كل من مرَّ من «اليوزي» وحضر إحدى مؤتمراتها سيعي جيدًا قيمة الانتصار الديبلوماسي وحجم الاختراق الكبير الذي حققته الشبيبة الاتحادية في مؤتمرها «اليوزي»، الذي انعقد بدولة بنما وانتهى بانتخاب شابة من الشبيبة الاتحادية ضمن لجنة المراقبة داخل «اليوزي»، لجنة المراقبة هذه تعتبر أهم لجنة بالاتحاد الدولي للشباب الاشتراكي لتسترد بذلك مقعدها بعد غياب طويل. انتخاب الشبيبة الاتحادية ضمن هذه اللجنة وبأغلبية ساحقة قابله السقوط المدوي لشبيبة «البوليساريو» في هذا المؤتمر، بعدما كانت في السابق تصول وتجول داخل «اليوزي»، وتعتبرها درعها الأممي الشبابي وامتدادًا لصوتها خاصة مع مرحلة سطوة الشبيبات الاشتراكية الاسكندنافية التي كانت متأثرة بفكرة « استفتاء تقرير المصير»، الذي لم يعد يتناسب مع الفكر الاشتراكي الديموقراطي العالمي، الذي يعيش وعاش تحولات عميقة انعكست على موقف شبيبات هذه الأحزاب التي تخلت عن كل ما ظلت تمثله هذه الأطروحات الاشتراكية الديموقراطية التقليدية التي كانت متأثرة لسنوات طوال بانهيار المعسكر الشرقي وثقل بعض القضايا التي ورثتها «اليوزي» عن تلك المرحلة منها الموقف الكلاسيكي من قضية الصحراء، الذي يبدو هذا المؤتمر ومن خلال الأصداء القادمة من هناك أن «اليوزي» تتجه لطي صفحة المواقف المتجاوزة من ملف الصحراء، خاصة منها الانحياز الكلي «للبوليساريو»، لصالح تبني مواقف أكثر واقعية، وتوافقًا مع قرارات مجلس الأمن وتوجهه السياسي لحل هذا النزاع المفتعل حول الصحراء، قد يبدو للبعض أن الإعلان عن هذا الموقف غير كافٍ لكنه في المرحلة الحالية وعلاقة بما كان يُطرح سابقًا فهو تقدم سياسي كبير لصالح دعم الأطروحة المغربية مستقبلا . الاختراق الذي تم تحقيقه هو اختراق نوعي، لا يمكن إلا أن يُنظر إليه بالكثير من الاعتزاز حول ما حققه هذا الشباب بهذا المؤتمر، بحيث حازت مرشحة الشبيبة الاتحادية على 96 صوتا من أصوات الشباب الاشتراكي العالمي مقابل 46 صوتا لمرشح شبيبة «البوليساريو»، في نكسة حقيقية وصفعة تلقتها «البوليساريو» في قلب منظمة ظلت تتعامل معها كواجهة خارجية ودولية لها. مؤتمر بنما طوى صفحة من تاريخها، وفتح الباب أمام مستقبل مغاير ستلعب فيه «اليوزي» دورها التاريخي الطبيعي، في تبني قضايا الشباب العالمي عموماً والمتبني للفكر الاشتراكي الديموقراطي/الاجتماعي خصوصًا من قضايا المناخ ومتغيراته، الهجرة واللجوء وقضايا التشغيل وحقوق الشباب الخاصة والعامة بعيدًا عن التوظيف السياسوي، الذي كان يتم سابقًا لهذا الإطار الدولي الشبابي حتى كاد يتحول إلى «جثة تنظيمية محنطة» ليتم أخيرًا إنقاذها من هذا التوجه ودفع هذه المنظمة، بفضل تحالف لمنظماته الشبابية الإفريقية واللاتينية والأوربية خاصة الغربية منها والعربية، إلى تبني مسار جديد أدى ليس فقط إلى انتخاب مرشحة الشبيبة الاتحادية لتولي مقعدها بلجنة المراقبة بل تولي شابة من شابات تونس منصب الرئاسة في سابقة تاريخية عاشتها «اليوزي»، وفي مؤشر على دور شباب وشابات «المينا» داخل «اليوزي» الذي بات فاعلًا ومؤثرًا في هذا التكتل العالمي الشبابي، الذي يضم أكثر من 120 منظمة شبابية منتمية للأحزاب الاشتراكية الديموقراطية العالمية. قبل سنوات عشنا تجربة فريدة من نوعها احتضنتها «اليوزي» متعلقة بتبادل الزيارة بين وفد الشبيبة الاتحادية وشبيبة «البوليساريو»، وكان أن سجل التاريخ أن كنا أول وقد نكون آخر من عبر عن موقف باسم الوطن متبني لمبادرة الحكم الذاتي، والمؤمن بالسيادة الكاملة على كامل أراضيه من داخل المخيمات، وتحت مسمع ومرأى من قيادة «البوليساريو»، حيث صرح الراحل امحمد خداد، أحد قياديي الجبهة الانفصالية، أنه قد شعر بأنه ليس أمام شباب حزبي بل وكأنه أمام وفد مفاوض رسمي، بسبب ما عبَّرنا عنه من مواقف داعمة للأطروحة المغربية آنذاك في جل اللقاءات التي نُظمت بالمخيمات، فكان لأول مرة يتم إنجاز تقرير متوازن حول القضية الوطنية من طرف «اليوزي»، تم إقباره للأسف بسبب التحكم الذي كانت تعيشه «اليوزي» من طرف بعض القيادات الشبابية الاستكندنافية آنذاك وراح ضحيته قيادية من شبيبة الحزب العمالي الاشتراكي الإسباني التي كانت مدافعة عن تبادل الزيارة إضافة لقيادات أخرى داخل»اليوزي»... منذ تلك اللحظة إلى اللحظة الحالية الأكيد أن عملا كبيرا تم القيام به داخل «اليوزي» انتهى بهذا الإنجاز الكبير الذي يعكس أهمية دبلوماسية الشباب الحزبي في الترافع عن القضية الوطنية، وفي دعم قضايا الشعوب العادلة...وفي كون التحرك العقلاني والاستراتيجي قد يؤدي إلى تحقيق نتائج تتجاوز التنظيم لتنعكس نتائجها السلبية على قضايا الوطن. هي مرحلة جديدة تعيشها «اليوزي» لعب وسيلعب فيها شباب «المينا» دوره في إبراز قضايا المنطقة من الهجرة، التنمية إلى استغلال الأطفال في التجنيد القسري بالقارة الإفريقية، إلى ارتباط الفكر الانفصالي بالإرهابي...وغيرها من القضايا الكبرى التي يُنتظر أن يُعاد طرحها داخل هذا الفضاء، والأكيد أن كل هذه الديناميات ستنعكس على المغرب بشكل إيجابي الآن ومستقبلًا.... في نهاية المطاف هي دبلوماسية الشباب...