تواصل وزارة الشباب والرياضة، رحلة بحثها عن توافقات مكونات المشهد الرياضي الوطني، بخصوص مشروع تعديل قانون التربية البدنية والرياضة، بعد أن طرحته للنقاش والتداول، وقامت بتنظيم يومين دراسيين بخصوصه، يوم 17 مارس ويوم 24 أبريل الماضيين. ويأتي طرح هذا المشروع، في ظرفية استثنائية على عدة مستويات، بالنظر أساسا لبعض المتغيرات والمستجدات التي عرفها القطاع الرياضي مؤخرا، بعد المناظرة الوطنية حول الرياضة المنعقدة في 24 و25 أكتوبر 2008، وما تلاها من تفاعلات ونقاشات طبعتها الرسالة الملكية التي تليت في افتتاحها، وتعالت العديد من الأصوات مطالبة بإجراء تغيير في القوانين المنظمة التي يتفق الجميع على كونها أصبحت متجاوزة ولا تواكب التطور الذي عرفته الرياضة عالميا، وابتعاد بعض مسؤولي الجامعات الرياضية عن دكة التسيير، على اعتبار ضلوعهم في حالة التردي الذي يعرفه هذا القطاع.. كما يأتي طرح المشروع في أجواء ترقبية وبعناوين جديدة، في مقدمتها مثلا «انتخاب» رئيس جديد لجامعة كرة القدم، و«تراجع» امحمد مجيد عن منصب رئاسة جامعة التنس، إلى جانب تعالي العديد من الأصوات مطالبة بوضع سياسة جديدة للرياضة الوطنية تستجيب للتطور الذي يعرفه هذا القطاع قاريا وعالميا، وتمكن من إعادة التوازن في العلاقات بين الفاعلين الأساسيين: الدولة الجامعات الرياضية و الجماعات المحلية وكل المتدخلين خاصة المؤسسات الاقتصادية والمالية. كما تبدو أهمية تحيين وتعديل القوانين الرياضية، بارتباط مع ضرورة عصرنة الإطارين التشريعي والتنظيمي في الممارسة الرياضية، ورسم تلك الأرضية الصالحة لتحقيق انتقال سليم من مرحلة الهواية إلى الاحتراف الرياضي.. في الملف التالي، رأي لفاعلين ومتدخلين في المشهد الرياضي الوطني.. الوزيرة نوال المتوكل: «المنظومة الرياضية الحالية تتطلب إعادة النظر في العديد من مرتكزاتها...» في كلمتها في اليوم التواصلي يوم الجمعة 24 أبريل الماضي، أكدت نوال المتوكل: «... إن التوجه الجديد الذي تتبناه وزارة الشباب والرياضة، يرمي إلى تفعيل التوصيات المنبثقة عن المناظرة الوطنية للرياضة المنعقدة يومي 24 و 25 أكتوبر 2008 بالصخيرات، والتي تميزت بتلاوة الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في أشغالها. لقد أبرزت الرسالة الملكية بأن الرياضة وتأطير الشباب مسؤولية مشتركة بين جميع القطاعات الحكومية والمؤسسة التشريعية والمؤسسات العمومية والقطاع الخاص والمنظمات الدولية ومكونات الحركة الرياضية، وبالتالي، فالكل مدعو للانخراط في الاستراتيجية الوطنية للرياضة كل في مجال تخصصه. لقد سبق لي أن أكدت في كلمتي التي ألقيتها بمناسبة اختتام المناظرة الوطنية حول الرياضة، أنها أي المناظرة ليست في نهاية المطاف سوى محطة في المسار التاريخي للرياضة الوطنية، وأن ما ينتظرنا هو الأهم، وذلك بإعطاء مدلول حقيقي للاستراتيجية الوطنية للرياضة وأجرأتها على أرض الواقع. هكذا ووعيا منا بجسامة المسؤوليات الجسيمة الملقاة على عاتقنا، فقد تم إعطاء الانطلاقة الفعلية للعديد من الأوراش الإصلاحية التي نتوخى منها منح دفعة قوية لوضع الرياضة الوطنية في مسارها الصحيح. إن المنظومة