تعترف ماريا لطيفي مديرة قناة الرابعة أن لا مشكل لديها مع صحافيي قناة الرابعة، معتبرة أن الأمر لا يتعلق بخلاف وإنما بنضج ظهر مؤخرا على الساحة، بعد أن اختار مجموعة من الشباب وخلال تجربة ثلاث سنوات من العمل الاندماج في العمل النقابي الذي هو عمل طبيعي وعادي، مشيرة أن لا أحد يكره الاشتغال في ظروف أحسن، وهذا مطلب تثمنه هي شخصيا أما ما يتعلق بالأمور التنظيمية داخل القناة فتبقى مطروحة للنقاش. "" قبل أن نتحدث عن ماريا لطفي الآن، هل بإمكانك أن تحدثينا عن تجربتك الإعلامية وكيف كانت البداية؟ ماريا لطيفي إنسانة مغربية، تجربتها غير خاصة أو مرتبطة بها كفرد، وإنما هي تجربة جيل بكامله، وهو الجيل الذي تمدرس بعد استقلال المغرب، جيل الفتيات اللواتي دخلن المدرسة في سنوات 1958، 1959 و1960، ومجموعة منهن الآن طبيبات، أستاذات جامعيات وربات بيوت أيضا، إذن هي تجربة جيل من النساء أسسن لمجموعة من الأشياء بدأت اليوم نتائجها في الظهور، فعندما تكون هناك فتاة من أسرة متوسطة أو فقيرة وهي وضعيتي أنا شخصيا، وفي تلك الأسرة يكون هناك أب (وهنا أتحدث عن نهاية الخمسينات وبداية الستينات) يعرف أن مستقبل أولاده هو المدرسة، هذا دون أن يميز في هذا الأمر بين أولاده الذكور والإناث، إذن فربما أول تقييم أستخلصه من هذا المشوار هو أن هذه التجربة لا تخصني لوحدي وإنما هي تجربة جيل من النساء كن أول جيل دخل المدرسة، فأنا مثلا أول امرأة في عائلتي حصلت على شهادة الباكالوريا ومن بعد شهادة الدكتوراه، ومن هذا المنطلق نشعر نحن مجموعة هذا الجيل بأننا عشنا تجربة لا يمكن أن يعيشها جيل آخر، فقد تميزت بولوجي إلى الجامعة في السبعينات خلال فترة ما يعرف بسنوات الرصاص، فهي بالنسبة لي سنوات ولادة واكتشاف لأنني دخلت الجامعة وعشت أول تجربة المدرجات المختلطة ذكور وإناث، لأني درست من قبل في ثانوية البنات، وأثناء الدراسة الجامعية أول ما آثار انتباهي هو نضال الطلبة بكلية الآداب بالرباط، إذن تصوري هذا الانتقال لفتاة من أسرة فقيرة محافظة بين عشية وضحاها، حيث تجد كل هذه التغيرات أمامها، خاصة وأن العلاقة الوحيدة التي كانت لديها بالسياسة هي الأب، فهو كجميع المغاربة شارك في المقاومة، أما هي فكانت تدرس وتساعد الوالدة في تربية الإخوة، من هنا جاءت الفجائية التي منحتني إياها الجامعة التي كانت تزخر مدرجاتها بالمناضلين والمناضلات، من قبيل سعيدة المنبهي (الله يرحمها) بالإضافة إلى ذلك كنت أدرس اللغة الفرنسية، و كان يدرسنا آنذاك مجموعة من الأساتذة المغاربة، منهم الآن الأستاذ أحمد بوكوس عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ، ومجاهد وبونفور، وبن داوود الموجود الآن بوزارة الأوقاف و أساتذة فرنسيون كانوا وراء ظهور اللسانيات ، ففي أواخر السبعينات كانت تدرس في كلية الآداب بالرباط "سيمولوجية السينما"، وفي بحث الإجازة الذي حضرته حول فيلم "جون غونوان"، وكيف اقتبسه من إيميل زولا.. إذن فهذه الحركة حركة نشاط ووهج فكريين، وكانت تعيشهما جامعة محمد الخامس، لهذا فعندما يتحدث الناس عن سنوات الرصاص أقول لهم إنها كانت سنوات ولادة بالنسبة لي، إذ خلالها فتحت عيني على العالم وعلى الفكر، وكانت عندنا أستاذة فرنسية اسمها "madame bakali" درستنا "الجنس الآخر" لسيمون دبوفوار"، فتصوري حجم المفاجأة الذي سيخلقه الانتقال من وسط عائلي محافظ إلى دراسة سارتر و كتاب الجنس الآخر، ودراسة التحليل النفسي.. إذن كيفما كان الحال فهي تجربة من أروع ما يمكن أن يعيشه الإنسان، لهذا أتمنى من الله بعد التقاعد أن أدوِّن كل هذه الأمور بكتابة مذكراتي، وأعتقد أنك إذا أخذت مجموعة من الأسماء اللواتي هن من سني، المعروفات أو هن في الواجهة سيؤكدن لك نفس الأمر. مادمت تحدثت عن الحركة الفكرية التي عرفتها مرحلة السبعينات، لماذا لم تنخرطي في أي هيئة أو منظمة سياسية على شاكلة بنات جيلك؟ والدي (الله يرحمه) كان أمله الوحيد هو أن أصير أستاذة رغم أني كنت أود أن أصير صحافية، فوالدي قال لي " لا، أشبنا حنا وبين شي صحافة"، فربما التربية التي تلقيتها لم تزرع فيَّ هذا الاهتمام بالسياسة، وهذا نظرا لخوفي الكبير من والدي، فالسياسة في اعتقاده هو أنني سأمس طابو من الطابوهات.. وهذا لا يعني أنه لم يكن لدي رأي سياسي، فأثناء مرحلة السبعينات حيث كان اليسار في قمة أوجه، كان الجميع يطمح إلى تحقيق مستوى عيش معين ولكن انخراطي سياسيا في حزب ما لم يحدث، إذ كان لدي وما يزال تعاطف مع حزب ما، أصوت عليه في كل الانتخابات ولكن أن أنخرط في حزب، فهذا لم يحدث أبدا. هل أصول ماريا لطيفي من البيضاء، أم الرباط؟ مشوار حياتي كان موزعا بين الدارالبيضاءوالرباط، لأن مقر بيت الأسرة وإلى اليوم كان بالدارالبيضاء، فوالدي كان يشتغل خلال الأربعينات في القاعدة الجوية بالدارالبيضاء، ومن بعد كان هو أول تقني يشتغل في السينما، وسبق له أن اشتغل في سينما "الباهية" وسينما "الشاوية" ثم سينما "الكواكب" سنة 1958، وفي سنة 1961 انتقلنا إلى الرباط حيث اشتغل في سينما" أكدال" مع المركز السينمائي المغربي، فمشوار حياتي إذن انطلق من الدارالبيضاء ثم الرباط وأخيرا باريس. هل دخلت المجال الإعلامي بعد التخرج من الجامعة؟ بعد الإجازة في اللغة الفرنسية وآدابها، ولجت المدرسة العليا للأساتذة وتخرجت أستاذة في السلك الثاني، أدرس اللغة الفرنسية، ومع الأسف كان عمرا قصيرا ذلك الذي درست فيه تلاميذ الثانوي بثانوية "المختار السوسي" بالبيضاء، وأحيانا أصادف تلاميذ درست لهم، هم الآن أطباء ومحامون وأتساءل هل فعلا درست من هم الآن في مثل هذا السن؟ وبعد ذلك عقدت وزارة التربية الوطنية والخارجية المغربيتين شراكة مع وزارة الخارجية الفرنسية حول مشروع "تكوين المكونين"، وكنت من بين الاثني عشر شخصا الذين تم اختيارهم، فسافرت إلى فرنسا على أساس الانخراط في "تكوين المكونين"، بتوازي مع ذلك دخلت إلى السوربون وحضرت دبلوم الدراسات المعمقة في السمعي البصري، وانظري إلى مكر الزمن فبعدما تركت الصحافة لأشتغل أستاذة عدت من جديد إلى مهنة كنت اعشقها، وبحث الدراسة المعمقة أنجزته حول الفيلم البيداغوجي التعليمي التربوي سنة 1984، جمعت فيه بين التعليم والصحافة، وبعد ذلك حضرت دكتوراه الدولة في جامعة السوربون، وكذلك المدرسة العليا للدراسات بفرنسا وأنجزت بحثا عن "سيمولوجية السينما" وبحثا آخر حول "السيمولوجيا السمعية البصرية"، وقد استغرق مني بحث الدكتوراه ست سنوات ولأن له علاقة بالديداكتيكية" وبكيفية تلقي المعرفة عبر ما هو سمعي بصري، كالفيلم .....