يتعلق الأمر بطريق آخر، طريق مجتمع عادل. هذا المجتمع العادل يجب أن يمزج بين بيئنة (من بيئة) وسائل الإنتاج والتبادل وتوزيع جديد للثروات وازعه المساواة الحقيقة. نموذجنا الجديد يرتكز على نسبة قوية من العمل، وخدمة عمومية قوية، وأنظمة اجتماعية فعالة، ونموذجنا له أربع تحديات، الشيخوخة مشكلة الضواحي، تحديث آلة الإنتاج وإعادة الاعتبار للمصلحة العامة. مجتمع متحضر، نمو عادل، دولة اجتماعية نشيطة. هذه هي ثلاثية اشتراكية العصور الحديثة. والبيئة؟ ضرورية! ولكن علينا ألا ننسى أن الحدث الأبرز للانتخابات الأوربية كان هو عدم المشاركة والمشاركة الضعيفة، هناك المسألة الاجتماعية التي تؤرق فرنسا. بالمقابل نعيش المفارقة الإيكولوجية، حيث البعض يأكلون المنتجات الطبيعية، ويعتنون بصحتهم ووزنهم، بينما آخرون يعانون من كل جراحات نمط الإنتاج الاستهلاكي المبني على الربح. ومع ذلك فالبيئة لا يجب أن تكون ديانة الشمال الذي يلقي بمعاييره الحمائية وقمامته في الجنوب. وبالتالي ليس هناك نموذج جديد دون حكامة عالمية، ولن تكون هناك حكامة عالمية بدون أوربا. أليس فوز باراك أوباما فرصة تاريخية لأوربا؟ الولاياتالمتحدة تركز أولا على رهاناتها الوطنية. ويمكن أن نتساءل لمعرفة ما إذا كان القرن الجديد من الحكم الأمريكي ممكنا، ورئيسهم له نظرة براغماتية متعددة الأطراف. وعلى أوربا أن تتحرك الآن. يجب الذهاب أبعد ما يمكن في التنسيق بين الدول/الأمم ونظام القرار الجماعي المشترك (البرلمان الأوربي ومجلس الاتحاد الأوربي). فبروز نموذج جديد وتأكيد الدور الأوربي هو مصير جيل بكامله. والاشتراكيون الديمقراطيون الأوربيون قاموا بخطوة براغماتية بالقطيعة مع الاشتراكية الليبرالية، ولكنها كانت متأخرة. وبعد هزيمتهم، حددوا -كهدف في مؤتمر يعقد في دجنبر المقبل- العمل على نموذجهم القاري. يتبع