الرياضية الحالية تتطلب إعادة النظر في العديد من مرتكزاتها، لاسيما وأن الرياضة أصبحت صناعة قائمة الذات وتهييء الأبطال ذوي المستوى العالي يستدعي إمكانيات بشرية ومادية هامة وإطار قانون محفز. فمنذ انتهاء أشغال المناظرة الوطنية، ظل السؤال المشروع الذي يفرض نفسه علينا، هو كيف نجعل تلك الحماسة، وذلك الانخراط العفوي الذي ميز لحظة عقد المنتديات الجهوية والمناظرة الوطنية يستمر مشتعلا متوهجا محليا، جهويا ووطنيا.لقد بادرت مباشرة بعد انتهاء المناظرة بعقد سلسلة من اللقاءات التواصلية مع نواب الأمة ومع أعضاء الحكومة ومع مختلف وسائل الاعلام الوطنية لشرح مكونات وأهداف الاستراتيجية الوطنية، كما تم بعث الرسالة الملكية ومحتوى الاستراتيجية الوطنية الى كل القطاعات الحكومية وإلى ولاة وعمال صاحب الجلالة، وكذلك إلى رؤساء الجامعات الملكية المغربية والاتحادات الدولية واللجنة الأولمبية الدولية والسفراء و الوزراء العرب والأفارقة والوزراء الأعضاء بمجلس وزراء الدول الناطقة كليا أو جزئيا بالفرنسية ووزراء دول البحر الأبيض المتوسط وغيرهم. وموازاة مع ذلك، تم إعداد مشروع قانون التربية البدنية والرياضة مقدما قراءة جديدة لمضامين القانون رقم 87/06، تم بدوره توجيهه إلى العديد من القطاعات الحكومية من بينها الأمانة للحكومة ووزارة الصحة ووزارة العدل ووزار التربية الوطنية وتكوين الأطر والبحث العلمي ووزارة الشغل والتكوين المهني ووزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية، كما تم توجيهه غداة المناظرة الوطنية للرياضة الى كل من اللجن الوطنية الأولمبية المغربية وإلى كافة الجامعات الملكية الوطنية، حيث توصلت الوزارة بالعديد من الاقتراحات من طرف مختلف القطاعات الحكومية، ومن اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية، ومن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، والجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، والجامعة الملكية الغربية للكرات الحديدية، والجامعة الملكية المغربية لكرة السلة، والجامعة الملكية المغربية للطاي جيتسو والصامبو، والجامعة الملكية المغربية للدراجات. ناهيك عن إيداع هذا المشروع بالموقع الإلكتروني للوزارة بغية تمكين جميع الفاعلين والمهتمين بالحقل الرياضي من الاطلاع على مضامينه وتقديم اقتراحات بخصوصه. بعد ذلك، ارتأيت أنه من اللازم توسيع الاستشارة، حيث بات ضروريا الإصغاء إلى كافة الفاعلين الرياضيين لإغناء مشروع الإصلاح واستمزاج آراء مختلف مكونات النسيج الجمعوي الرياضي، فتم تنظيم يوم دراسي حول مشروع قانون التربية البدنية والرياضة ببوزنيقة، وذلك بتاريخ 17 مارس المنصرم، حيث عبر المشاركون في الورشات الثلاثة، المتعلقة بتنظيم الرياضة المدرسية والجامعية والتكوين وتنظيم رياضة الهواة وتنظيم الرياضة الاحترافية، عن عدة أفكار وأسهموا بالعديد من الاقتراحات والتوصيات التي من شأنها تنقيح المشروع المعروض عليهم... » التعديلات الأساسية المقترحة طالت التعديلات التي يحملها المشروع الجديد، البنود المضمنة في القانون 87.06 لسنة 1989: { في الأنشطة البدنية والرياضية المدرسية والجامعية. { في