المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إطلالة على واقع الرياضة بالمدينة : الرياضة بمراكش أحلام وخيبات ولوبيات

في ظل الصراع المستشري داخل الميدان الرياضي بمدينة مراكش بفعل اللوبيات المتحكمة فيه. والتي تنشط في كرة القدم وكرة اليد خصوصا وباقي أنواع الرياضة عموما، تحت تأثير التجاذبات المفتعلة، المعلنة منها والخفية، وفق سخونة آليات الصراع التي تستند على دعامات تستمد قوتها من مواقع سلطوية أحيانا والمتمثلة بشكل واضح وفاضح في وضع مصير الرياضة أحيانا في أياد لها حضور قوي في منظومة سلطوية، منها تستمد سياستها الرياضية بشكل يدعو إلى الاستغراب. ويثير عجاج التساؤلات. إذ ما أن تتحرك هذه القوى إلا وتتحرك معها الرياضة إن سلبا وإن إيجابا، تمثلا لهوى وإرادة تلك القوى التي ما فتئت تشكل تيارا جارفا يأتي على الحضور الرياضي فيحوله إلى غياب ممنهج، باهث، لصيق بإرادة أشخاص يتحكمون في دواليب الرياضة انطلاقا من موقف سلطوي كابح للإرادات وجارف للمتناقضات، يفعلها تفعيلا ظرفيا وفق ما تتطلبه شروط اللعبة في ميدان التسيير.
يقدم واقع الرياضة دلائل وافية وشافية عن مسارات الرياضة بصفة عامة وكرة القدم وكرة اليد بصفة خاصة ضمن دهاليز وأنفاق تتحكم في بوابتها ومنافذها رؤية سلطوية تغاير المطلوب منها إذ عوض أن تقوم بما يفرضه عليها واجب مصلحة الرياضة فإنها تنشغل بالتأسيس إلى نظرية رياضية مبنية على المغالطات، واقتراح بدائل تعيد إنتاج الفساد الرياضي بكل تجلياته.
لقد عرفت الرياضة عموما وكرة القدم خصوصا مدا وجزرا تبعا للشرط التاريخي وانسجاما مع نمطية التسيير المتأرجح بين التسيير العفوي والتسيير الموجه، كما عرفت اختلالات ملحوظة في ظل التسيير الممخزن (جامعة القوى، فريق الكوكب المراكشي ومختلف الفروع المنضوية تحته) بانتهاج سياسة تقوم على البحث عن مصادر التمويل وتأمين تدفقها لصالح فريق الكوكب وتوابعه (كرة القدم، كرة اليد، الكاراطيه، الجيدو، الملاكمة، الدراجات...الخ) بينما تترك باقي الفرق غير المنتمية إلى نادي الكوكب المراكشي لتواجه مصيرها المعلق والمزعج (المولودية، نجم مراكش...) ما أدى بها إلى النكوص، وخير دليل على ذلك ما أفرزه هذا الصراع غير المتكافئ الذي تجري أطواره تحت سماء واحدة تغذيه جهات مالية تعتني بالفريق المدلل بينما يدير ظهره للفرق الصغرى التي تحتاج إلى من يسعفها.. ويوفر لمسيريها الإمكانات المادية اللازمة للتسيير، ويؤكد مسار هذا النادي الذي تتحرك من خلال مكتبه المديري مجموعة من أنواع الرياضة. أنه بالقدر الذي استفاد من دعم المؤسسات والأفراد لغايات قد تظهر وقد تختفي بحسب قوة أو هشاشة مكانة المانحين، وبعدهم أو قربهم من مراكز القرار المهيمنة على النادي. ففي مراحل ازدهار نادي الكوكب عاشت مكوناته بحبوحة حرمت منها جل فرق الصفوة، وأصبح وضعها المالي نشازا بعيد المنال للكثير من الأندية.
الرياضة .. حديث ذو شجون
بدءا لا يمكن التحدث عن واقع الرياضة بمدينة مراكش دون ربطه بالشروط التاريخية التي انتجته، وبالتالي ملامسة المشهد السياسي الذي أفرز هذا الواقع باعتباره فاعلا في حضور وقوة وأفول الرياضة بهذه المدينة.
