«إيفيس جيون»، مؤسس السوق الدولية للأشرطة الوثائقية «Sunny Side of the Doc» والتي ستنعقد دورتها العشرون يناير المقبل . يقوم أيضا، وذلك منذ ست سنوات، على تنظيم موعد للقاء بين منتجي الأشرطة الوثائقية وموزعيها من مختلف مناطق العالم من أجل توطيد العلاقة بين مختلف المتدخلين في هذا الميدان. ويعمل حاليا على الإشراف على قسم الأشرطة الوثائقية بقناة «فرناس2». وفي هذا الحوار الذي أجرته معه جريدة «لوموند»، يقوم هذا المنتج، الذي راكم أكثر مئة عمل وثائقي، بتوضيح بعض الأمور التي تتعلق بمستقبل مجموعة «تلفزيون فرنسا»، سيما بعد تحويل هاته المجموعة إلى شركة فريدة. كما يسلط الضوء على الرهانات التي تطرحها المنافسة الدولية في سوق إنتاج الأشرطة الوثائقية، سيما تلك التي تكتسي طابع التحقيقات. { هل تعتقد أن منع الإشهار على قنوات «تلفزيون فرنسا» سيدفع بالشركات الاستشهارية إلى الاستثمار أكثر في برامج التحقيقات الوثائقية، وهي التي تتطلب الكثير من الوقت والمال؟ > لا أعتقد ذلك. ويمكن أن نطرح التساؤل التالي: منذ يناير الماضي، ما هو التفكير الذي نشأ وما هي الأمور التي أضحت قابلة للتحقق مقارنة مع الأوقات السابقة؟ وهنا أتحدث عن الأنواع الجديدة من البرامج تحت الطلب، أو ما هي التغيرات التي من شأنها أن تخلق نوعا من الرقي لدى المشاهدين؟ إن المشكل الذي يعرفه «تلفزيون فرنسا» يكمن في عدم وجود رغبة في تقبل فكرة أن معدل سن «الفئة المستهدفة» لقناة «فرانس 2» هو 62 سنة، و 65 سنة لقناة «فرانس 3»، وبالتالي عدم القدرة على الاستجابة لرغبات هاتين الفئتين... ورغم التجديد المستمر الذي تعرفه هاته المجموعة، والذي يشمل جميع أطرها، إلا أنها لم تتمكن من بلورة استراتيجية معينة على المدى البعيد. استراتيجية ذات تصور تحريري منسجم يخاطب جمهورا شابا عوض تلك الفئة المتقدمة في السن. وعلى سبيل المثال، فإن بإمكان هاته المجموعة أن تقوم مرة كل ثلاثة أشهر بإعداد برنامج خاصة بالتحقيقات، أقصد التحقيقات الحقيقية وليس تلك التي تكون ذات طابع مجلاتي وتدعي أنها تحقيقات، رغم أنها تستغرق ثلاثة أسابيع من البحث وأسبوعا واحدا من التصوير. وحتى البرمجة الاعتيادية للبرامج الوثائقية التي تستهدف الفئة الشابة اختفت بدورها! { أ يعني هذا أنك تقوم بإعداد كل مشاريعك الوثائقية بالتعاون مع مجموعة «Arte»؟ > هذا صحيح. فهذه المجموعة تتوفر على إرادة واضحة لتطوير مشاريع ضخمة على المدى البعيد. ويكفي القول إن أشرطتي الوثائقية الثلاثة التي هي في طور الإنجاز كلها تحت تصرف «Arte». { هل تعتمد هاته المشاريع على تمويل دولي مشترك، لأن «Arte» قد لا تكون قادرة لوحدها على توفير التمويل المطلوب؟ > هذا الأمر صحيح أيضا. فالحصول على تمويل من هذا القبيل أمر ضروري للغاية، على اعتبار أن المواضيع التي أحقق فيها تكتسي دوما طابعا دوليا. وعلى سبيل المثال، فقد قضيت أربع سنوات من أجل إنتاج برنامج وثائقي حول الأسلحة البكتيرية والمختبرات التي تصنعها في مختلف مناطق العالم. الأمر يتعلق بشريط «حرب الجمرة الخبيثة»، الذي ستبثه مجموعة «Arte» في الأشهر القليلة المقبلة. ويمكن أن أجزم بأنه يستحيل إنجاز شريط بهذا الحجم دون أن تساهم قنوات أجنبية إلى جانب «Arte» في التمويل. وبالنسبة لأشرطة التحقيقات الوثائقية التي تتطلب الوقت والمال، فإنه من الصعب الاقتصار على الاشتغال فقط داخل الحدود الفرنسية، سيما أننا لا نتوفر على نفس الحظوظ المتوفرة للأنغلوساكسونيين، الذين يتوفرون بفضل لغتهم المنتشرة على الصعيد الدولي على سوق عالمية واسعة لتسويق أعمالهم. { ألا ترى أن تحويل مجموعة «تلفزيون فرنسا» إلى شركة فريدة يعتبر بمثابة مقدمة لبيع إحدى قنواتها؟ > طبعا لا، وذلك راجع لأسباب اقتصادية بحتة: ف «TF1» و«M6» لن تسمحا أبدا بتحويل قناة عمومية إلى قناة خاصة. وبالنسبة لي، فأنا أعتبر أي عملية بيع لإحدى قنوات المجموعة أمرا بعيدا عن خانة الممكن، إلا إذا كان الأمر يتعلق بالأقطاب الجهوية التابعة ل «فرانس3»، إذ يمكن أن يتكلف ائتلاف إعلامي جهوي بتمويلها. ومع ذلك، فهذا الأمر يبدو لي غير وارد ضمن برنامج أعمال المجموعة. { يخشى العديد من منتجي الأشرطة الوثائقية على مستقبل شركاتهم، بالنظر إلى التغيير الذي تعرفه مجموعة «تلفزيون فرنسا» بتحويلها إلى شركة فريدة. ويقال أيضا إن فرنسا تتوفر على العديد من دور الإنتاج، لكنها جميعها تعرف نوعا من الهشاشة، ما تعليقكم > قلت هذا الأمر منذ عشر سنوات! إن السواد الأعظم من دور الإنتاج تلك تعتبر مؤسسات صغيرة تعرف سنة جيدة وسنة عسيرة، وبالتالي يمكن أن تختفي بين لحظة وأخرى بسبب عجز في توفير التمويل اللازم،كذلك ومثال من الناحية الاقتصادية، يمكن القول إن الإنتاج الفرنسي يمكنه الاعتماد فقط على عدد محدود من مؤسسات الإنتاج، عدد يقل خمس مرات عن العدد الموجود حاليا والذي يتجاوز سبعمئة مؤسسة. عن «لوموند»