دور الدولة والمؤسسات العامة والخاصة في إعداد رياضيي المستوى العالي. { في القاعات والمؤسسات الخاصة للرياضة والتربية البدنية. { في النشاط الرياضي الهادف إلى الربح. { في تأهيل الأطر الرياضية التي تتلقى أجرا. { وفي مقتضيات جنائية ومختلفة. ومن المواد الجديدة أو مواد التعويض المقترحة من طرف مشروع القانون: { في العصب الاحترافية. { في اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية واللجنة الوطنية البارلمبية المغربية. { في المجلس الوطني للرياضة. { في حق استغلال صورة الرياضيين والتظاهرات والمنافسات الرياضية. { في مراكز تكوين الرياضيين. { في وكلاء الرياضيين. { في فض المنازعات والخلافات الرياضية. { في سلامة التظاهرات الرياضية ومكافحة العنف في الرياضة. وتهم الإجراءات المتخذة حسب محاور الإصلاح: { في الحكامة: تفويض تمثيل وتدبير وتنسيق الأنشطة الرياضية ذات الطابع الاحترافي لعصبة احترافية تسير من طرف هيئة مستقلة. تخويل المراقبة القانونية والمحاسباتية والمالية الإجبارية على الشركات الرياضية المشاركة في المنافسات الاحترافية إلى هيأة مستقلة. تقنين وحدة الجمعيات الرياضية. إحداث غرفة للتحكيم الرياضي داخل اللجنة الوطنية الأولمبية تناط بها مهمة فض المنازعات الرياضية. { وفي التكوين: إخضاع مراكز تكوين الرياضيين لاعتماد تمنحه الإدارة ولدفتر للتحملات ولمراقبة مستمرة. وقاية الأندية التي تقوم بالتكوين بدفعها الشبان الذين يتم تكوينهم لإبرام عقود مع الأندية المكونة. مأسسة التكوين وإحداث شهادات ودبلومات الدولة للمكونين. { وفي التمويل الخاص، تهم الإجراءات المقترحة: تحديد السقف الذي يجب على الأندية بعد بلوغه التفويض لإدارة شركة رياضية تدبر الجوانب الاحترافية للنادي. تخويل إمكانية المساهمة في تسيير الجامعات والعصب والمنافسات الرياضيةللشركات الرياضية. الاعتراف بخصوصية العقدة المبرمة مع اللاعب وذلك بإحداث عقود تسمى عقودا رياضية استثناء لمدونة الشغل. توضيح مساطر تسويق وتوزيع حقوق البث التلفزي بين العصب والأندية. تمكين الشركات الرياضية من تسويق النقل التلفزي والسمعي البصري لفرقها ورياضييها. وعلى نفس المستوى، تهم الإجراءات المقترحة: تنظيم حقوق بث الصورة الجماعية للرياضيين. إعطاء قاعدة قانونية للعمل الذي يقوم به المستخدمون داخل الجمعيات والشركات الرياضية. إحداث تضامن وتتبع رياضي سنوي للرياضيين المحترفين ومكافحة تعاطي المنشطات. تقنين ولوج مهنة وكيل رياضي وإخضاعها لمراقبة دورية. «سير حتى تعيط»!! كان لابد، والرياضية المغربية تعيش في الأونة الأخيرة تراجعات مثيرة وغير مسبوقة على مستوى النتائج المتدنية التي أصابت العديد من المتتعبين والمهتمين .. بانتكاسات وأحباطات متواصلة، أو على مستوى الاختلالات المسجلة في هياكل بعض المؤسسات الرياضية الوطنية التي ضربت تداعياتها ومخلفاتها دورة الممارسة والممارسين في مقتل، وأدخلت بعضها (الجامعات و العصب ..) في دوامة الانتظارات والصراعات والمؤقت .. كان لابد في ظل الوضعية هاته، أن ينفتح هذا الملف الذي انبرى لمقاربة هذا الموضوع الراهن الجد حساس، على بعض «الفعاليات» الوطنية المعنية