الحديث عن الرياضة المراكشية يستحضر مراحل أساسية أهمها يؤشر لمؤسسات داخل المشهد السياسي في فترة الاستعمار، إذ عرفت هذه الفترة ميلا قواه عملاء الاستعمار من خلال اعتنائهم بمختلف الرياضات في صيغها النخبوية التي تستفيذ منها الجالية الفرنسية، والعملاء.
في هذه الفترة يقترن الحديث عن الرياضة بالأسى والأسف، حيث يتبدى المشهد الرياضي دراميا يخترقه بصيص من الأمل في تشكيل فرق مغربية صرفة، ومع ذلك ظهرت في الأفق الرياضي بعض أشباح الفرق لترسم آمالا عريضة اكتملت مع ظهور ملاكمين ولاعبين ينتمون إلى شريحة اجتماعية فقيرة، تعتمد الملاكمة كآلية من آليات الدفاع عن النفس، وهوأمر فرضته الأوضاع المتشنجة. كما ظهرت فرق أخرى في كرة القدم أهمها فريق مولودية مراكش الذي كان سباقا في هواية كرة القدم، والذي هيأ له شروط الحياة والاستمرار رجال التعليم إلى جانب رياضة الجمباز التي اختص بها أبناء المعمرين وأبناء أعيان المدينة.
وعرفت سنة 1947 تأسيس فريق الكوكب المراكشي على يد السيد بنشقرون ليرصع العقد الرياضي الباهت، وليمثل الجناح اليميني ضمن المشهد السياسي فيما بعد.
ظهور فريق الكوكب تم على خلفية فريق النجاح لينخرط الفريق في حلقة من حلقات مواجهة المستعمر إسوة بفريق المولودية الذي حقق التميز في هذا الإطار.
عرفت الرياضة تهميشا مميزا جراء استراتيجية محكمة تفضي إلى قطع الطريق على كل الإرادات التي اتخذت الرياضة من قواعد النضال، مما دفع بالمستعمر إلى خلق فريق "لاسام" ليشكل النقيض للرياضة الوطنية، مما سرع باعتقال لاعبي مولودية مراكش والحكم على بعضهم بالإعدام.
بعد 1956 تشكل فريق اتحاد الشرطة الذي سيحمل اسم النجم فيما بعد، وبعد أحداث 1984 التي عاشتها مدينة مراكش ومنطقة الشمال يبدو أن المسؤولين استشعروا دور الرياضة بصفة عامة وكرة القدم بصفة خاصة في توجيه الشباب الغاضب، وإلهائه، وفق مخطط مدروس بعناية، بالاهتمام بالشأن الرياضي قصد استغفال المحتجين ليسهل تحقيق الهدوء الذي ينشده الكل. في هذه الشروط عمد إلى مخزنة الرياضة لوضع عجلة الاحتجاجات على سكة التهدئة بخلق اهتمامات بديلة للشباب.
وهكذا ظهرت شخصية الحاج محمد المديوري القادم من ضاحية المدينة باعتباره حالة مخزنية يهمها استقرار المدينة تمثلا لحاجيات النظام كذلك.
ظهور هذه الشخصية الكارزمية قد لا يكون وليد الصدفة وحدها، بل قد ينم عن مخطط مدروس مكنه من قيادة فريق الكوكب الذي كان يعاني الأمرين في هذه الفترة تحت قيادة السيد بورزيق، فتيسرت الأموال اللازمة، كما ضمن مجموعة من اللاعبين لا يجمع بينهم إلا الانتماء لكثير من الأندية المغربية ليبدو اللاعب المراكشي وسط هذه الفسيفساء شبحا تستعصي ملامسته ضمن بورتريه الفريق. وقد انتهج المديوري سياسة رياضية تولدت عنها ظاهرة المسيرين الأكفاء ولأوفياء للشخص أكثر من الفريق، والمنتمين في غالبيتهم إلى مؤسسات عمومية ومالية، واستطاعوا أن يبلوروا خططا وقائية سهلت عمل مختلف مكاتب فروع الرياضة التابعة إلى المكتب المديري.
عرفت هذه الفترة تدفقا ماليا كبيرا وسخاء لا يعرف الحدود، مما أنتج فريقا قويا من جهة، ومستقطبا لكافة أنواع الرياضة التي أكدت حضور هذا الفريق بمختلف فروعه في الساحة الوطنية والقارية والدولية. فقد احتل الفريق المراتب الأولى، وحصل على عدة كؤوس اختصاص كأس العرش وكأس الاتحاد الإفريقي وغيرها طفرة لا يحققها إلا من يملك خاتم سليمان أو مفاتيح خزائن قارون.
