لن يختلف اثنان في تحميل الجماعات المحلية، الجزء الكبير من المسؤولية المباشرة في تدني وتخلف القطاع الرياضي، نتيجة غياب سياسات رياضية واضحة لدى معظم مسؤولي هته الجماعات الذين لا ينظرون إلى الرياضة عامة وكرة القدم خاصة.ألا نظرة استغلال فاضحة بعيدة عن كل تصور عملي يمكن أن يساهم في تحقيق التنمية الرياضية المنشودة. لذلك لم ترق بالعلاقة التشاركية المفروض التي تجمع بين أندية كرة القدم الوطنية وبين مجالس الجماعات المحلية، إلى مستوى العلاقة المبنية على أسس واضحة وفق برامج شاملة، تلعب فيها هذه الجماعة المحلية الدور الذي تنص عليه القوانين المنظمة لها. لقد تابع الرأي العام المغربي عامة، والرياضي على وجه الخصوص، كيف تخلت أغلب الجماعات المحلية عن التزاماتها وأدوارها التنموي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضة على رأسها، حين أسقطت من مفكراتها، ضرورة الإسهام بفاعلية ونجاعة في التنشيط الرياضي فوق ترابها، وكيف أهملت الالتفات إلى هذا القطاع الحيوي، ولم تعر أدنى اهتمام لتقوية بنيته التحتية الأساسية. واكتفت بتحويل الأندية الرياضية، من خلال تقديم منح مالية تختلف أرقامها من ناد إلى آخر، ومدينة لأخرى، إلى وسيلة للاسترزاق السياسي ومنجما للاغتناء ووسيلة لقضاء الأغراض الشخصية وأمام غياب سياسة رياضية رزينة، وتسيير كروي حكيم ومعقلن، بعيد كل البعد عن العشوائية والتسيب اللذان جعلا الرياضة الوطنية تئن تحت وطأة العبث الممارس من طرف عدد من المسيرين، الذين يسيئون لرياضة باستغلالها لأغرض غير رياضية؛ حتى أضحى التسيير الرياضي مهنة من لا مهنة له، يقرر وينظر في شؤونه الانتهازيون، والمتطفلون، الذين لا يفقهون في شؤونه غير تحقيق مآربهم الشخصية و الذين يصعب نقلهم من الانتهازية والإهمال والغفلة التي يسبحون فيها إلى فهم واسع وعميق للرياضة الوطنية. وتجسيدا لما يوليه الملك محمد السادس، من عناية ودعم موصولين للرياضة بصفة عامة، ولكرة القدم المغربية بصفة خاصة، باعتبارها الرياضة الأكثر شعبية بالمغرب، والتي تستقطب الغالبية العظمى من الشباب. ذكر بلاغ للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أنه بتوجيه من الملك محمد السادس، سيقدم بنك المغرب وصندوق الإيداع والتدبير والمكتب الشريف للفوسفاط، مساعدة مالية، قوامها 75 مليون درهم سنويا، عن كل مؤسسة، وذلك لدعم الفرق الوطنية لكرة القدم. وأضاف البلاغ الذي نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، أن الملك محمد السادس ، أصدر تعليماته لصندوق الحسن الثاني ليعزز تلك المساهمات، برصد مبلغ 25 مليون درهم، كهبة استثنائية مخصصة لهذا الغرض، لتبلغ المساعدة الإجمالية ما قدره 250 مليون درهم (25 مليار سنتيم) وقد صبق لجلالته أن بعث بالكثير من الرسائله السامية بمناسبات المناظرات الوطنية للرياضة، لتأكيد فيها عدم رضاه على ما وصلت إليه الرياضة بالمملكة، محملا القيمين على شأنها، مسؤولية المستوى الضعيف، والنتائج الهزيلة السلبية التي جرى تحقيقها، والتي لا تشرف اسم المملكة المغربية. وهكذا تتابعت الدوريات الوزارية وتعاقبت المراسيم والندوات