معاناة عائلة الزاهيري مع المرض والقدر والعوز لا يمكن اختزالها في كلمات، ولا يمكن وصفها من خلال ما سنعرضه على المسئولين والرأي العام المحلي والوطني من أحداث ومشاكل، سواء مع المتطلبات اليومية أو مع الجهات المسؤولة على قطاع الصحة بأسفي، فمن مرض رب الأسرة بوجمعة الذي يلازم الفراش دون حراك منذ مدة، إلى جنون ابنته البكر إيمان وإصابتها بمرض عقلي حولها إلى فتاة عنيفة، مرورا بمعاناة الزوجة الأم لغزال التي ذاقت أنواع العذاب النفسي والمعنوي في أفق توفير الرعاية للزوج والحماية للبنت وإعداد القوت اليومي لأسرة قسا الزمن عليها . بطلب من أحد المواطنين الذي يمد يد العون لهذه الأسرة المغلوبة على أمرها، توجهنا صوب منزل السيد بوجمعة الزاهيري يوم الأحد 15 فبراير 2009 ليعرض علينا حالة اجتماعية أضحت تقض مضجع العائلة بأكملها، ولا تترك فرصة حتى للأخوة لاستكمال مشوارهم الدراسي في حده الأدنى، وبولوجنا للبيت، وجدنا داخل غرفة مجاورة للباب الأب بوجمعة ممددا على فراش المرض الذيأعجزه عن تقديم الدعم لفلذات أكباده الأربعة وخصوصا ابنته إيمان ذات العشرون ربيعا ضحية المرض العقلي الذي أصابها منذ ست سنوات، كانت مدة كافية بالنسبة للأم والأب والإخوة لزيارة أغلب الأولياء والسادات وعيادة « المشعوذين والدجالين « لمحاولة استعادة ابنتهم إيمان من براثن الحمق والجنون، وإعادة الدفء والتوازن والطمأنينة للعش الذي احتضنهم في كنف أبيهم بوجمعة، لكن لم يتحقق المراد، وتضاعفت معاناة الأسرة بعد مرض الزوج، المعيل الوحيد. ورغم ذلك تقول الأم لغزال إنها تشبثت بخيوط الأمل، واستمرت في حماية ومراقبة ابنتها، والبحث عن حلول للمصاب الذي ألم بالعائلة، فتوجهت صوب الطب الحديث رغم ضيق ذات اليد، وعرضت إيمان على بعض الأطباء خصوصا بمستشفى محمد الخامس بمدينة أسفي، وقدموا لها وصفات طبية مناسبة تمكنت بعدها من تهدئة روع وعنف ابنتها، لكن مع مرور الزمن، أضحت إيمان تقوم بأعمال تهدد أمن وسلامة العائلة، وحولها دواء الحبوب المخدرة إلى « امرأة حديدية « تعنف كل من صادفته بالبيت، بل إنها حاولت ضرب والدها وأمها وإخوتها مرارا وتكرارا، بعدما لم تتمكن من الهرب والخروج من غرفتها، مما جعل الأسرة تلجأ إلى تكبيلها بالسلاسل حتى لا يصيبها أو يصيب أحد الأقارب أو الجيران مكروه، ومع ذلك، ازدادت حالتها سوءا وعم الحزن والألم داخل البيت نظرا لعدم قدرة لغزال وبوجمعة على تحمل تكلفة الدواء والعلاج، أو نقل المريضة إلى طبيب مختص . وخلال الأسبوع الأول من شهر فبراير من السنة الجارية تدخل نفس المواطن الذي يقدم الدعم المادي والمعنوي لذات الأسرة المكلومة، وعرض القضية على السلطات المحلية ووكيل الملك بمحكمة اليوسفية، الذي أمر بإنجاز محضر معاينة من طرف الضابطة القضائية داخل بيت أسرة الزاهيري بوجمعة، وفعلا تم التوصل إلى قناعة مفادها أن إيمان أصبحت تشكل خطرا على سلامة أسرتها ويجب نقلها على وجه السرعة إلى جناح المجانين بمستشفى محمد الخامس بأسفي لتلقي العلاجات اللازمة، ويحكي أخ إيمان الشاب يوسف أنه بالفعل رافق أخته إلى مستشفى محمد الخامس بأسفي يوم الجمعة 06 