نفس الإنجازات الكبرى ستتحقق في كرة اليد، والكراطيه، والجمباز وغيرها من أنواع الرياضة "فصحوة" الكوكب انعكست سلبا على باقي الفرق، فضيق الخناق على المولودية والنجم، وتفتتت الفرق الصاعدة على مستوى القسم الثالث: الهلال، الكمال وأسمار تحت ادعاء أن كفاءات هذه الفرق مطلوبة للعمل إلى جانب الرجل الأول لفريق الكوكب من جهة، وحتى لا تزاحم تلك الفرق النادي المدلل في عملية الصعود إلى القسم الأول.
وطبعت المرحلة بتألق كرة السلة برئاسة السيد نور الدين لحبابي، وشمخت كرة اليد على يد المرحوم عبد المومن الجوهري، وتألق الكرطي على يد السيد حسن البحياوي و برئاسة الحاج تمام، وألعاب القوى على يد الحاج محمد المديوري.
تميزت هذه الفترة أيضا بميزتين أساسيتين أولاهما تذويب فريق البريد لكرة اليد باعتباره رائدا وندا قويا تستعصي مقاومته ومقارعته ميدانيا، وثانيهما ظهور ستة رؤساء تربعوا على قيادة ست مؤسسات لعبت دورا فاعلا في المجال الرياضي، وفي تلميع صورة فريق الكوكب (الأمر الذي يطرح أكثر من تساؤل) وفي نمو الرياضة بالمدينة كنتيجة لحركية:
جامعة ألعاب القوى برئاسة الحاج محمد المديوري.
جامعة الكاراطيه برئاسة السيد حسن البحياوي الذي سهر على إدارتها بقوة
جامعة كرة اليد برئاسة السيد المرحوم عبد المومن الجوهري
جامعة التيكواندو برئاسة الحاج تمام.
وأخيرا ظهور مؤسسة جديدة وكل إليها أمر الرياضة المدرسية برئاسة ابن المدينة التربوي السيد الحسين بوهروال المشهود له بالحنكة والتفرد في هذا المجال.
وإذا كانت هذه الجامعات التي ترأستها شخصيات من رحم فريق الكوكب قد أدت دورها رغم بعض المآخذ، فإنها شكلت في توجهها العام جهازا استقطابيا جعل الشباب ميسرا لابتلاع لعبة الانتظارات.
يكاد ينعقد إجماع المتتبعين والمهتمين على أن هناك شبكة من الآليات تظافرت جميعها في صناعة هذا الواقع الرياضي الجديد، منها:
الجمعيات: بين الرغبة في التطوير والرغبة في التقوقع:
في مرحلة الازدهار برزت جمعيتان ركزت إحداهما على ضرورة تخليص الفريق وتوابعه من الرياضات الرديفة من ظاهرة المخزنة، بينما ارتأت الثانية أن تظل وفية لمسار الفريق في ظل توجيهات الرجل الوحيد، إكبارا له واعترافا بما قدمه للرياضة!! واعتباره الشخص الوحيد والأوحد الذي يمتلك مفتاح الحلول، أما غيره فلا قوة له البتة (في زعم) هذه الجمعية لتحقيق المعجزة المفترى عليها.
انتهى الصراع من جهة بين الجمعيتين وبين الجمعية المؤمنة بالتغيير من جهة ثانية وممثل المخزن بتخلي الرجل الأوحد عن التزاماته الرياضية، واختار البعض الاستمرار في خلق الأوهام، وانتظار الإمام المهدي ليحقق الخلاص مرة ثانية، بينما اختار البعض الآخر التنعم باستراحة المحارب في انتظار الجديد.
وللغياب......قصة أخرى
غاب الرجل (المعجزة) الذي تربع على كرسي التسيير مدة عقدين من الزمن، فحضرت المشاكل بعبئها الثقيل، خاصة في المرحلة التي تولى فيها السيد محمد بنشقرون مسؤولية إدارة فريق الكوكب، وتناسلت هذه المشاكل انطلاقا من المكتب المديري الذي تحمل عبء التسيير على خلفية الفراغ المفتعل، وبدأت الصدامات بين مكوناته، وانعكس ذلك سلبا على فريق الكوكب، وعلى توابعه من الرياضات، كل ذلك لإقناع الجمهور بمقولة لا يصلح الحال إلا بما صلح به الماضي... أغنية يرددها كثير من الذين يحنون إلى زمن غير ما سوف عليه.