وأثناء دراستي بالمدرسة العليا قررت أن أدخل مغامرة فريدة من نوعها وهي مغامرة "التبريز باللغة الفرنسية"، على أي أثناء هذه المرحلة توفي والدي وكان يجب علي أن أعود إلى المغرب لأني أصبحت ربة عائلة وربة بيت مسؤولة عن عشرة أولاد، وبعد عودتي عملت بوزارة التربية الوطنية كأستاذة جامعية و قضيت مرحلة قصيرة في تكوين الأساتذة بالمركز التربوي الجهوي بالقنيطرة، وفيما بعد دخلت إلى الوزارة كمنسقة وطنية للمراكز التربوية الجهوية باللغة الفرنسية ولا علاقة لي بالتلفزيون آنذاك إلا بعد أن ألفت كتابا، إثر نشر إعلان لطلب عروض في جريدة من الجرائد حول تحضير كتاب عن منهجية تعليم الفرنسية للأوروبيين غير الفرنكوفونيين، وهذا كتاب يوجه لتكوين الفندقيين بإيطاليا.. وقدمت مشروعي الذي حظي بقبول دار النشر الفرنسية مع ما رافقه من أدوات سمعية بصرية و خصصت منه نسخ للمدارس التطبيقية الفندقية الفرنسية، وفي سنة 1993 اتصلت بمسؤول بمدرسة خاصة بالبيضاء وأخبرته عن كتابي وحدث أنه في ذلك الوقت كانت القناة الثانية تبحث عن منشط أو صحافي لبرنامج أدبي، فسيرتي الذاتية التي منحتها لمسؤول المدرسة الخاصة سلمها للقناة الثانية واتصلوا بي وأجريت امتحانا وفي الغد اتصلوا بي لإنجاز برنامج عبر شركة إنتاج، والبرنامج الذي تم تحضيره كان برنامجا أدبيا محضا "prévus" وهو مجلة أسبوعية تقدم المؤلفات الفرنسية، واستمرت هذه التجربة سنة ثم اقترحوا علي من بعد مجلة ثقافية اسمها "نظرات" وكانت تجمع ما بين التأليف وقضايا الفكر والأدب، واستمر لسبع سنوات، وبعد مجيء نور الدين الصايل للقناة الثانية بدأت أتعامل مع القناة مباشرة، وأهم ما ميز هذه المرحلة هو تجربة "نماذج"، وأود أن أشير إلى أن اشتغالي بالصحافة كان بموازاة مزاولتي لمهامي بوزارة التربية الوطنية بحيث أني كنت منسقة وطنية للغة الفرنسية، ومن بعد تكلفت بتأسيس أول مركز للتبريز بالرباط، وبعد سنتين تكلفت بمركز المفتشين ليتم تعييني بعد ذلك من طرف رشيد بلمختار مدير التلفزة المدرسية بوزارة التربية الوطنية، وفي سنة 2004 عينني الحبيب المالكي في لجنة "القيادة " المكونة من أطر وزارة التربية الوطنية ووزارة الاتصال والتلفزة المغربية لإخراج مشروع قناة تربوية هي المتمثلة الآن في القناة الرابعة. بعد مرور حوالي سنتين من عمر القناة "الرابعة"، هل أنت راضية عما تحقق؟ في 28 فبراير ستتم قناة "الرابعة" سنتها الثالثة، ومن الصعب علي أن أحسم فيما هو إيجابي وسلبي، لكن الإيجابي في هذه القناة هي أنها أول قناة موضوعاتية، وثانيا لكون الخط التحريري التربوي هو أصعب خط يمكن أن يتواجد في كل تلفزيونات العالم لأننا لا نجد صعوبة في قناة أغاني أو قناة عامة كالقناة الأولى، بقدر ما نجد صعوبة في إنشاء قناة تربوية، هدفها مواكبة مشروع إصلاح المنظومة التربوية، لهذا إذا تأملت شبكة برامج هذه القناة التربوية فهي إما ذات طابع يبداغوجي، مع العلم أن طغيان هذا التوجه سيخلق الملل والرتابة، وإما ذات طابع فرجوي وهدفنا التربوي يتعارض مع الإسراف في الفرجة، إذن من الواجب المعادلة بين ما هو فرجوي وبين ما هو بيداغوجي. إلى أي حد نجحتم في هذه المسألة؟ نجحنا في هذه المعادلة انطلاقا من قناعتنا المبدئية، فكان من الواجب أن نخصص لكل مسألة حصتها، فمثلا إذا أحببنا أن نعرض الدعم التربوي فنحن كقناة لا يمكننا أن نقوم بدور مؤسسة تعليمية، لهذا حرصنا في موضوع الدعم وبتعاون مع وزارة التربية الوطنية أن نخصص لها مثلا ساعة ونصف في اليوم، كما أن وزارة التربية الوطنية التزمت بتقديم الدعم لتلاميذ الابتدائي والإعدادي والثانوي في مواضيع لا يمكن أن تقدم في القسم، منها تحسين المنهجية العلمية في الرياضيات، ثم كيف يمكنني أن أساعد تلميذ المستوى الإعدادي بالتفاعل مع النص التاريخي والجغرافي؟ إذن فالهدف من هذه البرامج التلقينية هو تحبيب المعرفة كتاريخ المغرب مثلا، وأنت تتذكرين الطريقة التي درسوا لنا بها التاريخ ومنها تولى الملك، سك النقود، نظم الجيوش، بنى المساجد، وتوفي رحمه الله.. فهدف القناة التربوية هو أن نغير الطريقة التلقينية بطريقة تطبيقية مثلا،إذ نحاول أن نجيب على سؤال ما قبل التاريخ بالمغرب بالذهاب إلى وليلي ومحاولة البحث عن ماهية "جوبا الثاني"، وكيف دخل الرومان إلى المغرب وكيف كانوا يعيشون وما هي الثقافة التي أحضروها أو جلبوها إلى المغرب.. لننتقل إلى موضوع ثان وهو مشكل العزوف عن القراءة في المغرب، لهذا فنحن لا نقدم برنامجا أدبيا لأن القناة الأولى تقدمه في برنامج مشارف وهو تحبيب القراءة، أي جعلها شيئا عاديا في كل بيت. مسألة أخرى وهي تمدرس الفتاة الذي هو واجب وطني، لهذا فقناة الرابعة تعرض برنامج "لبانة" والذي لن نقدم فيه مواضيع عن المكياج وكيف تكونين رشيقة وجميلة، وإنما نقدم من خلاله تجارب فتيات حاربن من أجل أن يغيرن وضعيتهن، وكذلك برنامج "شباب وشباب" فكيف يعقل أن تكون أكثر من 15 مليون من ساكنة البلد عمرها أقل من ثلاثين سنة وهؤلاء الشباب بدون إبداع ولا فن ولا انخراط في مجتمع مدني، وهناك أيضا برنامج "مهارات" نحاول من خلاله إلقاء الضوء على مجموعة من المهن، فمن أحب أن يكون طبيبا يجب أن يتبع مسارا معينا ومن أراد أن يكون نجارا نرشده إلى مراكز التكوين... إذن فدور قناة الرابعة هو إدماج الشباب في مشاريع البلد لتأسيس مجتمع حداثي ديمقراطي. التزمت القناة ببث جل برامجها منذ البداية باللغة الدارجة لأن الهدف هو التحدث بلغة المغاربة، إلى أي حد كانت هذه المسألة صائبة؟ لجنة القيادة ارتأت هذه المسألة لنميز القناة عن الفصل الدراسي، فالأمر كان اختيارا، وبعد سنتين من التجربة لم تتراجع القناة عنها، فكل البرامج التوعوية التحسيسية التي لا تهم التلميذ وحده ولكنها تهم الأسرة بكل مكوناتها كبرنامج "أسريات"نبته بالدارجة المغربية، في مقابل إنتاج برامج أخرى باللغة العربية الفصحى وذلك لخلق نوع من التوازن ما بين الدارجة والعربية حسب نوعية المواضيع وحسب البرامج. على ذكرك للبرامج بدون شك تتعاملون مع شركات إنتاج، كيف ستضمنون أن هذه الشركات ستنتج برامج تأخذ بعين الاعتبار الهم التربوي الترفيهي، خاصة وأن المشاهد يلاحظ أن هذه البرامج لا تتوفر على قاعدة كبيرة من المشاهدين؟ لدى قناة الرابعة ثلاثة أو أربعة برامج هي التي تنتجها مؤسسات خارجية ولجنة القيادة هي التي سهرت على هذه البرامج، فمثلا في موضوع محاربة الأمية لدينا برنامج "يوميات مدرسة" وهو على شكل "سيتكوم" لمجموعة من الناس من أعمار مختلفة، رجالا ونساء، ينشطون في إطار جمعية من أجل تعلم القراءة والكتابة والحساب وهو برنامج ناجح، ويقوم بتشخيص هذا "السيتكوم" ممثلون، ولدينا أيضا برنامج " أدياز"، ورغم أني لا أتكلم الأمازيغية للأسف، إلا أني من المعجبين به، وهو برنامج يومي تشخصه ثريا العلوي ولطيفة أحرار، حيث يخصص يومان من الأسبوع للريفية والأمازيغية وتشلحيت ويوم للمراجعة،والهدف من هذا البرنامج هو تعليم "تيفناغ" ويستهل البرنامج برواية حكاية من التراث الأمازيغي. ولكن جل أمازيغ الأطلس لا يجدون أنفسهم في هذه البرامج لأنه يتضح للجميع سيطرة السوسية أو تشلحيت على البرامج؟ الهاجس الموحد عندنا كقناة هو "تيفناغ". ما أود أن أشير إليه هو أن سيطرة السوسيين داخل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كان من نتائجها سيطرة تشلحيت على مختلف البرامج التي تبثها قنوات الإعلام العمومي، كيف يبدو لك هذا الأمر؟ ما يمكنني أن أؤكد عليه هو أن البرنامج ليس من إنتاج "الإيركام"، هو من إنتاج "سيكما" و"روافد"، وما أتمناه من الله هو إنشاء القناة الأمازيغية الذي سيخلق نوعا من التوازن، وعلى كل فالهدف من "أدياز"، هو تعليم حرف "تيفناغ" كيفما هو مقنن ومصادق عليه، لهذا يحاول البرنامج أن يقدمه ويعلمه بتوافق مع تعليم الأمازيغية بالمدارس، والبرنامج الثالث هو عن التربية الطرقية، ونحن نعرف كم تخلف حرب الطرق من الضحايا. التزمت القناة بدعم "مشروع الميثاق الوطني للتربية والتكوين"، ومؤخرا اعترف مزيان بلفقيه بفشل هذا المشروع، إذن كيف تواكب قناة الرابعة مشروعا اعترف أهله بفشله؟ يجب أن لا ننسى أن قناة الرابعة تابعة للشركة الوطنية وهي مرفق عمومي ويقدم خدمة عمومية ولديها عقدة برنامج مع الدولة، لهذا لا يمكننا أن نقدم شيئا مغايرا خارج هذا الإطار، غير أن الأكيد هو أنه خلال الأيام المقبلة سننظم مجموعة من الاجتماعات مع وزارة التربية الوطنية خصوصا بعد أن تم الاتصال بالمسؤولين على المديريات بخصوص هذا الأمر، وقناة "الرابعة" أنشئت لتواكب المنظومة التعليمية. كيف ذلك؟ نحن كقناة لسنا من نقرر هل هذه المنظومة صالحة أو لا، لأننا نحن نطبق المنهجية التي تحظى بموافقة الحكومة عامة ووزارة التربية الوطنية خاصة . ولكنكم تتوجهون لجمهور بعينه وهو جمهور ناشئ، وبالتالي ففشل هذا المشروع سيؤثر عليه؟ طبعا ما تقولينه صحيح، وأحب أن أذكر هنا أن لدينا برنامج يقدمه يونس بضيوي، اسمه "مسارات" يواكب مسألة الإصلاح، بحيث عندما تطرح إشكالية يتم التطرق لها، فمثلا تحسين جودة التعليم هي شعار نرفعه منذ سنين وأتكلم هنا كواحدة من أطر وزارة التربية الوطنية، وكذلك يطرح برنامج "مسارات" أين وصلنا فيما يخص تطبيق المناهج وأين وصلنا فيما يخص التحصيل.. إلخ.. فلا يمكن أن نكون الآن غير مقتنعين أن تعليم اللغات الأجنبية أصبح ضروريا وملحا، منذ السنة الأولى ابتدائي مثلا، ونفس الأمر بالنسبة للتقنيات الحديثة لأنه غير معقول أن ندخل الألفية الثالثة ونظامنا التعليمي خال منها، فكل هذه الإشكاليات يتطرق لها برنامج القناة، وفي القنوات العمومية الأخرى كبرنامج "حوار" أو "مباشرة معكم" تطرح إشكاليات التعليم من الناحية السياسية، وهذا ليس هو هدف قناة الرابعة لأن الهدف منها أن نواكب الميثاق الوطني للتربية والتكوين بإعطاء الكلمة للمسؤولين وفاعلين في الحقل التربوي، فمثلا موضوع التقنيات الحديثة والبحث العلمي، من التحديات التي تعيشها الدولة الفرنسية بعد أن شعر مسؤولوها أن البحث العلمي تراجع في السنوات الأخيرة، فماذا سنقول نحن؟ مع أننا لا نفتقد إلى الطاقات وإنما نفتقد إلى الإمكانيات، فكل هذه المسائل (وأنا أتحدث هنا كأستاذة وليس كمديرة للقناة) يجب أن تطرح، وأنا متأكدة أن ورش التعليم من أهم الأوراش التي تحظى باهتمام كبير من قبل المسؤولين. من بين القضايا التي التزمت بها قناة الرابعة موضوع التنمية البشرية، الآن وبعد أن ظهرت خروقات عدة وصنف المغرب في المراتب المتأخرة في التقرير الأخير للأمم المتحدة، لماذا لا تطرحون من خلال خطكم التحريري انزلا قات هذه المبادرة؟ يجب أن أذكر أننا كنا أول قناة عندما ألقى صاحب الجلالة خطابه بانطلاقة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حيث خصصت القناة برنامجا دام حوالي سبعة أشهر كنت أنا من نشطه، وقد استضفت فيه فعاليات أحزاب سياسية وجمعويين لنشرح للمشاهدين مغزى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، كما لدينا برنامج اسمه "المدينة الفاضلة" وهو برنامج عزيز على نفسي لأنه يقدم تيمة المواطنة وضرورة رد الاعتبار لكرامة الإنسان، فهذا البرنامج منخرط في موضوع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وهذه الأخيرة لا يمكن أن تتحقق دون الوعي ودون الحق في التعليم لأنهما الضامنان للحق في الكرامة، فإذن مسألة المواطنة والإحساس بالانتماء إلى وطن لديه تاريخ من الأشياء التي يجب توضيحها. إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لن تحقق أية نتائج إذا كان الإحساس بأننا ننتمي لوطن لديه تاريخ وحضارة تفوق ألفي سنة غائبا، فمصالحة المغربي مع نفسه وتاريخه هي التي ستحد من آفة آلاف الشباب الذين يموتون غرقا في عرض المحيط، لأنهم آنذاك سيولون وجوههم صوب وطنهم لأنهم متأكدون أنهم سيحققون ذواتهم. صحيح نحن ننتمي لبلد يعاني من مشاكل غير عادية، لا تعيشها البلدان النامية والمتقدمة، لكن التنمية البشرية بالنسبة لي تنطلق من مصالحة المغربي مع ذاته وهويته، ولهذا فنحن في الرابعة تناولنا المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من هذه الزاوية. وأنا شخصيا اكتشفت غنى ثقافة الهوية المغربية بفضل ثقافتي الفرنسية، لهذا سميت أبناء إخواني بأسماء سلاطين الدولة المغربية من قبيل عبد المومن بن علي، المولى اسماعيل، يوسف بن تاشفين، عبد المالك السعدي.. ما أود الحديث عنه هو أن مشاهد قناة الرابعة لم يشعر بمتابعة القناة لهذا المشروع النبيل، أي أن قناة الرابعة لم تظهر مكامن فشل المبادرة، بعد أن تأكد للجميع أن الفئات الفقيرة والمعوزة لم تستفيد منها؟ هذا ما نقوم به، وأنا لم أفكر يوما أنه بعد مرور سنتين من عمر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنكون قد بلغنا هذا الهدف الذي يلزمه عقود. عفوا للمقاطعة، ولكن لماذا لم تعملوا كصحفيين في قناة الرابعة على كشف إخفاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ما دمتم قد انخرطتم كقناة في دعم هذا المشروع؟ نحن لا نتبنى مشروع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية فقط، نحن نتبنى مشاريع البلد ككل لأننا قناة تربوية لديها مجموعة برامج ترصد من خلالها تجارب ناجحة، وتحضرني اليوم تجربة سيدة مرت في حلقة أحد البرامج، حيث حصلت على دعم في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وأقامت مشروع تربية النحل، وهي امرأة أمية ولكنها استغلت الفرصة وأقامت مشروعا ناجحا، نفس الأمر بالنسبة لأولئك النساء اللواتي أقمن مشاريع "زيت أركان"، فنحن كقناة تربوية غير مسموح لنا في خطنا التحريري أن نراقب نجاح أو إخفاق المشاريع أو السياسات، هذا أمر موكول للقنوات العمومية العامة، فنحن نركز على المشاريع الناجحة التي انطلقت من لا شيء ونجحت، وسأذكرك هنا بعمل مجموعة من المعلمين الذين خلقوا مجموعة من الجمعيات في منطقة نائية كأكدز، واحدة منها مخصصة لمحاربة الأمية والأخرى