فبراير 2009 وتسلمها منه ممرض وممرضة داخل جناح الأمراض العقلية وحقنوها بحقنة ووضعوها في معزل خاص شبهه محدثنا بمرحاض عمومي! لم يتم تنظيفه منذ مدة طويلة، وأكد على أن المعزل الخاص الذي وضعت فيه إيمان لا يليق حتى بالحيوانات، ولا يمكن إلا أن يضاعف من حدة المرض، ومع ذلك سلم أمره لله، وقفل عائدا إلى البيت بمدينة اليوسفية ليطمئن والدته ووالده اللذين لم يقويا على مفارقة إيمان نظرا لحالتها النفسية الصعبة، وباعتبار أنها ابنتهما البكر والوحيدة التي كانا يتمنيان أن تصبح كسائر بنات الحي، بعد ذلك اشتاقت الأم «لغزال» لرؤية ابنتها إيمان، فقررت أن تزورها يوم الاثنين 09 فبراير الجاري، وفعلا تم ذلك بعدما تدبرت أمرها ماديا ومعنويا، لكنها أصيبت بخيبة أمل لما وقفت على الحالة المزرية لابنتها، حيث انعدام النظافة والأكل والدواء والمراقبة، وما إلى ذلك من حاجيات أساسية ضمانا لإنسانية إيمان، ومع ذلك لم تتردد في أن تبقيها بالمستشفى رغبة منها في أن تظفر بعلاج وتطبيب يساعدها على الخروج من محنتها النفسية والاجتماعية، الشيء الذي دفعها لرؤية طبيبها النفساني المختص الدكتور (ل.ع) الذي حسب أقوالها تعامل معها بشكل إيجابي وطمأنها عن حالة إيمان، على أساس الاستمرار في تلقي العلاج والمداومة على أخذ الدواء، نوهت به وبتعامله معها، مما أثلج صدرها، لكن تضيف الأم أنه خلال الزيارة الثانية يوم الجمعة 13 فبراير، فوجئت بأحد الممرضين المشرفين على الجناح يمنحها ورقة لشراء مجموعة من الأدوية، علما بأنها لم تكن تحمل معها ما يلزم لمواجهة مثل هذه الطوارئ ، ومع ذلك لجأت لأحد الأقرباء بأسفي الذي منحها مبلغ 200,00 درهم لتغطية كلفة فاتورة الدواء، الذي سلمته للمرض المذكور، لكن خيبتها وصدمتها كانت كبيرة حين وجدت ابنتها إيمان مطرودة ومرمية خارج جناح المرضى عقليا، دون سابق إعلام بحجة أنها أنهت فترتها الطبية المخصصة لها من طرف الطبيب النفسي المشرف على علاجها، وأنه من الضروري نقلها إلى البيت، وتؤكد لغزال أنها لم تصدق ما رأته بأم عينيها بعدما واجهت أمر نقل فتاتها لوحدها وبدون معين من أسفي صوب اليوسفية، والدموع تنهمر من عينيها، حيث قالت متسائلة: «أية قسوة هذه التي يتعرض لها المواطن البسيط والمغلوب على أمره من طرف ممرض لا يقيم وزنا لمعاناة المرضى وذويهم، ويطلب أدوية بمبلغ 200,00 درهم والمريضة مرمية خارج القسم» هذا جزء يسير من معاناة أسرة بكاملها لم تعد قادرة على مواجهة تكاليف الحياة في بساطتها، فكيف لها أن تضمن العلاج لرب الأسرة الطريح الفراش، وتجابه متطلبات الابنة البكر إيمان التي تحتاج إلى رعاية خاصة من طرف ملائكة الرحمة المختصة والمسؤولة عن جناح الأمراض العقلية بمستشفى محمد الخامس بأسفي، لهذه الأسباب تتوجه الأم لغزال وزوجها بوجمعة إلى المندوب الإقليمي بأسفي ومدير مستشفى محمد الخامس ومن خلالهما إلى وزيرة الصحة بضرورة إرجاع إيمان إلى المستشفى وتقديم خدمات صحية وعلاجية في مستوى ما تتطلبه حالتها النفسية، وتناشد الأسرة دوي الأريحية أن يقدموا لهم الدعم المعنوي قبل المادي لمآزرة إيمان في محنتها وتوفير ما تحتاجه من أدوية .