يختزل أغلب مسؤولي جماعاتنا المحلية مجال دعم وتنشيط القطاع الرياضي، في تقديم منح سنوية للجمعيات الرياضية، تختلف قيمتها وأرقامها، من جماعة لأخرى، ولفائدة جمعية على حساب غيرها. ويتجاهل القابضون على مفاتيح التسيير الجماعي، الالتفات إلى أمور أخرى تبدو منطقيا أهم وأفيد من الدعم المالي، كبرمجة مشاريع وبنيات رياضية، وتوفير فضاءات في مستوى الممارسة الرياضية السليمة، وخلق استثمارات مدرة للدخل لفائدة الجمعيات والإنتدية، غير تلك المنحة التي تسلم في أغلب الأحيان، لمسيرين على تلك الجمعيات الرياضية، يتمتعون ب «حرية» التصرف في غياب المراقبة والمحاسبة! رأينا ووقفنا مرارا وتكرارا على مجالس لجماعات يسيرها رؤساء ينفردون بكل القرارات، ويستغلون مناصبهم، في إنجاز مشاريع بأهداف منفعية ذاتية، تبحث إما عن إغناء الرصيد البنكي، وإما عن توسيع الرصيد الانتخابوي وجبر خواطر المقربين والأهل والأحباب! هم رؤساء أسقطوا كل القوانين وكل الأنظمة، وسلكوا منهج ذلك المالك لضيعته، المقتنع بمقولة «ملكي ندير فيه اللي حبيت».. لم يلتفتوا لما سنه المشرع من ضرورة أن تكون الجماعة المحلية في خدمة الرياضة، وليس أن تكون الرياضة في خدمة مسؤولي الجماعة! ولنا أن نتمعن في مستوى التجهيزات الرياضية بمدننا، ومدى ضعف حضورها، وسوء أحوالها، لنتأكد جميعا أن الرياضة أضحت فعلا مجرد عملة في يد «المخلوضين » يستغلونها لمآربهم الخاصة، بعيدا عن إيلائها ما تستحقه من اهتمام في أفق تحقيق تلك التنمية الشاملة المنشودة! في المحمدية كنموذج، وفي مدن أخرى كذلك، يأبى «الرايس» إلا أن يخص الرياضة المحلية ب «حكرة» وباحتقار، وإلا كيف له أن يأمر بإغلاق مركب ترفيه ورياضة، المركب الضخم الذي أنجزه المجلس البلدي الذي كان يشرف على تسييره الاتحاد الاشتراكي للقرات الشعبية، ويأمر بعدم فتحه في وجه أبناء مدينة المحمدية للاستفادة من تجهيزاته وملاعبه المتميزة؟ وكيف له أن يسقط كل اهتمام بتعزيز البنية الرياضية التحتية؟ ويهمل المنشآت الموجودة منذ عقود سابقة؟ وكيف له أن يرهن «تحركه» ولا يبادر إلى إطلاق سراح ما يسميه منحة سنوية لأندية الكرة، وفي مقدمتها فريق الشباب، إلا عند مشارف حلول الاستحقاقات الانتخابية؟ إنه «الرايس» الذي لم يتردد في زرع بعض «كائناته الانتخابية» في جسد المكتب المسير لفريق الشباب، ورهنه لصالح «إطلالاته الانتخابية»، وجعل من معظم مسيريه بوقه الذي يتوجه به إلى محبي الفريق، خالقا بذلك مساحات الغضب التي أبعدت الغيورين الحقيقيين الذين لم تنطلي عليهم الحيلة، ليكتشفوا لعبة تحويل فريق يجر خلفه تاريخا عريقا، إلى وسيلة دعائية مناسباتية،تمر محطة الانتخابات، ليصطدم الفريق بمحطات متعددة عناوينها الخصاص والتشكي والتردي! وفي البرنوصي كذلك، هي نفس الصورة، استغلال الرشاد البرنوصي لأطماع انتخابوية.. وقد عاينا التطاحن الأزلي بين «زعيمين» تناوبا على تسيير الفريق، كما تناوبا على رئاسة المجلس الجماعي وعلى شغل مقعد برلماني.. وكلاهما، وغيرهما، يكتفون بالبحث عن النتائج الآنية للفريق، ويتجاهلون الانتباه إلى جعل الجماعة المحتضن الرئيسي للرياضة، ينسون بأن تقدم الرياضة يبنى من خلال وضع سياسة وبرامج شاملة تهم كل القطاع، وطبعا لكرة القدم كل الأولوية.. الأمثلة كثيرة، لكن المفارقة هي أن بعض المسؤولين الرياضيين يسمحون لأنفسهم بانتقاد الجماعات المحلية، ويشتكون تهربها ولامبالاتها تجاه القطاع الرياضي، في الوقت الذي يشغلون فيه مقاعد المسؤولية في الجماعات المحلية نفسها! لنتذكر جميعا أن هناك عقودا وقعت تفرض على الجماعات المحلية قانونيا بلعب دورها في التنشيط الرياضي، وتقديم الدعم له واحتضانه شكلا ومضمونا! فهل التزمت جماعاتنا بذلك؟ للإجابة، أدعوكم لإلقاء نظرة في محيط فضاءاتنا الرياضية الوطنية.. وأدعوكم بالمناسبة أيضا الوقوف عند تلك العلاقة بين مجالس جماعاتنا وبين الجمعيات الرياضية، وأنديتنا الكروية بشكل خاص!