بعد خمسين سنة من استقلالنا، مازلنا نصارع من أجل محاربة الغش في اللوائح الانتخابية، ونصارع من أجل أن يتم التسجيل كما نشتهي. بعد خمسين سنة، مازلنا نعتبر أن نصف مليون مسجل، في بلد يقدر عدد سكانه ب33 مليون نسمة، فتحا مبينا، أو على الأقل، شيئا عاديا تحت سماء بلاد عادية. ومازلنا نعتبر أن تشكيات الناس، ما هي إلا دليل على تنافسية انتخابوية لا تعيرها مكونات الحقل السياسي والإداري ما تستحق. وبعد خمسين سنة من الاستقلال، مازلنا نتحدث عن هروب 10 ملايين من صناديق الاقتراع، مسألة مزاج فقط، أو مسألة توقيت غير مناسب. نحن نحاول أن نحفظ للسياسة معناها بالاختباء وراء أحوال الطقس أو كآبة الأيام. بعد يومين فقط ستنقضي الفترة المخصصة للتسجيل، ولم نستطع أن نغري سوى نصف مليون مغربية ومغربي بالتسجيل. وهو ما يشكل ربع من انتخبوا في انتخابات2007! يبدو أننا نكتفي بهذا العدد لكي نحمي ربع الديمقراطية، في انتظار خمسين سنة أخرى بالحماية نصف الديمقراطية .. ويحدث ذلك في الوقت الذي يقاد فيه رؤساء جماعات ومستشارون إلى زنازن عكاشة وغيرها. سنصفق كثيرا لقوة القرار، ونصفق كثيرا لقوة التنفيذ، ونصفق قويا لأن الدولة استطاعت أن تفعل القانون في حيث يجب أن يفعل. وفي سجن عكاشة يلتقي اليوم رؤساء الجماعات الفاسدون والمستشارون الفاسدون ورجال الدرك الفاسدون ورجال السلطة الفاسدون الذي توبعوا في قضايا ذات علاقة بالتسيير الجماعي. كما يلتقي فيه أيضا الذين توبعوا في قضايا المخدرات. فهل هي مجرد صدفة أن يساق في نفس اليوم متهمون من رجال الدرك والبحرية والقوات المساعدة ورجال سلطة في قضية تهريب المخدرات، ومتابعون من نفس الفصيلة متابعون في قضية الفساد الجماعي؟ لا صدفة في الفساد، بل الكل اليوم في عكاشة يمثل الوجه البشع للبلاد. وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن كل رجال السلطة وأسلاك الإدارة سيعلنون قيام دولة عكاشة العظمى، ويعلنون تراتبية موازية لتراتبية الإدرة في الهواء الطلق. والأساسي هو أن ترفض البلاد، التي تطمح إلى القانون ودولته، أية علاقات، مهما صغرت مع دولة عكاشة العظمى..