بعد أزيد من ستة أشهر على تأخير إطلاقها ما تزال القناة التلفزيونية الأمازيغية تثير جدلا في أوساط المهتمين بالشأن الأمازيغي. وأرجع مصدر نقابي من الإذاعة الأمازيغية سبب هذا التأخر، منذ أن أعلن الوزير الأول أن القناة ستبدأ في العمل يوم 14 يناير الماضي، إلى تماطل الحكومة في إخراج المشروع إلى حيز الوجود بعد مصادقة «الهاكا» على دفتر التحملات الخاص بها، بعد تعديله، وتعدد المشكلات المرتبطة بالتنفيذ وصراع المصالح بين الوزارة والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وكذا عدم الحسم حتى الآن في اللهجة المهيمنة داخل القناة، وهل ستكون هي تاريفيت أم تامازيغت أم تاشلحيت السائدة في الإذاعة الأمازيغية وهو الأمر الذي سبق أن صرح به وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد الناصري في شهر ماي الماضي، ردا على سؤال في البرلمان حول الموضوع، عندما أرجع التأخر في إطلاق القناة إلى تأخر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في إقرار لغة أمازيغية موحدة وقياسية تستعملها القناة. وقال المصدر إنه في الوقت الذي كان الجميع يتوقع أن تكون القناة السابعة هي القناة الأمازيغية، إذ بها تتحول إلى قناة للأفلام، ما يترجم، حسب رأيه، عدم جدية الحكومة في التعجيل بإطلاق القناة، وأردف قائلا: «يجب دراسة المشروع بعمق حتى لا نعيد تكرار تجربة القناة الرابعة أو القناة السابعة اللتين فشلتا». وقالت مصادر من الإذاعة الأمازيغية، رفضت الكشف عن اسمها، إنه لا يعقل أن يتم إخراج القناة التلفزيونة الأمازيغية إلى حيز الوجود في الوقت الذي يعيش فيه العاملون في الإذاعة الأمازيغية ظروفا صعبة، حيث إن حوالي 70 في المائة من العاملين فيها مجرد متعاقدين لم تتم تسوية أوضاعهم، ويتأخر صرف أجوهم لمدة سبعة أشهر أو أكثر. وأشارت المصادر إلى تخوفها من هيمنة المحسوبية والزبونية في التوظيف بالقناة، مشيرة إلى أن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية تلقى حتى الآن ما يزيد عن مائة طلب للتوظيف، مؤكدا على ضرورة إعطاء الأولوية للعاملين في الإذاعة الأمازيغية. وتساءلت المصادر عن المعايير التي سيتم اعتمادها، وهل ستكون معايير مهنية أم سياسية تتعلق بالولاء والقرابة. وردا على تصريحات مسؤولين بالقطاع، بأن إطلاق القناة أصبح قريبا، تساءل المصدر قائلا: «كيف يكون قريبا ولم يبدأ بعد لا تكوين العاملين وتدريبهم ولا معرفة من سيعمل بها ولا الإعداد للإنتاج التفلزيوني؟». ويبدو، وفق مصدر مطلع، أن الاتجاه يسير نحو الخيار الثاني، حيث سبق لفيصل العرايشي، الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، أن أعلن أن الأسبقية في التوظيف بالقناة ستكون لصحافيي الإذاعة الأمازيغية، وذلك خلال لقاء له قبل سبعة أشهر بالفيدرالية الوطنية للصحافة المغربية. وتتداول بعض الأوساط اسمي محمد مماد، من القناة الثانية، ومحمد صلو، المسؤول بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، لإدارة القناة الجديدة، وأوضح مصدر من نقابة الصحافة ل«المساء» أن الاتجاه الغالب سيكون هو تعيين مدير واحد يجمع بين القناة والإذاعة الأمازيغية بهدف النهوض بالإعلام الأمازيغي دفعة واحدة. وفي اتصال مع محمد صلو، قال إن اللجنة المشتركة بين المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ووزارة الاتصال، التي يعد مشروع القناة الأمازيغية ضمن جدول أعمالها، لم تعقد إلا اجتماعا واحدا منذ تعيين وزير الاتصال الحالي خالد الناصري، بخلاف الوضع مع سلفه نبيل بن عبد الله، وبخصوص التأخر في إطلاق مشروع القناة أرجع صلو السبب إلى التعديل الذي طرأ على دفتر تحملاتها، حيث تمت زيادة عدد ساعات البث من ست ساعات إلى عشر، وإضافة بعض البرامج والحصص الإخبارية، دون زيادة في الميزانية التي كانت مخصصة لها وفق دفتر التحملات السابق، والتي تبلغ قيمتها 6 مليار سنتيم، مضيفا أن «الجلباب الذي تمت خياطته للقناة في البداية لم يعد يتسع لها بعد تغيير دفتر التحملات»، لكنه قال إن التحضير قائم لإطلاق القناة، بحيث تم طرح طلب عروض لاقتناء التجهيزات والتقنيات، كما تم إعداد مقر خاص للقناة قريبا من دار البريهي. وكانت الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي قد عقدت لقاء يوم الجمعة الماضي مع خالد الناصري، وزير الاتصال، حول موضوع القناة وقضية إدماج الأمازيغية في الإعلام العمومي، أعلن خلاله الناصري أن القناة التي ستبث أغلبية برامجها بالأمازيغية «سترى النور حالما تتوفر جميع الشروط المادية والبشرية». وقال إبراهيم أخياط، رئيس الجمعية، في تصريحات ل«المساء» إن الجمعية عبرت للوزير عن تخوفاتها من التراجع عن مشروع القناة، غير أن الناصري أكد أن المشروع «أمر مولوي» يدعمه الملك محمد السادس ولا يمكن التراجع عنه، وأن الموضوع يتوقف على التراكم في الإنتاج التلفزيوني قبل إطلاق المشروع والهيكلة الإدارية التي ستسهر عليه، وقال أخياط إن التأخر في إطلاق القناة ليس مشكلا «إذا كان التحضير لها سيتم بشكل جيد ومدروس»، متمنيا أن تخرج القناة إلى الوجود «خلال العام الجاري».