فجرت إشكالية رئاسة المكتب المديري عدة تناقضات، وظل الواقع الجديد متمثلا في مظاهر منها:
- تمسك المتشوفون إلى العهد السابق، بمغازلة الماضي باعتباره مصدرا من مصادر التمويل، أمام عجزهم عن إقناع المانحين السابقين لمواصلة مد الفريق في واقعه الجديد بما يرفع من وثيرة تدبيره المالي.
- ظهور قوة جديدة داخل المكتب المديري رأت أن تنهج سياسة الترشيد، فاصطدمت بواقع الرفض باعتبار أن المرحلة الانتقالية في حاجة إلى بعض المرونة التي يرى فيها البعض تجاوزات مالية تهدد مآل الرياضة بصفة عامة.
النتيجة الطبيعية لهذا الواقع الجديد هي تضعضع الفريق لاستحالة توفير الإمكانات المادية التي يعتبرها اللاعبون مكسبا لا يجوز التفريط فيه، مما نمى ظاهرة اللوبيات داخل الفريق، وأدى به إلى زيارة القسم الثاني وإرغام الرئيس على تقديم استقالته. وهو أمر لا يتأتى إلا في ظل الشروط التآمرية المحبوكة. على خلفية هذا الواقع، تفتتت مكونات المكتب المديري، وانفصم عقد الرياضة، مما انعكس سلبا على الرياضة بالمدينة، ومن تم فإن هذه المحصلة هي نتيجة حتمية للتسيير الفردي الذي يطلق العنان للفرد ليوجه الفريق كيف يشاء.
ورغم وضع أمانة الفريق في يد مكتب جديد، حشر بداخله بعض ممن سببوا في مشاكل الفريق وأرغموه على النزول إلى القسم الوطني الثاني، أمام هذه الظاهرة تحقق نكوص في الميدان الرياضي بصفة عامة تمثل في الغياب الكلي لكرة السلة ورياضة الريكبي، والطائرة، وبداية أفول الدراجة المراكشية، ومعاناة الملاكمة....الخ فما هي الدوافع الحقيقية المتضامنة في خلق واقع رياضي كارثي منذر بأوخم العواقب؟
الإجابة عن هذا الاستفهام تقتضي انتهاج خطة تشريحية تتناول مختلف مكونات الحقل الرياضي بالمدينة.
التسيير وسيناريوهات الانتخابات
إلى جانب التسيير الفردي الذي وسم المكاتب الرياضية بصفة عامة، حيث يمثل الرئيس محور الأجهزة المنبثقة عن ذلك المكتب، فإن هناك مؤشرات سالبة لأهلية التسيير المعقلن أهمها:
1- المنخرطون:
في العادة تقوم عملية الانخراط على عناصر أهمها امتلاك ثقافة رياضية تجعل من المنخرط فاعلا يرقى بالفريق نحو مراقي التألق، إضافة إلى تحليه بالسلوك العام الذي يهيئه لإشاعة المحبة، والشغف بالرياضة باعتبارها ميدانا تنافسيا مبنيا على تقدير الآخر. فإن التجربة المعايشة، بل والمعاينة كلها تؤكد أن أشكال الانتخاب تعتريها هفوات مدروسة، مبرمجة بكيفية تؤدي إلى مبدأ التعيين بدل الانتخاب على أسس ديمقراطية، تسمح بالتباري وفق شروط ترفض كل أشكال التزوير والتحايل، فيعمد إلى انتخاب تشكيلة اتفق عليها من قبل، هيأت لها وسائل النجاح بالدفع ببعض المنخرطين المغشوشين توكل إليهم هذه المهمة.. ويلعب الانخراط دورا أساسيا في هذه العملية، فالمنخرط هو صوت موال لشخص معين، وهو قاعدة لتنشيط عملية الانتخاب بخلق أتباع وشيع عن طريق تمكينهم من بطائق انخراط مجانية، يسهر بعض أعضاء المكاتب على توزيعها وفق استراتيجية غوغائية تقطع الطريق على روح المعارضة البناءة، وتجعل من قوة الانتخاب مهادا لصناعة مكتب جديد وحسب المقاس.
