لماذا قضت محكمة الاستئناف بسلا، يوم الخميس الماضي ببراءة المتهم حسن الحسكي، الذي وجهت إليه تهمة «تكوين عصابة إجرامية قصد القيام بأعمال إرهابية، في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس بالنظام العام»، بل وكانت أجهزة الأمن المغربية تصفه بزعيم الجماعة المغربية الإسلامية المقاتلة؟ وقع خبر البراءة كالصاعقة على بعض المتتبعين، وخاصة من وسائل الإعلام الإسبانية، التي كانت تنتظر إدانته، كما سبق أن فعلت هذه المحكمة مع متهمين آخرين لهم علاقة بتفجيرات مدريد. لقد سبق للحسكي أن حكم عليه القضاء الإسباني بأربع عشرة سنة سجنا بتهمة المشاركة في الأعمال الإرهابية التي شهدتها العاصمة الإسبانية مدريد، سنة 2004 ، وسلمته للسلطات المغربية بناء على طلب أجهزة الأمن المغربية التي تتهمه بأنه من المخططين الرئيسيين لتفجيرات مدينة البيضاء سنة 2003 . غير أنه من خلال قراءة متأنية للملف الذي أنحز من طرف قاضي التحقيق يلاحظ أن ما يؤاخذ على الحسكي هو ارتباطاته بأشخاص وأسفاره الكثيرة، حيث كان قد بدأ اتصالاته بالمجموعات الأصولية في مدينة أكادير، قبل أن يسافر إلى سوريا ويلتحق بالمدرسة الدينية «الفتح الإسلامي» بدمشق. كما زار إسبانيا حيث ربط الاتصال بجمال زوكام أحد أبرز المتهمين في عملية مدريد. غير أن سلطة الاتهام استندت إلى هذا النوع من الأنشطة لتخلص أنه بدأ بتكوين خلايا إرهابية ببلجيكا وفرنسا، حيث أخذ في تجنيد عدد من المغاربة في هذه الخلايا. ورغم أن الحسكي نفى كل التهم الموجهة إليه، فإن قاضي التحقيق استند إلى هذه الاتصالات ليخلص إلى أنه مذنب وأن كل علاقاته تدخل في إطار الجماعات الإرهابية. وحسب ما ذكره دفاع المتهم، فإن كل الذين نسبت إليهم تصريحات تورط الحسكي في العمل الإرهابي، قد نفوا ذلك عند قاضي التحقيق، بل إن بعض ماجاء في محاضر الشرطة يتحدث عن علاقات في سنتي 2005 و 2006، في الوقت الذي كان فيه الحسكي معتقلا في إسبانيا. الآن من الواضح أن النيابة العامة ستستأنف الحكم، لكن هل لديها قرائن جديدة في الموضوع؟ ومن المؤكد أن الحكم بالبراءة على الحسكي سيحرج السلطات القضائية الإسبانية نفسها، والتي سلمته، بشكل مؤقت لمدة ستة شهور، بناء على ملف توصلت به من طرف السلطات المغربية. وقد صرح دفاع المتهم أنه حتى في إسبانيا لم يتمكن الحسكي من الدفاع عن نفسه حسب ما تقتضيه أصول المحاكمة العادلة. ومن المتهمين الذين حوكموا في قضية تفجيرات مدريد، وكانت السلطات السورية قد سلمته، عبد الإله أحريز، حيث تمت إدانته من طرف المحكمة بسلا في شهر دجنبر الأخير بعشرين سنة سجنا، معتمدة على حجج تسلمتها من البوليس الإسباني. وتتمثل هذه الحجج في اكتشاف الحمض النووي لأحريز في سروال ومشط وجدا في أحد المنازل التي استعملها الإرهابيون في مدريد. أما المتهم الآخر الذي حوكم في نفس الملف من طرف محكمة سلا، فهو هشام أحميدان، الذي أدين بعشر سنوات سجنا من طرف العدالة المغربية، مستندة إلى الحجج التي قدمها البوليس الإسباني، والمتمثلة في اكتشاف بقايا متفجرات في سيارته بإسبانيا وكذلك وجود بصماته في أحد المنازل التي استعملها الإرهابيون.