واللقاءات والمناظرات وتبقى المذكرة رقم 22 التي توصلت بها العمالات والمجموعات والجماعات الحضرية والقروية سنة 1997 التي جاءت بعد مناظرة مكناس هي الأهم، ولا بأس من عرضا نصها هنا تعميما للفائدة. "" من وزير الداخلية إلى السادة الولاة. السادة عمال عمالات وأقاليم المملكة. السادة رؤساء المجموعات الحضرية. السادة رؤساء الجماعات الحضرية والقروية. السادة مديرو الوكالات الحضرية. الموضوع: إحداث لجن كرة القدم على صعيد العمالة أو الإقليم والجمعيات المحلية. من أجل إنعاش والنهوض بقطاع كرة القدم وإشعاع هذه الرياضة، تعتزم الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بتعاون وثيق بين السلطات المحلية والوكالات الحضرية والأكاديمية ونيابات وزارة الشبيبة والرياضة والعصب الجهوية لكرة القدم؛ القيام ببرنامج عمل يهدف إلى تعميم مارسة هذه الرياضة نظرا لما لها من تأثير اجتماعي وتربوي ذي أهمية قصوى. إن الجماعات المحلية مطالبة دائما، في إطار تدخلاتها المتنوعها واختصاصاتها، بالمساهمة الفعلية لتنمية هذا النشاط الرياضي الذي تعطيه الأولوية والمكانة المرموقة سواء في برامجها القطاعية المباشرة أو من خلال عمليات الشراكة مع الوزارات المتدخلة أو في إطار دعمها لكل المتدخلين في هذا القطاع. وإن الهدف الرئيسي المتوخى من تدخلات الجماعات المحلية هو توفير التجهيزات الرياضة على الصعيد الوطني والجهوي والمحلي وتحقيق التوازنات بين جميع الجهات في هذا الميدان. وفي هذا الإطار يجب على الجماعات المحلية مرة أخرى أن تبذل قصارى الجهود لتقوية مشاركتها في تنمية قطاع كرة القدم، وتعميم ممارسته. ولبلوغ هذا الهدف فعلى السادة الولاة وعمال العمالات والإقاليم أن يقوموا بإحداث لجن لكرة القدم على صعيد كل عمالة وإقليم، كما أنهم مطالبون بتشجيع كل المبادرات الرامية إلى خلق جمعيات محلية لكرة القدم يمكن من خلالها تحقيق وتنفيذ برامج العمل التي تقوم بإنجازها الجامعات الملكية المغربية لكرة القدم لتنمية القطاع. وإن هذا العمل الرامي إلى إعادة تنظيم تدخلات كل الفعاليات المحلية في هذا القطاع في إطار الجمعيات وتطويره تربويا ورياضيا، يجب أن يتم بتشاور وتعاون بين كل الوزارات المعنية والقطاعات المهتمة بكرة القدم. لذا أرجو منكم أن توفوا هذه الوزارة في أقرب الآجال بتقرير مفصل حول الإجراءات المتخدة من طرفكم ومن طرف رؤساء الجماعات المحلية لإنجاح هذا البرناج، كما أنه يجب إرسال تقرير يبين الأنشطة المنجزة وظروف سير هذه العملية في نهاية كل نصف شهر لتمكين اللجنة الوطنية المكلفة بتتع هذا البرنامج من إعداد تقرير وطني في هذا الموضوع"".. كان هذا نص الدورية الوزارية رقم 22 والمتعلقة بإحداث لجن كرة القدم على صعيد العمالة أو الإقليم والجمعيات المحلية في سنة 1997، فإلى أي مدى وصلت قرارات المذكرة القاضية بإنعاش والنهوض بقطاع كرة القدم المغربية. وها قد مرت أكثر من عشر سنوات عن أصدارها، ولازالت كرة القدم وكل الرياضات تراوح مكانها ومكانتها، بل احتل بعضها مؤجرات التراتب ووصل بعضها الآخر إلى الحضيض. فماذا أنجز وتحقق؟ أليست هذه مدة كافية لإنجاز"( العجب المتعجب)" ولكن كيف للرياضة المغربية أن تزدهر وترفع رؤوس المغاربة عالياً في المحافل الرياضية الدولية، إذا كان كل شيء لدينا متدهوراًً سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً ودينياً؟ لا يمكن أن نكون في مؤخرة العالم حضارياً، ونكون في المقدمة رياضياً. مستحيل، وإلا لكانت نتيجة واحد زائد واحد تساوي ألف أو مليون، وهو غير ممكن حسابياًً. فالريادة لا تأتي في مجال وتتخلف في آخر. كم كان نيكولاس كريستوف المعلق في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية محقا عندما ربط بين التفوق الرياضي والتقدم العام، فالرياضة مرآة المجتمع، صحيح أن الصين أبهرت العالم بهذه الطفرة الرياضية العظيمة التي أزاحت الولاياتالمتحدة لتصبح الفائز بمعظم الميداليات الذهبية، إلا أن نهضة الصين تتجاوز الميداليات الذهبية، فلها بصمات كبرى في الفنون والتجارة والعلوم والتعليم.. إن نهضة الصين في الأولمبياد ممتدة إلى كافة مناحي الحياة تقريباً". بعبارة أخرى، فحصاد الدول الفائزة بالعديد من الميداليات في الدورات الأولمبية،"لم يأت من فراغ، فالرياضة منظومة متكاملة، تشمل قائمة طويلة من الموارد، والمعدات والأدوات الرياضية المناسبة، والكفاءات والخبرات، والتدريب الجاد، وجوانب نفسية منها الإصرار والعزيمة والقدرة على التحمل، والعمل الجماعي، والتعلم والاستفادة من تجارب الآخرين، والثقافة الرياضية في المجتمع، إلى غير ذلك، ويأتي على رأس قائمة هذه المنظومة التخطيط الجيد والإدارة الفعالة والمسير المسؤول.. فماذا تستطيع المذكرات فعله في مؤسسات رياضية يديرها أشخاص مؤهلهم الوحيد أنهم قريبون من السلطة أو متحزبون أو مخبرون، ولا يفهمون بالرياضة إلا ما أفهمه أنا عن الإنشطار النووي ما بعد الحداثي. فلا يمكن للرياضيينا المغاربة أن يتفوقوا لا داخلياً ولا خارجياً بسبب مذكرة أو مذكرتين أو حتى مليون مذكرة، إذا كانت الرياضة عندنا تدار بعقلية الواسطة والمحسوبية والانتماءات الضيقة. فغالبيات المؤسسات الرياضية عندنا هي مؤسسات حزبية أو سلطوية أو عائلية.. فكيف للرياضة المغربية أن تزدهر إذا كانت مسيسة من رأسها حتى أخمص قدميها، ومدارة بعقلية قبلية أو عائلية أو طائفية أو حزبية أو حتى عشائرية. ومن هنا يتضح، بأن غالبية الجماعات لم تحترم كل تلك المذكرات والرسائل السامية المتضمنة للكثير من الحلول الناجعة لتجاوز الأزمة والخروج بالرياضة من الوضع المخجل الذي تغرق فيه بوضع نظام عصري وفعال لتنظيم القطاع واعادة هيكلة مشهده وتأهيل تنظيماته للاحترافية ودمقرطة الهيئات المكلفة بتسييره. كما طالب بضرورة إعادة تأهيل الرياضة المدرسية، والجامعية اعتبارا لدورها الريادي في الاكتشاف المبكر للمواهب وصقلها. وهي التي لم تحترم القوانين التي وضعها المشرع في هذا الباب. ما دفع بالملك وحسب بعض المصادر الصحفية أن يطلب من الفاسي الفهري رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تقريرا مفصلا يهم أوضاع المنتخب الوطني لكرة القدم مشيرة إلى أن من بين ما طلب الملك محمد السادس توضيح طبيعة التعاقد مع المدرب الفرنسي لومير. [email protected]