لا يصل مجموع المتابعين لبرامج التلفزيون العمومي الوطني بقنواته السبعة سوى نسبة مشاهدة أقل من الثلث، ويظل باقي المشاهدين المغاربة «حاركين» خارج الوطن عبر فضائيات أجنبية.. أقرت ندوة«المشاهد المغربي: أية حقوق» المنعقدة مساء يوم الخميس 8 يناير بالرباط فشل التدبير الإعلامي العمومي ببلادنا خاصة في شقه السمعي البصري المعتمد من لدن إدارة الشركة المغربية للإذاعة والتلفزة منذ عقود.. ودق المتدخلون ناقوس الخطر جراء الاختيارات السياسية المتبعة على مستوى مجموع برامج الشبكة التلفزية بالمغرب خلال السنوات الأخيرة. واستدل المحاضرون على ضياع حق الإخبار والمتعة والثقافة والترفيه لدى المشاهد المغربي انطلاقا من إحصائيات صادمة انتهت إليها مؤخرا تقارير مؤسسة«ماروك ميتري»، باعتبارها الجهة الرسمية الوحيدة التي أوكل إليها قياس نسب ومستويات المتابعة للتلفزيون المغربي، حيث لا يصل عدد المتابعين لبرامج التلفزيون العمومي الوطني بقنواته السبعة (القناة الأولى، قناة 2M، ميدي سات، الرابعة، السادسة، قناة محمد السادس - القناة السابعة - قناة الأفلام) سوى نسبة مشاهدة أقل من الثلث:( أقصى ما حققته قناة وطنية هي نسبة 21.2 نهارا و 18.1 ليلا للقناة الثانية ، بينما القناة الأولى 13.5 نهارا ثم 19.03 ليلا)، ويظل باقي المشاهدين المغاربة «حاركين» خارج الوطن عبر فضائيات أجنبية توفر لهم ما يرغبون فيه بنسبة تزيد عن الثلثين في المائة من عموم المشاهدين.. وحرصت الندوة التي قام بتسييرها رئيس «الجمعية المغربية لحقوق المشاهد»، وشارك فيها كل من الأستاذ العربي المساري كوزير سابق وكاتب وصحفي، والفاعل الحقوقي محمد الصبار وسط حضور متنوع وكثيف مكون من كتاب وفنانين وصحفيين ومهتمون، حرصت الندوة على الخروج بجملة توصيات . وموازاة مع ذلك شددت ندوة «المشاهد المغربي: أية حقوق» على خطورة ما تبثه بعض القنوات العمومية الوطنية، والتي تنحو لترسيخ تقليد ثقافي وفني ممجوج، يتعلق الأمر بسهرات السبت البالية، التي لا تعتمد على دراسات أو أبحاث أو منطلقات استراتيجية تهم ثوابت الشخصية المغربية وخصوصيات الأفراد والجماعات والجهات. وقد نبه المتدخلون إلى أن ما يقدم في سهرات السبت الرثة بالقنوات المغربية مخطط يروم لا ريب إلى خلق نموذج للمواطن المغربي العازف عن الحياة العامة والشأن الوطني العمومي الأساسي، وفق قصدية ترمي تنميط شخصيات كل المغاربة، وجعل سكان الشمال لا يجدون أنفسهم بتلفزيونهم العمومي رغم كونهم يدفعون ضرائب تسييره من جيوبهم، وسكان الجنوب وسكان الجهة الشرقية وسكان مناطق الداخلية كذلك.. وفي هذا السياق تنذر الأستاذ العربي المساري الصحفي والكاتب والوزير السابق مصرحا أن ما نشاهده اليوم في التلفزيون العمومي المغربي من برامج وكأن جماعة من المسؤولين والأشخاص يظلون طوال اليوم في سهر ليلي خاص وفي غمرة اللغو والهرج يحملون بأفكار وبرامج، وفي صباح الغد تعطي الأوامر لتنفيذ ما حلموا به.. وتلك مأساة كبيرة للتلفزيون المغربي . وتناول الأستاذ العربي المساري ضمن مداخلته قضايا مختلفة، منها استواء المشهد السمعي البصري قانونيا وتشريعيا تجربة «الهاكا»، أهمية المطالبة بالحقوق العامة للمشاهدين، تناسل الحقوق والواجبات من الثقافي إلى الإعلامي إلى السياسي، حق الجمهور في إصدار الأحكام، التلفزيون العمومي والمهام الأدوار الإستراتيجية، التلفزيون الخصوصي وآلية المتاجرة بالبضاعة، الحاجة إلى الفن والثقافة الرفيعة أمام سيل الرداءة المتزايدة، عقد السبعينات والثمانينات والتسعينات والدروس المحصلة من توجيهات الصحافة الوطنية (تجربة ندوات «المفهوم الجديد للتلفزة»)، خطورة الترفيه الفاسد على قيم المجتمع والفرد، عودة تلفزيون عهد البصري لمغرب العهد الجديد، قراءة في إحصاءيات دجنبر 2008 لماروك ميتري.. بينما ركزت مداخلة الفاعل الحقوقي محمد الصبار على محاور هي:الإعلام العمومي والديمقراطية، الإعلام العمومي الوطني والتورط في انتهاكات الماضي الحقوقي المغربي، خلاصات وتوصيات المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان، هل يعكس الإعلام العمومي السمعي البصري التنوع الجغرافي والثقافي والسياسي للمغرب، الفضائيات وتجربة الإنتقال الديمقراطي بإسبانيا، أرقام ووضعية نسبة المشاهدة في المغرب، هل أرقام نسب المشاهدة المتداولة بريئة، قانون الصحافة المغربي وارتباط الحق في الإعلام العمومي السمعي البصري بحقوق التعليم والصحة والكهرباء والماء..