توفي مشرد مغربي بفعل البرد. وقبله توفي مرضى بفعل البرد، وهم في رعاية وزارة الصحة. إذا صدقنا الإخوة في الحكومة المغربية، فإن موجة الأزمة العالمية لم تمسسنا بسوء، رغم الحرارة والحمى التي أصابت العالم، في سنة 2008، ولكن موجة البرد مع مطلع 2009 تخلف قتلى، حتى في عقر المستشفيات. الجو قارس وغير صحو في السياسة كما في الصحة. والأرض فيها الزليگ،(بوزلوگ). والأرض هنا بكل معانيها طبعا. الحطب غير موجود في بلاد تتوزعها القمم من الأطلس إلى الريف. والحطب في جبال الدرجة 12 تحت الصفر، ليس فقط أعواد وشجر قديم، بل أصبح المادة الخام للحياة. وعوض أن نمد الناس، تحت درجة الصفر بالخشب الضروري، نتلكأ وراء تبريرات تقنية تنتهي بالمعاناة الكبيرة للأطفال وللسكان، أو يتم تزويدهم بلغة الخشب، وهي، كما نعلم، غير قابلة للاشتعال، ولا يمكن أن تدفيء أحدا، بما في ذلك الفم الذي ينطق بها. لما يطالب بعض المسؤولين في أماكن بالأطلس بتقديم الدعم من أجل التدفئة، نرى أن وزارة المالية، كما هو الحال، ترفض إطلاق المساعدات، كما في ميدلت .. المسؤول الجالس في كرسي وثير لا يرى ما يبرر ميزانيات (بومزُّون .!) لكي يطلق القليل من الدراهم، لكي يستفيد المرضى في المستشفيات. ولعله سيكون من المفيد أن يخرج الموظفون من هذه العينة إلى البرد قليلا، عوض أن يتخذوا القرارات وهم في الحفظ... والصونا! إنها الفضيحة الساخنة في الموت البارد أن يموت المغاربة في المستشفيات أو في المستوصفات بسبب البرد القارس أو نقص في التدفئة. من يصدق بالفعل أننا بلغنا نسبة 80 % من الكهربة في القرى البعيدة وفي المدن الصغيرة، إذا كان البرد يقتل في العاصمة، ويقتل العواطف وقيم التضامن نفسها التي عشنا بها أمة كاملة ؟ وبطبيعة الحال، لن يلوم أحد المغاربة إذا بدت لهم المؤسسات الرسمية بدون قيم، لأن من لم يحركه مريض يموت في مستشفى أو مشرد يموت في الطريق، لن تحركه أية قيمة أخرى. والغالب تكون عواطفه مثلجة للغاية وموضوعة بالقرب من قطع الثلج في الغرفة العليا لثلاجته. لم يعد يخيفنا ثقب الأوزون، ولا علينا إن كان الانحباس الحراري سيزيد قليلا من الدفء تحت مسائنا، فسيكون ضروريا، في ما نعتقد إلى حين تجد الجهات المسؤولة طريقة لحل معضلة البرد. فمنذ اكتشفنا الثقب الذي أصيبت به المالية في «الأودون..!»