يبدو أن أحد طابوهات التلفزيون الفرنسي سيسقط عما قريب؛ فالجدار الذي يقال إنه يفصل بين البرامج التلفزية والوصلات الإشهارية ستتم إزاحته بشكل رسمي في غضون بضعة أشهر، وبالتالي ستفرض «المنتجات» وجودها ضمن خريطة البرامج. ومما لا شك فيه أن هذه الممارسة موجودة فعلا في عالم السينما، ويكفي ذكر نموذج السلسلة الشهيرة ل «جيمس بوند». فخلال لقائه بالدكتور «نو» سنة 1962، لم يكن يتردد في في ذكر اسم فودكا من نوع «سميرنوف» كأحد مكونات شراب «دراي مارتيني». ومنذ ذلك الحين امتدت لائحة المؤسسات التجارية التي تستفيد من الدعاية وسط السلسلة لتشمل «الكونكورد» وتكنولوجيا «سوني» وشامبانيا «دوم بيرونيون» و«بولينجي»، ومؤسسات «أستون مارتن» و«بي إم دابل يو». وبالفعل سارت العديد من الأشرطة السينمائية الأمريكية كما الفرنسية على نهج «جيمس بوند». هذا الزواج القصير بين الأفلام والماركات التجارية سينطبق أيضا على البرامج التلفزيونية، حيث تم التنصيص على هذا الموضوع في قانون الشأن السمعي البصري الذي صادق عليه البرلمان الفرنسي في جلستي 3 و4 فبراير الماضي. ولقد تمكن فعلا هذا القانون، الذي سانده ساركوزي بقوة، المشهد الإعلامي الفرنسي، سيما في ما يتعلق بالحذف التدريجي للوصلات الإشهارية على شاشة التفلزيون العمومي في الفترة الزمنية الممتدة بين الساعة الثامنة ليلا والسادسة صباحا، وذلك في أفق وضع حد نهائي لها مع متم سنة 2011، وهذا ما ستتم الاستعاضة عنه باحتضان البرامج. وسيترافق حذف الوصلات الإشهارية من قنوات التلفزيون العمومي مع الرفع من عدد الساعات المسموح بها مقارنة مع القنوات الخاصة، إلى جانب الاستفادة من شطر ثان من الإعلانات المضمنة في الأشرطة والأفلام التلفزيونية. وهي قرارات من شأنها أن تقديم رؤية جديدة للموارد الإشهارية للتلفزيون. وسيمنح الإجراء الذي يقضي بالسماح بإدراج المواد الإشهارية داخل الأشرطة والأفلام نوعا من المرونة الإضافية للمستشهرين والموزعين. وتم التنصيص على ذلك المبدأ في الفصل 40 من القانون المتعلق بالمجال السمعي البصري الصادر بتاريخ 5 مارس 2009. ويروم ذلك القانون تضمين القانون الفرنسي قرارا يقوم على أساس المذكرات الأوربية المتعلقة بالخدمات السمعيات البصرية التي تم تبنيها بتاريخ 11 دجنبر 2007، والتي تقر بالحق في في إرداج مواد دعائية في الأشرطة والأفلام التلفزيونية. غير أنه يمكن لأي بلد عضو في الاتحاد الأوربي وضع تشريع خاص به يعتمد إجراءات أكثر تشددا في هذا الصدد. ويتضح هذا من خلال عدم إقدام كافة حكومات الاتحاد على نهج نفس الاستراتيجية. وتقول «كريستين كيلي»، العضوة بالمجلس الأعلى للسمعي البصري (CSA): «إننا ندرك أن بريطانيا رفضت إدراج الدعاية للمنتجات في الأشرطة والأفلام التلفزيونية، بيد أن بلجيكا وألمانيا والبرتغال وافقت على هذا الأمر». ويتم الرجوع في فرنسا إلى هذا المجلس من أجل البث في التفاصيل الدقيقة المتعلقة بالقرار المذكور. ومن المرتقب أن يصدر النسخة الخاصة به بحلول شهر دجنبر من السنة الجارية. تقول «كيلي»: «لقد قررنا مباشرة مجموعة من اللقاءات مع الفاعلين في هذا الميدان، وقد يمتد الأمر إلى مستهل شهر يناير 2010». وستشمل تلك اللقاءات المجموعات السمعية البصرية، والكتاب، والمعلنين وحتى جمعيات الدفاع عن المستهلك. ولحد الآن، فقد تمكنت بعض المؤسسات الإنتاجية الفرنسية من اقتحام بعض الأفلام والسلسلات التلفزيونية، خصوصا شركات إنتاج السيارات. ورغم الجدل القائم حول هذا الموضوع، إلا أن «كيلي» تقول: «لا ينبغى اعتبار هذا الأمر خطوة سيئة، لأن هذا سيمنحنا تصورا جديدا لما يقال عن الفصل بين البرامج التلفزيونية والوصلات الدعائية».