لمحاربة مرض "الرماد الحبيبي"، حيث اكتشفوا أن سببه راجع لمعايشة السكان لحيواناتهم دون تنظيف وغسل أيديهم، والأساتذة والمعلمون أخذوا على عاتقهم التحسيس بهذا المشكل، وهذا ما حاولنا أن نبينه لمشاهدي قناتنا، وهناك دليل آخر وهو إذا أخذت دفتر تحملات القناة الرابعة ستجدين أنه من واجبنا أن نثمن التجارب الناجحة، أما الإخفاقات فلديها برامجها الخاصة. من خلال الميزانية الضعيفة المرصودة للقناة، كيف سيمكنكم تحقيق الأهداف الكبرى التي التزمتم بها في دفتر التحملات؟ أولا القناة الرابعة ليست مستقلة وإنما تنتمي إلى القطب العمومي، لهذا فهي تشتغل بوسائل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة رغم توفرها على ميزانية خاصة للإنتاج، وهي نفس الوسائل التي تشتغل بها الأولى، السادسة، الرياضية، لهذا ونظرا لإمكانياتنا المحدودة في مقابل طموحنا الكبير نحن نعمل على خلق توازن بين طموحنا وإمكانياتنا، فمثلا لا يمكننا أسبوعيا أن نسافر إلى تازة والحسيمة وطنجة.. وإنما نعمل على إرسال بعثات برامج إلى الجنوب والشمال والشرق في فترة واحدة، وعندما تعود هذه البعثات تعطي للقناة متنفسا لإرسال بعثات أخرى إلى المدن القريبة، وهذا تدبير يمكننا من إيصال أهدافنا رغم أن هذا الحل ليس سهلا وممكنا في كل الظروف، فما هو معروف عن التلفزيون هو أنه يساوي معدل إمكانياته، ومعناه كذلك طريقة توظيفها وفق برنامج، وفي الحالات التي لا نستطيع فيها تطبيق ذلك البرنامج فإننا لا نقوم به، خاصة إذا تعلق الأمر بمشروع برنامج حول تاريخ الأندلس، مثلا، فإننا ننجزه على فترات، وهناك إشارة أخرى هي أن عمر قناة الرابعة لا يتعدى ثلاث سنوات وبالتالي لا يمكن مقارنتها بالقناة الأم الأولى أو القناة الثانية التي تتمتع بإمكانيات كبيرة. الآن سنصل إلى الخلاف الذي طفا إلى السطح بينك وبين بعض صحافيي القناة، ما الذي حصل بالضبط؟ أولا أحب أن أشير أنه ليس هناك خلاف وإنما هناك نضج ظهر مؤخرا على الساحة، فلا يجب الاعتقاد أن هؤلاء الشباب العاملين في القناة الرابعة ليس لديهم رأي وإنما العكس هو الصحيح، والذي وقع هو أن مجموعة من الشباب وبعد تجربة ثلاث سنوات قرروا الاندماج في العمل النقابي، وهو عمل طبيعي وعادي، ثانيا يجب ألا ننسى أن هناك تحولات تعرفها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وأنها لم تعد قناة واحدة وإنما أصبحت إلى جانبها باقة من القنوات الأخرى يرغب العاملون فيها بتحسين أدائها ولديهم غيرة على عملها مقارنة بين هذه القناة وأخرى، ورغم مفاجأتي بالزمن الذي مرت فيه هذه الأحداث إلا أني أرى أن هذا ليس غريبا لأن قناة الرابعة مرت من عدة تحديات، فأول تحدي بالنسبة لها هو إثبات الذات أي أنا موجودة كقناة، وهنا دمجنا الشباب وعملنا دون التفكير في ظروف العمل، والتحدي الثاني هو الجودة، أي بعد أن أكدنا وجودنا كقناة علينا الآن أن نعمل ونؤكد أننا قناة مهنية، وهذا ما تواكبه الشركة الوطنية بمجموعة من الوسائل، منها الدورات التكوينية وبتجديد وتحسين كل الآليات، فأي واحد طبعا لا يكره أن يشتغل بآخر الكاميرات الموجودة بالسوق لأن القناة دائما تتطور... إذن هل مطالبهم هي الاشتغال في ظروف أحسن مما هي عليه الآن؟ وهل هناك شخص ليس لديه هذا الهم، إذ لا يمكن لأي شخص أن يرفض الاشتغال في ظروف أحسن و بإمكانيات أفضل، ولكن قناة الرابعة ليس لديها دعم الإشهار، فهي ممولة من قبل الدولة ونحن نشتغل بإمكانيات الشركة الوطنية وهناك تطور تدريجي، فعندما انطلقت قناة الرابعة كان لديها "كامرتين"، الآن لدينا ست كاميرات كما أننا بدأنا كطاقم بشري مكون من ستة أشخاص، نحن اليوم ستون، بدأنا كقناة من مساحة قدرها سبعون مترا مربعا، ولدينا الآن طابقين، إذن هناك تحسن بشكل تدريجي، أما التحدي الثالث بالنسبة للقناة الرابعة هو أن تقييم المشاريع التي أتت بها لجنة القيادة منذ ثلاث سنوات وأن تطرح البديل بوضع شبكة برامج أكثر ملاءمة مع طموح الشباب، فنحن لازلنا نشتغل بالخط التحريري الذي انطلقت به القناة والموجود في دفتر التحملات، إذن لا أحد يكره أن يحسن ويغير الوضع الذي يشتغل فيه، فمطالب هؤلاء الشباب فيما يتعلق بهذا الموضوع لا يمكننا إلا أن نثمنها، أما القضايا الأخرى المتعلقة بأمور تنظيمية داخل القناة فهي طبعا مطروحة للنقاش. إذن هؤلاء الشباب لا مشكل لهم مع ماريا لطيفي؟ أبدا و نهائيا. وماذا عن هزالة التعويضات؟ فيما يخص هذا الموضوع فهي مرتبطة بمردودية العاملين داخل قناة الرابعة، ولا أعتقد أن الحصول على تعويضات أو تحفيزات عن المردودية لا تحظى دائما بالإجماع، وكمثال لنفترض أن شخصا ما مرض طول العام في مقابل شخص آخر عمل طول السنة دون الحصول على يوم عطلة، فهل سنمنح للشخصين نفس التعويض، قطعا لا، ففي هذه الحالة مفهوم المردودية لن تبقى له قيمة، ومن الطبيعي أن يثير هذا الموضوع مشاكل، وهي مطروحة داخل باقي القطاعات الأخرى لأن مفهوم التعويضات والتحفيز هو مفهوم جديد في الشركة الوطنية، ولابد من المزيد من الوقت لنتأقلم مع هذا المفهوم وأنا أتحدث هنا كأستاذة ومربية لأني لا أعتقد أني سأظلم أحدا يوما ما. بعد تجربتك في القطاع الإعلامي كيف تقيمين مسار الإعلاميات المغربيات؟ أول ما يثير انتباهي حول موضوع النساء الإعلاميات، هو أني وكما كتبت في مجلة "دارنا" مقالة بمناسبة 8 مارس الماضي، قلت إن العنصر النسوي وخاصة في التلفزيون، كان يقتصر على العمل كمقدمات نشرات الأخبار أو كتقنيات، أما الآن فالوجود النسائي في الإعلام أصبح كبيرا، فداخل الرابعة كنموذج، هناك أكثر من 50 في المائة من العنصر النسوي كمخرجات وصحفيات وتقنيات... فطبعا يلاحظ الجميع التأنيث الإعلامي المغربي وهذه ظاهرة صحية لا يمكننا إلا تشجيعها. بماذا تفسرين إذن غياب منتدى نسائي إعلامي مغربي كما هو الحال عليه في مصر مثلا، حيث يلاحظ تواجدهن داخل النقابة بشكل كبير على عكس ما نعيشه نحن؟ أنا على أتم الاستعداد للانخراط في أول منتدى، وإذا أحببت أن نؤسسه فعلى الرحب والسعة. تحدثنا من قبل عن الريادة في القطاع الإعلامي، لماذا نفتقر إذن إلى التواصل بين الأجيال حتى داخل المنشأة الواحدة؟ لا، لدينا تواصل، وقد سبق لنا أن ناقشنا ذات مرة تنظيم سفر نسائي للعاملات في الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وفيما يخص المنتدى الذي تحدثت عنه فأنا معه مائة بالمائة، ويا ريت لو كانت هناك واحدة تتزعم هذه الحركة النسوية، وإذا أحببت أن أتزعمها معك فلا مشكل لدي، وهناك صديقات في القناة الأولى والقناة الثانية لدي معهن روابط صداقة متينة لإنجاح هذا المشروع، فقط يلزمنا شيء واحد وهو أن يكون هناك رجل وراء هذا المنتدى ليحرك هذا المطلب، لأنه إذا كان هناك منتدى نسائي فقط، سيكون ناقصا، ولهذا يجب أن يكون من بين مؤطريه مجموعة من الإخوة والزملاء الصحافيين.