إن كل من يقوم بجولة ولو خاطفة بولاية الدارالبيضاء الكبرى، سواء أكان من المقيمين بها أو مجرد الحالمين بها لقضاء بعض الاغراض أو زيارة بعض الأقارب، بل وحتى من المارين عبر امتداد ترابها على متن سيارة أو حافلة نقل أو قطار.. لابد لهم وأن يشاهدوا انتشار العمارات في كل مكان كدلالة على حركية عمرانية. إلا أن ما قد لا يعرفه البعض هو أنه رغم هذا المجهود الذي استمر فيه البعض واغتنى فيه البعض الآخر «بسجن» المواطنين داخل أقفاص من الصلب والحديد هو أن هذه الإقامات تحولت إلى مراكز للجنوح، مما يؤكد على أن الدولة التي رخصت لهذا النوع من السكن / البناء لم تدرس تجارب الدول الاوربية والامريكية التي سبقت المغرب في ميدان التعمير، ولم تستفد مما حدث بتلك الدول من ارتفاع لمعدل الجريمة داخل مناطق هذا النوع من المعمار (HLM) ومع هذا كله لازالت الدولة ترخص لبعض المستثمرين بإنجاز مشاريعهم المربحة بمختلف المدن المغربية ضاربة عرض الحائط ما أصبحت عليه العلاقات الاجتماعية بين الجيران في مدن الصلب والحديد، وما يعانيه رجال الأمن والدرك والقوات المساعدة وطاقم المحكمتين الابتدائية والاستئناف وأعوان كتاب الضبط وأعضاء النيابة العامة والقضاة - من كثرة الملفات المعروضة عليهم، سواء تعلق الأمر بالنزاعات المدنية ذات الموضوع الخاص بأداء واجبات الكراء، أو بالافراغ أو بالدعاوى الجنحية الناتجة عما يحدث من سوء تفاهم بين الجيران حول نشر الغسيل أو تشاجر الاطفال أو السرقة من السطوح أو تبادل الضرب والجرح.. نزاعات قد تصل حد القتل. هذا واقع السكن الذي رخصتم ببنائه «والله ينجينا من الجايات، إذ قدر الله وشعلات العافية أو تهدمت شقة واحدة» فالكارثة ستكون مفجعة.