وتلعب قيمة الانخراط المبالغ في تحديدها ذات العلاقة ببطائق الانخراط دورا في تعجيز وإعجاز المنخرط الحقيقي، مما يترك الساحة لكل المخططات الراغبة في إفراغ عملية الانتخاب من مضمونها الديمقراطي الحقيقي، وبالتالي خلق بطانة من أشباح المنخرطين الذين يساهمون بشكل فعلي في تدني المستوى الرياضي بمدينة مراكش.
هذه الوضعية الانتخابية، وبهذه الطريقة المرفوضة أخلاقا وروحا رياضية تشترط إعادة النظر في الكيفية التي يتم بها الانخراط، وذلك باستحداث بنود جديدة في القانون الرياضي، ومن ضمنه قانون الاجتماعات والانتخابات، باشتراط ما يلي:
أ- تحديد نسبية مبالغ الانخراط بطريقة تيسر عملية الانخراط وتفتح بابه لأكبر عدد من الراغبين، وبالتالي تتاح لهم الفرصة للإدلاء بأصواتهم بكل حرية. وخارج إطار الوصاية والاستقطابات الوصولية والانتهازية.
ب- إحداث قانون يُلزم المنخرط بالإدلاء بما يثبت قدرته المالية عن طريق تقديم كشوف الحسابات البنكية، وما يقوم مقامها تثبت أهليته المالية الشخصية وتدرأ عنه الشكوك.
ج- إدلاء المنخرط بشهادة حسن السلوك لقطع الطريق على محترفي الإجرام في عملية انتخاب الرؤساء أو المكاتب.
د- إلزام اللجنة المشرفة على الانتخاب بالتوفر على الوثيقتين السالفتين لتقديمها للجنة الفحص يوم الانتخاب.
ه - إحداث بند قانوني يجرم من يقف ضد تفعيل هذه الشروط.
إن اعتماد هذا الأسلوب سيفتح حتما عهدا رياضيا جديدا قوامه الشفافية والوضوح وإشاعة روح المسؤولية في عملية الانتخاب.
2- الجمهور:
يتموقع الجمهور ضمن أهم مؤشرات الأزمة بمدينة مراكش، ونعني به أساسا إقبال ثلة من المنخرطين على الشغب في الميادين الرياضية، ممن توكل إليهم عملية الاستفزاز، سواء تجاه اللاعبين أو المدربين أو الفرق الزائرة، هذه الفئة الموبوءة التي تخضع لنظام التحكم عن بعد والتي تسيء إلى الرياضة بدعوى حب الفريق، هي المسؤول الأول عن تدني الرياضة باعتبار دورها التخريبي سواء في الميادين الرياضية وفي الحلقات الخاصة )المقاهي، الشارع، الجموع العامة) تؤدي هذا الدور المؤدى عنه سلفا تحت الطلب، وبفعل تحركات لوبيات التسيير التي تلجأ إليها كلما استشعرت خطرا يهددها، أو مصلحة تغنمها.
فما تقوم به هذه الفئة المشاغبة يتم تحت مظلة محبة الفريق، وهو موقف مرفوض رياضيا وأخلاقيا، فمحبة الفريق تكمن في العمل على إعلاء شأنه بدل إنتاج ما يحط من قيمته، وغير ذلك إنما هو اجترار للجرم واستباحة للمكروه، وإقصاء للتوازن الأخلاقي الذي من المشروط أن يتوفر في الجمهور المعتز بفريقه ومدينته.
فمحاربة ظاهرة الشغب تصبح من آكاد الواجبات ومهمة إنجازها ملقاة على عاتق الجمعيات، وعلى شبكة من الفاعلين الرياضيين، قبل اللجوء إلى المقاربة الأمنية التي تعتبر ضرورة مرحلية قد تخطئ الطريق أحيانا.