التي تتربع حاليا على قمم الأهرامات الجامعية الوطنية لاستجلاء أرائها وأفكارها ومقترحاتها حول مشروع قانون التربية البدنية والرياضة الجديد، الذي كانت تروم مبادرة طرحه للنقاش والإغناء خلال يومين دراسيين في 17 مارس و24 ابريل الماضيين اللذين عقدا مباشرة بعد المناظرة الوطنية حول الرياضة في 24 و25 اكتوبر 2008 ، الخروج بخلاصات واستنتاجات عملية على مستوي التسيير والتدبير الرياضي، باعتبار أنهم هم المسؤولون المباشرون المنتخبون «ديمقراطيا» عن رسم خرائط الطريق للممارسة الرياضية الوطنية السليمة في جامعاتهم وعصبهم ونواديهم.. كان لابد من الاتصال بشرائح معينة من المسيرين، ممن يمثلون جامعات أولمبية كانت لبعضها، في وقت من الأوقات، بصمات مضيئة على صعيد النتائج وطنيا ودوليا، للإدلاء بآرائها حول التعديلات التي ستطول هذا القانون، خصوصا وأنها ستهم مجالات أساسية ستغير لا محالة، في حالة تبنيها والتوافق حولها، مجرى ومفهوم الممارسة الرياضية الوطنية، رأسا على عقب، تعلق الأمر هنا - على سبيل المثال - بتحديد هوية الهياكل الرياضية، بالإطارات القانونية التي سترسو من خلالها الممارسة على قواعد مالية ومحاساتية صلبة، بالانتقال من الهوية الى الإحتراف، بالتسويق الرياضي الذى أضحى أحد القنوات الأساسية في عمليات تعزيز الموارد المالية الضامنة للممارسة الرياضية، بالتكوين والبنيات التحتية وغيرها.. كان، إذن، الاتصال بطينة من هولاء، فكانت الإجابة والاستجابة بسعة وسلاسة من البعض الذي أبان وعي واهتمام كبيرين - ومن موقع المسؤولية - بحيثياث مشروع قانون فرضته المرحلة يتغيا تجديد دمائه وحركيته بعد تقادمه وتخلفه عن مواكبة المستجدات السريعة التي يعرفها العالم الرياضي والاقتصادي على هذا النطاق.. فكان الانخراط في إبداء الملاحظات والاقتراحات حسب الزواية التي يرونها مناسبة لطبيعة الممارسة بدائرة فعلهم والتي كشفت عن أن المشروع يحمل مكتسبات جديدة للرياضة الوطنية مثلما يحمل ثغرات ينبغي إعادة النظر فيها، في محتواها وفي مكوناتها .. وكان الصد والتسويف من طرف البعض الآخر، حيث ما أن تتصل بمسؤول أول أو «سام» ما بجامعة ما فيقول «هاك» رقم تليفون الفلان الفلاني فهو«المؤهل»- ربما لغويا وفكريا - للإجابة في الموضوع .. تتصل بالمسؤول المقترح فتجد إما أن رقم تليفونه لا هوية شخصية له في دليل التلفونات، وإما خارج التغطية أو «مسكر» - حسب لغة إخواننا المشارقة -، وإما يرد عليك صاحبه ويقترح عليك الاتصال باسم آخر - يبدو أنه مؤهل، هو أيضا، أكثر منه للتوضيح و الاقتراح - وهكذا دواليك مع سيل من المكالمات التي سلك بعضها مسلك «سير حتى تعيط». وهو مسلك، إذا كان يدل على شيئ ، فإنما يدل على طينة من المسيرين من أسندت لهم «ديمقراطيا»، مهمة تدبير أمور مؤسساتنا الرياضية ، يسلكون بها، سبيل الهروب ربما عن جهل و أمية بالموضوع، وهو أمر لا يغتفر، أو عن جهل وأمية فيما يتعلق بتكوينهم الثقافي الرياضي الذي يفترض أن يكون آحد الشروط الأساسية لتسلمهم مقاليد التسيير والتدبير و ليس شيئا آخر حتى يباشروا مقاربة مشروع الأرضية التي ينطلق منها الاصلاح الرياضي الفعلي الذي يطمح إليه الجميع.