أثار قرار سلطات مراكش بإغلاق الحمامات الشعبية ثلاثة أيام في الأسبوع لمواجهة معضلة ندرة المياه نتيجة حالة الجفاف التي تعرفها المنطقة، انتقادات واسعة من قبل أرباب هذه المرافق والمواطنين على السواء. ويأتي مبعث الانتقادات بالدرجة الأولى من كون السلطات خصت الحمامات الشعبية بهذا الإجراء دون الحمامات التركية وحمامات التدليك، التي تنتشر بشكل واسع في عدد من الأحياء وداخل المؤسسات السياحية وكذا في صالونات التجميل. واعتبر المنتقدون أن قصر إجراء الإغلاق على الحمامات الشعبية، يتحول بالنظر إلى الظروف المذكورة أعلاه، إلى عقاب للفئات الشعبية التي تؤمن حقها في النظافة بهذه المرافق، في حين تركت الفئات الميسورة التي تعد الزبون الأول لحمامات صالونات التجميل والحمامات التركية وحمامات التدليك، تتمتع بهذا الحق بدون قيد ولا شرط، كما لو كانت غير معنية بأزمة المياه، وكما لو كانت الفئات الشعبية هي المسؤولة عن إهدار هذه المادة الحيوية. وتعرف مراكش انتشارا واسعا للحمامات التركية والحمامات من الموجة الجديدة، حيث صارت أغلب صالونات التجميل التي تتكاثر بالآلاف في المدينة، تتضمن حمامات خاصة يستعملها الزبناء، وتعرف إقبالا كبيرا من قبل الفئات الميسورة، وأغلبها يشتغل خارج رقابة السلطات، حيث أن الكثير منها كان يشتغل في فترة الإغلاق الشامل في زمن الجائحة. ويتساءل المنتقدون عن جدوى إغلاق الحمامات الشعبية لثلاثة أيام، مع تكدس الزبناء في الأيام المتبقية بنفس وتيرة استهلاك مياه الاستحمام، ما عدا خلق ظروف صعبة للاستفادة من هذه الخدمة الحيوية بفعل الازدحام الشديد. وكثيرا ما نبه الخبراء في السنوات الماضية إلى خطورة الوضع المائي بمراكش، داعين إلى ضرورة مراجعة بعض السياسات المعتمدة في تنمية المدينة، ولاسيما في ما يخص الاستثمار السياحي، الذي ينطوي على استنزاف كبير للمياه بفعل المسابح الضخمة ( إلى حد تسمية بعضها بالبحار)، وكذا عدم إلزام الزبناء بأي ضوابط في ما يخص الكميات المستهلكة في الاستحمام بالغرف، إضافة إلى سياسة توسيع العرض المتعلق بملاعب الكولف. ويضاف إلى ذلك الاستغلال غير المشروع للفرشة المائية عبر إحداث آبار في الفيلات الفخمة. وسبق أن أكدت صور ملتقطة بالمنطاد لمنطقة باب إيغلي الانتشار الواسع للمسابح الخاصة بالفيلات المتواجدة بهذه المنطقة السياحية، دون الكشف عن مصادر تمويلها من الماء. في وقت تعاني فيه بعض المناطق، كتامنصورت انقطاعات متكررة في المياه الصالحة للشرب.وفي الوقت الذي تشير كل التوقعات إلى أن مدينة مراكش متوجهة إلى حالة حادة من الخصاص المائي، يستغرب المتتبعون كون المسؤولين لم يتخذوا، إلى الآن، إجراءات ناجعة للحد من إهدار المياه في الفضاءات التي تكلف كثيرا من الناحية المائية، ولاسيما المؤسسات السياحية، مكتفية باعتماد إجراءات تستهدف الفئات الشعبية، كما لو كانت هي المعنية الوحيدة بهذه الندرة.