3- دور الجمعيات في الأزمة:
عرفت الساحة الرياضية إبان ازدهار!! نادي الكوكب المراكشي ظهور جمعيات، إحداها تضم عناصر لها حضور في المجالين الثقافي والسياسي، بينما الباقي ولج عالم الرياضة من باب التشجيع!! فبينما ركزت الأولى على ضرورة إحداث تغيير جذري في المجال الرياضي وفق مفهوم التسيير المؤسسي، حرص الباقي على إضفاء الشرعية على الجهاز المتحكم محليا في تسيير نادي الكوكب المراكشي في ظل نموذجية الشخص الوحيد، واعتباره مبدأ ومنتهى الفعل الرياضي. أما غيره فلا شأن له البتة في تحقيق التطور الرياضي بالمدينة، ولكل من التيارين الحق في اختيار الطريق الأنسب في تحقيق الطفرة الرياضية، ولا ضير على من أخطأ الطريق أن يظل متمسكا بتصوراته وآرائه !!!
انتهى الصراع بين التيارين بتخلي (الرئيس) الأوحد عن التزاماته الرياضية، وليس من الغريب أن يتزامن ذلك مع العهد الجديد الذي بدأ يرسم اتجاها نحو الشفافية والوضوح.
وبينما اختار البعض الاستمرار في هوس خلق الجمعيات أو إمداد بعض منها بما يحقق استمرارها، وتناسلها، اختار البعض استراحة المحارب في انتظار ما ستكشفه الظروف الجديدة.
مسؤولية الإعلام الرياضي
لا يختلف اثنان حول دور الإعلام الرياضي في التنمية الرياضية باعتبار أهميته في قيادة تلك التنمية، ومن خلال معاينة الواقع وملامسة ما حققه الإعلام في هذا الاتجاه، بيد أن عددا من الإعلاميين ذهبوا إلى غير ما رسم للإعلام من دور في تحقيق التنمية.
فالحديث عن الإعلام الرياضي بمدينة مراكش يستحضر ما يردده الكثيرون (إعلام رياضي يساوي انتهاز) تصدق هذه المقولة على كثير من الأقلام الحربائية التي تتحرك وتكتب وفق ما يحقق المصلحة الشخصية، بل إن البعض لا يتورع عن الكشف عن هويته وعشقه للارتزاق، في سبيل ذلك يختلقون ويدعون، يبشرون بما يهدم أكثر مما يبني، همهم التقرب من مسؤولي الفرق واستفزازهم، بل اعتبارهم جيوبا مهيأة في جميع الأحوال للاختلاس باسم الإعلام المفترى عليه، هذا الصنف من الإعلاميين أصبح مكشوفا لذى الخاص والعام، ومن سخرية القدر أن بعض المسيرين أصبحوا يتبرمون منهم، ويشتكون، ولا يترددون في فضحهم. لذا تصبح مسؤولية الجميع فضح هؤلاء، واكتشاف هوياتهم. والبيت الرياضي المراكشي مدعو أكثر مما مضى للوقوف في وجه ما يشكله هؤلاء من بؤر للارتزاق والإفساد، انطلاقا من إرادة جماعية تعول عليها وتقويها إرادة الفاعلين بالمدينة. من منتخبين، وجماعات، وعصبة ولاعبين ومحبين، وإعلاميين شرفاء للنهوض بالرياضة لإعادة المدينة لتقوم بدورها في تجديد المفهوم الرياضي تسييرا وحكامة وأخلاقا، استرشادا بالرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المناظرة الوطنية التي ركزت على دور الإعلام في هذا القطاع.
المسؤولية..مسؤولية الجميع
تتبدى قيمة المسؤولية باعتبارها آلة تخلق التوازن بين باقي مكونات الفعل الرياضي، وقد تتقاسم هذه القيمة عدة مكونات منها:
أ- تدخل الجماعات المحلية عن طريق التمويل اللوجستيكي بصفة عامة، وهو ما يظهر غائبا رغم بعض الإشارات المحتشمة التي تلوح من حين لآخر بلبوس انتخابي يؤشر على حملات انتخابية سابقة لأوانها. وستظل تدخلات هذه المؤسسات الجماعية أساسية في تدبير الشأن الرياضي.
ب- مأسسة التسيير الرياضي:
لتحقيق نهوض رياضي يرقى إلى مرتبة تعيد للمدينة وللمواطن الرياضي الإشعاع والتألق، أصبح من الضروري العمل على ترسيخ دور المؤسسة في التدبير بدل التسيير الفردي الذي تغيب خلاله الشفافية والوضوح، والذي يمكن المسير من أدوات تمييع الفعل الرياضي ويكرس من جهة أخرى مبدأ الاقصاء والتهميش لكل الفاعلين في هذا الميدان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.