فشل صفقة اقتسام كعكة العاصمة الرباط بين أعضاء التحالف المسير لمجلس مدينة الأنوار مؤشر قوي على أن التحالف بني أصلا خارج السياسة وخارج منطق التدبير المجالي السليم وخارج الكفاءة وغيرها من الشعارات ..بل انتصر في تأسيسه منطق "اعطيني نعطيك" مناصب ومكاسب… وبعد منتصف الولاية أي سنتين ونصف من إعلان "النصر" وتعيين قيادية التجمع الوطني للأحرار عمدة للمدينة سيرا على النهج العام الذي اتبع في توزيع كعكة الحكومة، أعلنت الأغلبية الجماعية غضبها الشديد وكالت النقد والتجريح وأصدرت بلاغات وبيانات وتصريحات خطيرة تتحدث عن اختلالات في التدبير والتسيير، فمن انتقاد النظام الداخلي إلى "الرباط باركينغ" ..وليس أخيرا فضيحة المليار التي انتقدتها الأغلبية قبل المعارضة وعلى رؤوس الأشهاد، ولم يتحرك لا المجلس الأعلى للحسابات ولا قيادة الأغلبية، ولم نسمع بأي إجراء ولو رمزي تجاه العمدة التي استبيح مقعدها وأجبرت على الاستقالة، ولم نسمع حتى عن مجرد عتاب من رئيس الحكومة الذي اختار مرشحة بديلة ابنة رجل أعمال قريب منه وبعيدا عن السياسة .. تتمة الحكاية المضحكة المبكية تنطلق الاثنين القادم، حيث إعادة تشكيل مكتب جديد ورئيسة جديدة من نفس الحزب، ومن نفس التحالف، وكأن الأمر مجرد تغيير لسيدة بأخرى، والحقيقة أن وراء الإقالة فقط طموحات لأفراد لم ينالوا نصيبهم من القسمة الأولى، أي مجرد صراع مناصب ومكاسب وطموحات تتجاوز الأحزاب وتشخصن الصراع بين أفراد كادوا يشكلون لوبيات ضغط ومصالح لا يعرف كنهها إلا الراسخون في تدبير ملايير الرباط وأنوارها .. ما تبقى من عمر المجلس إذا انطلقت التجربة فعلا الاثنين القادم لن يمر بشكل سلس وهو ما نتوقع أنه لن يكون كذلك . قدر التجربة الرباطية أن تكون علامة دالة على العبث السياسي وقتل السياسة وإعلان صريح وضمني بأن مثل هذه السلوكات تزيد في رمي السياسة بالحجر ممن يرتكبون الخطيئة على رؤوس الأشهاد . بنهاية كهذه يكون المخطط الأصلي قد طوي إلى حين، والذي كان يقتضي مقايضة تسيير العاصمة الرباط بمدينة طنجة بين قياديين نافذين من الحزبين الأولين في التحالف الثلاثي، لكن مجريات الأحداث عصفت بأحلام بعض السياسيين في لعبة مصالح استراتيجية وحزبية، وصار مؤكدا أنها نهاية ربما حزينة قبل الأوان بات لازما معها إعمال البعد الأخلاقي والوطنية والتشاركية في تدبير شؤون بلادنا خارج التغول ومنطق الغنيمة !